الموضوع: أقلام الطريق
عرض مشاركة واحدة
قديم 10 / 10 / 2016, 58 : 06 PM   رقم المشاركة : [15]
بشرى كمال
كاتب نور أدبي ينشط
 





بشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant future

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: أقلام الطريق

القلم الخامس

"يا إلهي هذا القطر لا يريد أن يتوقف... تبا لهذا القطر الذي لا يتوقف...سحقا لهذا المطر اللعين..." وقفنا نراقب مستوى الماء وهو يرتفع رويدا رويدا، وقلبي يدق كالطبل. و بلا طرق، و لا قرع، ولا أي صوت دخل الماء بيتنا كأنه من أصحابه. حينها انقطع التيار الكهربائي عن الحي بأكمله، واشتغلت المصابيح اليدوية بعد أن انتفض كل واحد منا من مكانه: كدست أمي أواني المنزل في خزانة المطبخ وأغلقت الأبواب؛ كي لا تتسرب أوانينا، طافية ، إلى الجيران وجيران الجيران، أو يدوسها أخوتي تحت أقدامهم. رفع أبي أوراقه، وكتبنا الدراسية إلى مرفع قريب من السقف صنعه بنفسه للطوارئ. وبدأ إخوتي يعلقون ملابسنا المكدسة في الأكياس على الجدران. و بينما نحن نشتغل كان الماء ينتشر في كل مكان. وسمعت نحيب أمي، فعلمت أن الفرش غرق في الماء كليا. كان للفرش منزلة خاصة في قلب أمي. وبدأنا نسمع الصراخ في الخارج. في تلك اللحظة أصبح بيتنا مسبحا بالكامل. إن المسبح في الصيف شيء مستحيل... هو غال... وليس للفقراء مثلنا، غير أننا في كل شتاء يأتينا المسبح إلى بيتنا الفقير، ونسبح حتى البكاء. نادتني أمي:
- فهد حان الوقت.
ورمت الكيس خاصتي في وجهي، وربطت الحبل المتصل به بيدي.
- الآن بني.
ودفعتني خارجا.
-أسرع ...مازال بإمكانك الخروج من هنا بأمان...لا لعب... لا نزهات...لا أحاديث...لا صداقات في الطريق. ولو غرقت في بركة الشتاء سأبرحك ضربا.
لم يطمئن قلب أمي حتى أوصلني أخي إلى المرتفع. رأيت الخيام في كل مكان هناك. وكانت منازل الحي غارقة في الماء ورائي.صاح أخي:
- إلى عمتي الآن... إذا أصابتك الحمى هذه السنة أيضا أنا من سأعاقب... وتعرف حينها ما الذي سأفعله بك.
ما أن ابتعد أخي حتى عدت للماء، وسبحت والمطر الشديد يضرب رأسي. وسبحت من زقاق إلى زقاق، أجر كيسي، حتى وصلت الجانب الآخر من الحي. تسلقت الأحجار بصعوبة حتى وصلت سور القصر. ركلت السور: "أكرهك أيها القصر، أكرهك أيها المطر اللعين الذي تبكي أمي كل سنة...يا إلهي أرسل عليهم كفافا... لا ليس هذه... عفافا ...لا لا، تلك التي تقولها أمي ...جفافا... جفافا...هي هي جفافا طويلا طويلا... لا ينتهي حتى أكبر، وأصبح وزيرا، وأبني سورا يمنع المطر اللعين من الوصول إلى بيتنا."
كان المطر لا زال يتقصّد رأسي."توقف...توقف عن رأسي...إني أكرهه إني أكرهه." أزلت الأغصان المتراكمة هناك، وتسللت إلى الكوة الصغيرة وكيسي يتبعني، ودخلت القصر. أسرعت إلى البيت الزجاجي، فتحت الباب، ورميت عظامي و"دماغي" على المقعد المريح، فأحسست بدفء جميل. لولا المطر لزرت المسبح، وتسلقت الأشجار، وأكلت من فاكهة الموسم. كل الأشجار هنا: التفاح، والأجاص، والخوخ، والبرقوق، والمشمس، والليمون.... لو كانت أمي صاحبة هذا القصر ما اضطرت للذهاب للسوق كل يوم. وتذكرت أمي، فأسرعت إلى الكيس ." لاحمى هذه السنة ... لا حمى هذه السنة ." نزعت الملابس المبتلة، واستبدلتها بالملابس الجافة. "ما الذي سقط هناك؟ آه... ذلك القلم الفاخر الذي وجدته...كم هو جميل رمي الأشياء من نافذة زجاجية ملونة. اِغرق في المطر...اغرق في الوحل أيها القلم اللعين...أكرهك أيها القلم...أكرهك أيها العالم... أكرهك أيها القصر...أكرهك أيها القصر."
بشرى كمال غير متصل   رد مع اقتباس