التفاتة غاوية
قالت له وهي تمضي نحو الهاوية، أنظر مليا إلى جسدي الذي ملأته التجاعيد وإلى أسناني التي أسقطتها عليك وعلى أمثالك، كنت كالزهرة البرية في الحقول وأصبحت كالفطر المسموم في المزابل الذي يهابه الجميع... بعد أن كان الرجال يحومون من حولي كالكلاب الضالة أصبحت وحيدة في محطتي الأخيرة... لم يعد أحد يأبه لأمري، حتى جسدي لم يعد قادرا على حملي... أحسه أحيانا ينتقم مني... رفعت رأسها إليه فوجدته ينظر إليها باستغراب وقبل أن يهجرها كالبقية قال لها: إن البحر الذي دخلته بقدميك هاتين راكضة خلف أمواجه العاتية لن يتركك ترحلين كما دخلته لابد أن تدفعي الثمن غاليا، وها أنت تدفعينه في الحياة قبل الممات ... لم تستطع حبس دموعها التي تساقطة كالحجر على خديها عندما أدركت أن خطيئتها لا تغتفر، فاختارت الارتماء في أحضان الموت بملء إرادتها عوض أن يأتيها وهي طريحة الفراش متأكلة الأطراف ويسحبها من رجلها اليسرى أمام من فاقتهم حسنا وجمالا ذات يوم.
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|