عرض مشاركة واحدة
قديم 20 / 08 / 2016, 45 : 11 PM   رقم المشاركة : [1]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

دعوة إلى فنجان قهوة....

الأعزاء في (نور الأدب).. مساء الخير لكم جميعاً..
في ضوء ترحيب البعض بالاقتراح الذي طرحتُه قبل أيام..، وأقصد اقتراح البدء بتوسيع تعليقاتنا على ما ننشره من نصوص إبداعية في الموقع، تمهيداً لتحويلها إلى أحاديث نقدية خفيفة غير مُقيَّدة بالتزام قواعد أيِّ مدرسة نقدية، ورغبةً في فعل أمور أخرى كثيرة ذكرتُها هناك ونسيتُها هنا، حِرْتُ بأي نصٍّ أبدأ تجربة تجسيد هذا الاقتراح واقعاً..
ومصدر حيرتي كان خشيتي من احتمال أن أُضايق صاحب النصِّ الذي أختاره لبدء التجربة.. فماذا إِن لم تُعجبه تجربة هذا النوع من النقد على نصٍّ من نصوصه؟..
في الحالات العادية، ولو كنتُ أريد ممارسة النقد خارج هذا الموقع، لما فكرتُ لحظةً بمراعاة مشاعر صاحب النص الذي أُريد نقده.. لقناعتي التامة بأنْ لا مجاملةَ في النقد، وإلا أصبح مدحاً ممجوجاً أو تملقاً أو أيَّ نوع آخر من الكلام إلَّا النقد..
لكنْ في موقع نور الأدب، الأمرُ، بالنسبة لي على الأقل، يختلف تماماً، فهنا أخوةٌ وأصدقاء وأحباب..!
هل يعني هذا الكلام جوازَ انحراف خطِّ النقد عن الجدية والموضوعية إذا كان صاحبُ النصِّ المراد نقده صديقاً أو حبيباً أو أخاً أو... أو...؟
بالتأكيد لا.. ولكن في مثل هذه الحال، قد يكون من الواجب اختيار الكلمات والعبارات بدقة ومهارة لتخفيف وقعها على سمعه ونفسه، وتحويلها إلى ما يشبه همسَ النصيحة في أُذنِ من نُحب إذا وجدناه أخطأ عن غير قصد.. فلا تقريعَ ولا تعنيفَ ولا سخريةَ ولا هزء ولا محاولة لتوسيع الخروق بتسليط الأضواء القوية عليها وعلى ما في النصِّ من عيوب أخرى سواء كانت عيوباً في الصياغة أو أخطاء لغوية ونحوية وإملائية وما أشبه..
نعم.. فبهذا النوع من الهمس الذي يُشبه الهمس بين أصدقاء وأحباب، يمكن أن نُمارس نقداً يتجاوز عبارات المجاملة التي اعتدنا أن نصوغ بها تعليقاتنا على ما ينشره كلٌّ منا في الموقع، من جهة، ويُبيِّنُ، في ذات الوقت، ما نلاحظه ونعثر عليه من أخطاء وهنات دون تجريح من جهة ثانية.. أي ننقد لنُنَبِّهَ صاحب النصِّ إلى ما يَعيب نصَّه من أخطاء، بهدف دفعه إلى تفاديها مستقبلاً، وبذلك نُساعده على تطوير موهبته وتمكينه من امتلاك أدوات فنه واستخدامها بشكل صحيح وخبرة أفضل، إنْ كان مبتدئاً، دون ممارسة دور الأستاذ عليه..؛ وإذا كان مبدعاً كبيراً ومحترفاً نبهناه إلى ما قد نجده في نصه من هنات وقعَتْ سهواً، وقلَّما ينجو منها نصٌّ أدبي أو فكري، أيّاً كانت براعة مؤلفه وشهرته ودرجته..
وبصراحة لأنني لم أعتَدْ هذا اللون من النقد اللطيف، ولم أُمارسْه قبلاً، ولرغبتي في تجربته أيضاً ورؤية نوعية ردود الفعل عليه ونوعية نتائجه؛
ثم لأنني بقيتُ متردداً في اختيار النصِّ الأول الذي سأبدأ فيه تجربتي، ، على الرغم من كلِّ الاحتياطات التي ذكرتُها آنفاً،
ثم لأنني بعد أن بحثتُ مراراً وتكراراً في المنشور من النصوص حديثاً، وأَجَلْتُ فيها بصري وباصرتي، واخترتُ أحدها ليكون الأول في هذه التجربة، رحتُ أتصوَّر أنماط الأحاديث التي يُمكن أن يُديرها أعضاء الموقع وزواره الكرام حول هذا النصِّ المختار، فإذا بي أُحجم عن اختياري له، خصوصاً بعدما وجدتني عاجزاً عن التوصُّل إلى جواب صاحبه لو سألني عاتباً: لماذا بدأتَ تجربتكَ بي؟
لذا، وتفادياً لإحراج البدء، إذا جاز التعبير، رأيتُ أن يكون النص الأول لي، وأن أدعو الجميع إلى التعليق عليه، وأن ينتظروا ردودي على تعليقاتهم، ليعودوا ويُناقشوني بما قلتُه فيها، ومن أراد منهم أن يحاور عضواً آخر في تعليقه على ذات النص فَلَهُ ذلك..
ولتلطيف الجو أكثر، رأيتُ أن يكون النصُّ الأول الذي أطرحه أقربَ إلى الأدب الساخر، فكان قصة قصيرة/غير ساخرة بيني وبينكم/ابتسامة، أمَّا عنوانُ هذه القصة التي نشرتُها في (نور الأدب) بتاريخ 29/1/2011، وسأُعيد نشرها الآن، فهو (خبر كاذب)،..
بالطبع لكم مُطلق الحرية في التعليق على هذه القصة المسكينة كيف شئتم.. لا يتحرجَنَّ أحدٌ منكم أن يقول عنها أيَّ شيء يخطر على باله.. ليكتب الانطباع الأول الذي تَوَلَّدَ في نفسه عقب الانتهاء من قراءتها مباشرة، وليكتبه وينشره على الموقع دون تجميل أو تعديل أو تلطيف، ولا يخافَنَّ من أن يجرح مشاعري مثلاً، فأنا لا أتأثر بما يُكتَب عني، ليس لأنني بلا إحساس أيْ (متمسح) ـــــ لا سمح الله ــــــ بل لقناعتي العميقة بأنَّ من يريد أن يقرأ الناس ما يكتبه لهم، أيّاً كان نوعه، فعليه أن يكون قد أعدَّ نفسه لاحتمال ردود فعلهم أيّاً كان نوعها..، وإلا فليكتب لنفسه، وليُبقِ ما يكتبه طيَّ أدراجه..
ملاحظة /1/:
يمكن لمن يرغب أن يُعلِّقَ على حديثي الطويل هذا أيضاً، وليس على القصة التي سأُوردها بعده فقط أن يفعل، كما يمكن التعليق على النص والقصة معاً لمن يريد.. فكلُّ ما يُنشَر يمكن أن يكون، ودون استثناء، مادة للنقد..
ملاحظة /2/:
بعد تجربة البدء هذه، سأترك لكم حرية اختيار النص التالي لنصِّ قصتي التي اخترتُها للبدء بهذه التجربة، هذا إن أعجبتكم التجربة أصلاً، فإن لم تُعجبكم، طويناها إلى غير رجعة...
وتقبلوا مني فائق الاحترام والتقدير..

خبر كاذب
قصة محمد توفيق الصواف
في ذلك الصباح المشؤوم، جلست إلى طاولة الإفطار، قبالة زوجتي التي بدت لي، لكثرة ما تحمله من هموم، أكبرَ من سيدنا نوح عليه السلام...
كنا هادِئَين كعادتنا كلَّ صباح، ينظر كلٌّ منا إلى الآخر، دون أن تنتابه أيُّ مشاعر من أيِّ نوع، ونتناول إفطارنا بصمت وملل، وكأننا في وليمة مأتم، نأكل بعد عودتنا من دفن عزيز...
مراراً غادرت طاولة الإفطار دون أن أتوقف عن الأكل، غادرتها بشرودي لا بجسدي.. أفكارٌ كالغيوم السوداء الثقيلة كانت تتلبَّد في سماء عقلي المضطرب، فتجعلني أخلط الزعتر بالمربى بدل الزيت، وأحمل اللقمة إلى عيني أو أنفي أحياناً... ومع ذلك لم تكن هذه التصرفات لتجعل زوجتي تبتسم مجرد ابتسام، لأنها غالباً ما تكون هي الأخرى في دنيا غير التي تجلس فيها إلى مائدة الطعام، فإذا بها تأكل وتشرب الشاي بحركات آلية معتادة، دون أن تحس بطعم ما تأكل أو تشرب...
ذلك اليوم، أَخْرَجَتْنا طرقاتٌ سريعة على باب البيت من رحلة شرودنا.. قفزتُ قبلها إلى الباب وفتحْتُه، فإذا بجاري أبو أكرم يقول لي، وقد استحال وجهه إلى إشارة تعجب كبيرة ومضحكة:
-هل سمعت الخبر؟؟
-أي خبر؟
-افتح الراديو واستمع، وأنا على استعداد لأن أحلف يميناً بالطلاق أنك لن تُصدِّقَ ما ستسمعه..
تركتُه يكملُ حديثه على الباب الذي بقي مفتوحاً، وهرعتُ إلى المذياع... شَغَّلْتُه، فإذا بصوت المذيع في أول إذاعة، يتحدثُ عن انفجار هنا وآخر هناك، وضحايا بالعشرات قُتلوا دون أن يعرف أحدهم لماذا قُتل...
أَدَرْتُ مُؤَشِّرَ المذياع إلى محطة أخرى، لأسمعَ مذيعَها يخبر مستمعيه المساكين بأن الدولة الديمقراطية العظمى قد أغارت قواتُها صباحَ اليوم على إحدى الدول الرجعية ذات النظام الديكتاتوري، واحتلَّتْ جزءاً كبيراً من أراضيها، بعد أنْ أَسْقَطَتْ نظامَها الحاكم الذي ينتهجُ سياسة قمعية، وذلك بهدف تحقيق الديمقراطية والحرية لشعب هذه الدولة الذي سقط منه كذا ألف بين قتيل وجريح، جرَّاء الاجتياح الديمقراطي لأراضيه...
أَسرعتُ أُغيِّر المحطة مرة أخرى، فإذا بي أسمعُ مذيعاً آخر ينقل لي خبرَ زواج أحد الزعماء العرب من راقصة كانت تعمل في إحدى علب الليل الباريسية، وذلك توفيراً لأمواله التي جمعها من ثروة بلاده العامرة، بعد أن نصحه أحد المقربين بأن زواجه من تلك الراقصة أوفر لثروة البلاد التي كان يُبَدِّدُها على حبيبة القلب في الملهى كل ليلة...
شعرتُ بالغثيان، وظننتُ بجاري الظنون، لولا أن أسعفني المذيع في المحطة الرابعة التي انتقلتُ إليها، بذلك الخبر الغريب الذي راح يذيعه بصوت متوتر عال:
(سيداتي سادتي... جاءنا الآن ما يلي:
بشكل غير مُتوقَّع، أصدرَتْ الحكومات العربية مجتمعةً، صباحَ هذا اليوم، قراراً تُعلن فيه مباشرتها بإلغاء جميع الحدود المصطنعة بين دولها الشقيقة، وبإغلاق جميع السجون والمعتقلات في بلدانها، وإطلاق الموقوفين فيها، وخصوصاً سجناء الرأي المخالف، مع السماح لكلِّ أبناء شعبنا العربي العظيم بحرية التعبير في مختلف المجالات، أيْ برفع قوانين الرقابة على وسائل الإعلام والفكر...
وعلى الصعيد الاقتصادي، قرَّرَتْ حكوماتُ الدول العربية، دون استثناء، وابتداء من اليوم، وَقْفَ ضخِّ نفط بلدانها، ووَقْفَ تصدير سائر ثرواتها الطبيعية الأخرى، بالأسعار شبه المجانية، إلى الدول الاستعمارية. وبالمقابل، قررت الحكومات العربية مجتمعةً وَقْفَ استيراد أيِّ مواد استهلاكية من تلك الدول المعادية لشعبنا العربي العظيم..
وعلى الصعيد العسكري، اتخذ الزعماء العرب قراراً استراتيجياً بالغ الأهمية يقضي بتوحيد جيوشهم في جيش واحد، وتحت إمرة قائد واحد، لن يترددوا في استدعائه من كبار القادة العرب الكبار الذين رحلوا إلى الآخرة، إذا لم يجدوا بين العرب المعاصرين من يصلحُ لأن يكون هذا القائد الذي سَيَكِلُون إليه إنجاز مهمة بالغة الخطورة تتمثل بتحرير فلسطين والعراق، وباقي الأراضي العربية المحتلة من قبل الدول المجاورة، المعادية والصديقة...
وهكذا، وبهذا التطور المذهل في الأحداث، ونتيجةً له، تمكَّن القادة العرب من إعلان دولتهم الجديدة الموحدة، كدولة عظمى وحيدة في العالم... وقد أكَّدوا أَنَّ مظاهر الوحدة ستشمل كلَّ مظاهر الحياة العربية، بما في ذلك جعل بداية شهر رمضان المبارك موحدة بالنسبة لكلِّ "الولايات العربية المتحدة" ـــــــ وهذا هو الاسم الذي اختاروه لدولتهم العظمى ــــــــ وجعل نهايته وبداية عيد الفطر السعيد واحدة أيضاً، تماماً كما كان عليه الحال في أيام الاستعمارين المملوكي والعثماني...
أما بالنسبة لحرية المعتقد، فقد تمَّ الاتفاق على أن يكونَ رائدَ الجميع في ذلك قولُه تعالى: (لا إكراهَ في الدين).. أي أن "الولايات العربية المتحدة" سوف يكفل دستورها الجديد حرية المعتقد حتى لمن لا يعتقدون إلا بأنفسهم، ما داموا لا يُؤذُون الآخرين....)...
للوهلة الأولى ظننت أنني أحلم، وأنَّ ما أسمعُه مجرد صوت نَبَتَ في الحلم ولا أصل له في أرض الواقع.. وحانت مني التفاتة إلى وجه زوجتي أستطلعُ أثرَ سماع الخبر في وجهها، فرأيتها تتثاءب، فعلمتُ أنها لم تتأثر، الأمر الذي جعلني أغضب وأصرخ في وجهها مؤنباً وموبخاً، وهو ما لم أفعله منذ سنين طويلة، بسبب اعتيادي على التنفس تحت الوحل... لكن المسكينة ما كادت تستفيق من سكونها الأبدي وتسمع الخبر من فمي حتى تَغَيَّرَتْ ـــــ والحق يُقال ـــــ تغيراً كلياً، فأسرعَتْ تَكُمُّ فمي بيدها لئلا يسمعني أحد، وتكون نهايتي ونهايتها فيما أرويه.. ولكن حين أكدتُ لها أنني سمعتُ الخبر من الإذاعة، تَغَيَّرَتْ ملامحُها وفرحَتْ فرحاً عظيماً عبَّرتْ عنه بإسراعها لإلقاء نفسها من الطابق الرابع، كما فَعَلَتْ المنتحراتُ الشهيراتُ حزناً على وفاة المرحوم عبد الحليم حافظ، حين سمعن خبر وفاته، لكن الله سَلَّمَ بالنسبة لزوجتي المصون، إذ تَدَارَكْتُها في اللحظة المناسبة...
حين عادت إلى رشدها، نَبَّهَتْني إلى أمر صحيح غفلتُ عنه..
ـــــــ ماذا لو كان الخبر الذي سمعتَه كاذباً؟ لماذا لا تحاول سماعه من محطة إذاعية أخرى؟ إنَّ مثل هذا الخبر لابد أنْ يستأثرَ باهتمام كلِّ الإذاعات العربية وغير العربية..
فسارعتُ أُطَمْئِنُها:
- لقد فعلتُ ذلك، قبل أن أصل إلى المحطة التي أذاعت الخبر..
فَرَجَتْني أن أعيد المحاولة مرة أخرى لِلتَثَبُّتِ لا أكثر.. فوافقْتُ.. ولكنني لم أسمع هذا الخبر إلا من تلك الإذاعة، فدخل الشكُّ إلى نفسي، ورحتُ أفكر في أمور كثيرة متضاربة... ولم يخرجني من دوامة تفكيري تلك، سوى الضجيج الهادر الذي تناهى إلى سمعي وسمع زوجتي من الشارع...
نظرنا فإذا الناس جميعاً في الشوارع يهتفون ويهزجون فرحاً بالخبر الذي بَثَّتْهُ تلك المحطة، والذي سرى فيهم سريان النار في الهشيم، فانفجر المكبوت من أيام الصحابة والأمويين والعباسيين دفعة واحدة، وعمَّ الفرح جميع أرجاء الوطن العربي...
لم أنتظر ريثما أُغيِّر ملابسي، فنزلتُ إلى الشارع بالبيجاما... أما زوجتي الحَيِيَّة فلم تنتبه إلى نفسها إلا في الشارع، حيث لاحظتُ ولاحظَ كثيرون غيري، أنها نزلَتْ بثياب النوم الشفافة... ولكن ما هَوَّنَ عليها وعليَّ الأمر أن معظم نساء الوطن العربي، حتى المحجبات منهن وزوجات الموصوفين بالأصولية والتزمت، قد نزلن إلى الشارع مثل المجنونات لا يدرين ما يلبسن، ولا يشعرنَ بما يَفْعَلْنَ، بسبب طغيان حالة الفرح على عقولهن... بل لاحظتُ، وأنا أبتسم، أنَّ جاري (أبو خالد) قد نسي بأن سرواله الداخلي الذي نزل فيه إلى الشارع، هو في الأصل، كيس طحين من مخلفات هدايا الولايات المتحدة الأمريكية إلى شعوب العالم الثالث...
فجأة، وبينما الناس ترقص وتغني فرحاً، طوَّقتْ قوات الجيش والشرطة، في أغلب البلدان العربية، جماهيرها الغفورة، وراحت تُفَرِّقُ جموعها بالعصي والرصاص الحيّ، حرصاً على النظام والأمن.. بينما طغتْ أصوات المكبرات المثبتة فوق سيارات عسكرية جوَّابة، على أصوات الجماهير الفرحة، وهي تعلن أنَّ الخبر عن قيام وحدة عربية كان خبراً كاذباً، ومغرضاً يهدف إلى زعزعة الأمن وتهييج المواطنين العرب دون فائدة..!! وأنَّ هذا الخبر الذي بَثَّتْهُ محطةٌ إذاعية معادية للأمة العربية وشعوبها ومصالحها وآمالها القومية والوطنية ومستقبلها، هو خبرٌ عارٍ عن الصحة...!!! ولذلك فإن الجهات العربية المسؤولة سوف تضرب بيد من حديد وربَّما من فولاذ ومن مختلف اللدائن الأخرى الأقسى والأكثر صلابة، كل من تُسَوِّل له نفسه، كائناً من كان، تصديقَ مثل هذا الخبر (الحقير) وإشاعته..
وهكذا عاد الناس إلى بيوتهم حزناً يجرجر قدميه على إسفلت الواقع، ودموعاً سخينة تنهمر على مساحات شاسعة من الخيبة، تُقَدَّرُ بمساحة الأرض العربية المحتلة، من المحيط إلى الخليج... وقد بلغت الخيبةُ ذروتَها والألمُ مداه، حين اتفقت جميع إذاعات العالم المتحضر والمتخلف، على بثِّ ضحكة مجلجلة هازئة من عواطف الشعب العربي الكبير....

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس