03 / 09 / 2016, 39 : 09 PM
|
رقم المشاركة : [23]
|
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
|
رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
الاستعمار و التبشير [align=justify]
الاستعمار و التبشير كتاب قيّم صدر في لبنان من تأليف الدكتوران مصطفى خالدي و عمر فروخ يتحدثان فيه عن بواعث التبشير في الشرق و إفريقية ووسائله الخبيثة ويكشفان عن حقيقة التبشير كوسيلة للاستعمار الغربي، وأدناه نضيف من فصول هذا الكتاب على شكل مقالات مختصرة .
الفصل الأول
بواعث التبشير
يظن الكثير أن المبشرين يسعوَن في نشاطاتهم إلى نشر حياة روحية وسلام ديني في بقاع الأرض و لكن لو نظرنا إلى البلاد الأصلية لهؤلاء المبشرين لوجدنا أنهم يعيشون حياةً مادية لا وجود للدين فيها إلا رمزاً و تقليداً لا يحمل أي معنى روحي فالغرب يعبد المال .. المادة .. فكيف يجتهد المبشرون في بلاد الشرق و يتركون بلادهم التي هي أولى من الشرق (بتعاليم المسيح) و (دين السلام) ... ؟؟!!
و سنجد فيما يلي من نقولات (من كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) كيف هي الحياة الغربية .
يقول الأستاذ الألماني المهتدي محمد أسد في كتاب "الإسلام على مفترق الطرق" :
(( لا شك أنه لا يزال في الغرب أفراد يعيشون و يفكرون على أسلوب ديني ويبذلون جهدهم في تطبيق عقائدهم بروح حضارتهم و لكنهم شواذ , إن الرجل العادي في أوربا ديمقراطياً كان أو فاشياً , رأسمالياً كان أم اشتراكياً عاملاً باليد أو رجلاً فكرياً إنما يعرف ديناً واحداً , و هو عبادة الرقي المادي و الاعتقاد بأنه لا غاية في الحياة غير أن يجعلها الإنسان أسهل ))أ.هـ
و يحدثنا الأستاذ جود (Joad ) رئيس قسم الفلسفة و علم النفس في جامعة لندن في كتابه (Guide to Modern Wickedness ) عن تجربته مع عشرين طالباً و تلميذة سألهم ((كم منهم مسيحي بأي معنى من معاني الكلمة)) و النتيجة إجابة ثلاثة منهم بالإيجاب و سبعة لم يفكروا في المسألة و العشرة الباقية صرحوا بمعاداتهم للمسيحية .. و لا يرى الدكتور (Joad ) أي غرابة في هذه النتيجة و يقول : ((إن الأحوال و الآثار في هذه البلاد لتدل على أن الكنيسة النصرانية ستموت في القرن الآتي !! ))
و ينقل لنا الأستاذ ( Joad) خبراً من صحيفة يومية عن رجل اخترع آلة تحوّل نُسخ الكتاب المقدس إلى حشو للبنادق و الحرير الصناعي و اللدائن ... هذه قيمة الدين في الغرب , لا بل إن الغرب استبدل هذا الدين بدين آخر و هو عبادة المال يقول الأستاذ (Joad ) في كتاب آخر (Philosophy for times ) : (( إن نظرية الحياة التي تسود هذا العصر و تحكم عليه هي النظر في كل مسألة و شأن من ناحية المعدة و الجيب ( stomach and poeket view of life) و يقول الصحفي الأمريكي المشهور ( Jhon Gunther) في كتابه ( Inside Europe) : (( إن الإنجليز إنما يعبدون بنك انكلترا سنة أيام في الأسبوع و يتوجهون في اليوم السابع إلى الكنيسة ))أ.هـ
و إلى جانب هذا الإفراط في الحياة المادية و اضمحلال أي أثر للحياة الدينية الروحية في الغرب ظهرت النزعات القومية و الوطنية لتكون أهم سبب من أسباب الحروب التي راح ضحيتها ملايين البشر .. يقول البروفسور أترني ((لأي شيء يدرس أولادنا تاريخ أمة أجنبية و لماذا يقص عليهم قصص إبراهيم و إسحاق ؟ ينبغي أن يكون إلهنا أيضاً ألمانياً ! ))
و تبع الترك الألمان في هذا الاتجاه فمجدوا أوصولهم و زعموا أنهم والمغول من أصل واحد و غالى بعضهم في ذلك حتى بحثوا عن عبادات أجدادهم و عن الذب الأبيض الذي كانوا يعبدونه ليحيوا هذه العبادات ! ..
فإذا كانت صورة المجتمع الغربي قاتمة بهذا الشكل فلماذا ينشط المبشرون في الشرق و إفريقيا ؟ ..
إن الأهداف المباشرة و القريبة التي يسعى المبشرون كأفراد إليها في عملهم هي حب المغامرات و الأسفار و السيطرة الشخصية للمبشر على من حوله و فرض رأيه ... و الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذه الأطماع هي الجمعيات التبشيرية فالمبشر يغادر من جمعية إلى أخرى حسب أهواءه فإن وليم بلغراف الإنكليزي قد دعته أطماعه الخاصة إلى أن ينقلب راهباً يسوعياً و يجادل البروتستانت قومه , و لمّا استغنى عن اليسوعيين عاد بروتستانتياً حتى أنه سمي الحرباء . و لكن المبشرون كلهم على اختلاف أهدافهم متفقين على عداوة المسلمين و لكنها عداوة سياسية دنيوية لا عداوة دينية ! ..
يقول القس زويمر رئيس مؤتمر المبشرين الذي انعقد في جبل الزيتون في القدس عقب الاحتلال الإنكليزي لفلسطين يقول مخاطباً جمع من المبشرين : (( مهمة التبشير التي ندبتكم دول المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست هي إدخال المسلمين في المسيحية فإن هذا هداية لهم و تكريماً و إنما مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله و بالتالي لا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها و بذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية و هذا ما قمت به في خلال الأعوام المائة السالفة خير قيام و هذا ما أهنئكم عليه و تهنئكم دول المسيحية و المسيحيين أحسن تهنئة لقد قبضنا أيها الإخوان في هذه الحقبة من الدهر ثلث القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا على جميع برامج التعليم في الممالك الإسلامية و نشرنا في تلك الربوع مكامن التبشير و الكنائس و الجمعيات و المدارس المسيحية الكثيرة التي تهيمن عليها الدول الأوربية و الأمريكية إنكم أعددتم نشأ (في ديار الإسلام) لا يعرف الصلة بالله و لا يريد أن يعرفها و أخرجتم المسلم من الإسلام و لم تدخلوه في المسيحية و بالتالي جاء النشء الإسلامي طبقاً لما أراده الاستعمار الأوربي )) .
هذه هي بواعث التبشير الحقيقية باعتراف المبشرين أنفسهم .. إن الإسلام عندما يحكم الشعوب يعمل على توحيدها و تذوب في ظله العصبيات للجنس و القومية و العرق فلا فرق لعربي على عجمي إلا بالتقوى و هذا ما يخافه الغرب لأنه يقف في وجه أطماعهم الاستعمارية و التبشير خير وسيلة لإضعاف المسلمين و إبعادهم عن إسلامهم .
يصرح القس سيمون ( Rev. G .Simon) بهذا الرأي بصراحة ووقاحة : (( إن الوحدة الإسلامية تجمع آمال الشعوب السمر (كذا) و تساعدهم على التملص من السيطرة الأوربية و لذلك كان التبشير عاملاً مهماً في كسر شوكة هذه الحركة)) .. و يكمل : (( إذا كانت الوحدة الإسلامية تكتلاً ضد الاستعمار الأوربي ثم استطاع المبشرون أن يظهروا الأوربيين في غير مظهر المستعمر فإن الوحدة الإسلامية حينئذ تفقد حجة من حججها و سبباً من أسباب وجودها ))
و بهذا نعرف أن هدف التبشير ليس هداية المسلمين إلى الديانة المسيحية باعتراف المبشرين أنفسهم فهم يرمون إلى إبعاد المسلم عن دينه لما عملوا من خطر المسلمين إذا رجعوا إلى دينهم و تمسكوا بتعاليم الإسلام و اتحدوا في وجه المستعمر .
و من أهم وسائل المبشرين في ذلك هي الافتراءات على الإسلام و أهله و الاستهزاء والتهكم بمظاهر الإسلام فهذا لطفي ليفونيان ألف كتباً تهكم فيها على أركان الإسلام و عاب تنزيههم لله سبحانه و تعالى !! و يزعم المبشر نلسن أن الإسلام مقلد أحسن ما فيه مأخوذ من النصرانية و يقول المبشر جون تاكيلي : ((يجب أن نستخدم كتابهم – أي القرآن الكريم – و هو أمضى سلاح في الإسلام ضد الإسلام نفسه لنقذي عليه تماماً وأن نري هؤلاء الناس أن الصحيح في القرآن ليس جديد و أن الجديد فيه ليس صحيح )) .
و زعموا أن الإسلام انتشر بالسيف و أنه قام على سفك الدماء و إخضاع الشعوب للإسلام بالقوة أم الذين يتعرضون لشخص الرسول صلى الله عليه و سلم فهم كثر فيقول هاربر أن محمد (صلى الله عليه و سلم ) كان عابد أصنام و سماه بعضهم كذاب مكة و يقول جسب أن الإسلام حكم على المرأة بالجهل و أفسدها و ضربها على فسادها .. إلخ من الافتراءات التي تنم عن جهل عميق و بهذا يشككون المسلم بدينه و يحرضونه على ترك الإسلام و لا يهم إن اعتنق النصرانية أم لا طالما أنه بعيد عن الله و عن أي رقيب على تصرفاته في حياته .. كما اعتمدوا على الجمعيات و الهيئات التبشيرية الخيرية و لكن هذه الوسائل لا تجدي نفعاً كبيراً ظاهراً يرضي أطماع المستعمر , فقد ظهر في عام 1932 كتاب اسمه "التفكير الجديد في أمر الإرساليات" ينص على وسائل عجيبة للتبشير , فالمبشرون وفقاً للأساليب الجديدة يفرضون على أنفسهم أن يكونوا مستعدين لأن يقبلوا بأمور تخالف العقيدة المسيحية فهم يقولون بوحدانية الله و يقبلون الرأي القائل بتعدد الإله على اعتبار أن الله يتشكل في مظاهر مختلفة .. و يقبلون تأويل عقيدتهم في بنوّة المسيح تأويلاً روحياً و لا يرون مانع من مصادقة عدوة النصرانية "الشيوعية" فالغاية تبرر الوسيلة , يقول تشارلس واتسون : ((يجب أن يظلوا – أي المبشرون – برآء كالحمام و لكن هذا لا يمنعهم أيضاً من أن يكونوا حكماء كالثعابين )) .
و مما يؤكد أن التبشير وسيلة استعمارية أن المبشرون لا يتفقون أبداً و إنما يتناحرون دائماً فالبروتستانت لا يكتفون بأن يظل المسيحي أرثوذكسي بل يجب أن يصبح بروتستانتياً و أن هوى الكاثوليك مع فرنسا و هوى الأرثوذكسي مع روسيا فإذا انتقل هوى هذان إلى البروتستنتية أصبح هواهما مع أمريكا بالدرجة الأولى و مع انكلترا بالدرجة الثانية و بهذا نرى أن أهداف المبشرين تبع لحكوماتهم الاستعمارية ....
حينما يتخرج الطبيب في كليته يقسم بقسم يسمى يمين أبقراط , مضمونه أن الطبيب يقصد في عمله نفع المريض فقط و يتعهد أن لا يستغل مهنته في ظلم أو جور إلخ ...
أما المبشرون فقد تعهدوا أن يخونوا الأمانة و يستغلوا آلام البشر في أعمالهم التبشيرية و أول من نقض العهد هم الأمريكيون في تركيا بإنشائهم عيادة طبية في سيواس (1) عام 1985 .
يقول الطبيب بول هاريسون في كتابه " الطبيب في بلاد العرب " ص277 :
((إن المبشر لا يرضى عن إنشاء مستشفى ولو بلغت منافع ذلك المستشفى منطقة (عُـمان) بأسرها , لقد وُجدنا نحن في بلاد العرب لنجعل رجالها و نساءها نصارى ! ))
و في عام 1924 أقام المبشرون مؤتمراً في القدس و اسطنبول و حلوان (مصر) و برمّانا (لبنان) و بغداد , و بحثوا خلاله التطبيب كوسيلة للتبشير (2)
و حين يقيم المبشرون المستوصفات و المشافي فقد سَهُلت المهمة و يستطيع الطبيب أن يطرح أفكاره الخبيثة بحريّة فيتودد للمريض و يزوره في بيته و يجتمع بزوّار المريض و يقص لهم حكاياه مستغلاً حال المريض و زواره ..
و التطبيب لازم التبشير و سبق المؤسسات التبشيرية في الظهور خاصة في سورية فقد أقيمت المراكز الطبية و ما لبثت أن تحولت إلى جمعيات تبشيرية ..
و لا عجب إذا علمنا أن كبار الأطباء الغربيين الذين اشتهروا في بلاد العرب و أفنوا حياتهم فيها لم يأتوا إلا للتبشير !! منهم : آسا دودج , فورست , كارنيليوس , فانديك , جورج بوست , تشارلس كلهون , ماري أدي , و الدكتور تومسون (3)
من خداعهم للمرضى أنهم كانوا لا يعالجونهم حتى يعترفوا بأن الشافي هو المسيح كما فعلوا في بلدة الناصر في السودان , و في الحبشة لا تبدأ المعالجة قبل أن يركع المرضى (4)
و قد أعلن المبشرون عن هذه الأساليب بصراحة في كتبهم فهذا Richter يقول : (( في هذه المناسبات من التطبيب في مستوصف أو مستشفى يمكن للطبيب أن يخاطب المسلمين بكلام كثير لو سمعوا بعضه في مكان غير المستشفى و من شخص غير الطبيب لامتلأ غيظاًَ و غضباً (5)
و هذه غيرا هاريس تنصح الطبيب المبشر قائلة : (( لعل الشيطان يريد أن يفتنك فيقول لك : إن واجبك التطبيب لا التبشير , فلا تسمع منه (6) فاحترام المهنة عندهم وساوس شيطان واستغلال المرضى عمل طيب فليستحضر القارئ قسم أبقراط .
وركز المبشرون الأطباء على العناصر الهامة في المجتمع و ذلك للاستفادة من تأثيرها على أكبر عدد من أفراد المجتمع كما أنهم اعتنوا بالعنصر النسائي فأرسلوا الطبيبات المبشرات إلى المنازل و أقاموا مدارس التمريض على اعتبار أن الممرضة لا تعمل على تخفيف الألم عن المرضى فقط بل تحمل إليهم أيضاً رسالة المسيح (7)
-----------
(1) Addison
(2) Christian Workers 32-4
(3) cf Jeesup 37 . 108 . 804
(4) Milligan 101 – 32
(5) Richter 25 cf . Methods Of Missoins54
(6) Methods Of Missoins 105
(7) Cf MW Oct 1936 p283 [/align]
|
|
|
|