رد: قراءات في ((أدب إسرائيل وثقافتها))/المقدمة
[align=justify]أخي الحبيب محمد الصالح..
شعرتُ بقضائك وقتاً غير قصير، في تحضير تعليقك على هذه المادة.. بل لكأنِّي شعرتُ بتهيبك أيضاً من الحديث عن هذا الأدب، بل تراءى لي أنك كنتَ كمن يُكابد شعوراً بالذنب، لمجرد كتابتك مصطلح (أدب إسرائيلي).. وأُصارحُك بأنَّ هذا كلّه لم يُفاجئني، لأنَّني اعتدتُ على ردَّة الفعل هذه من كثيرين قبلك، وكلهم أخوة وأصدقاء، وبعضهم أساتذة لي..
أكثر من ذلك، لا أكتمك سرّاً، بأنَّني أنا نفسي عانيتُ مثل هذه المشاعر، في بداية دراستي لهذا الأدب، لكنَّ اكتشافي كَمَّ الحقد الهائل الذي تزخر به معظم نصوصه ضد العرب، وكَمَّ الافتراءات عليهم، جعلني أتجاوز مشاعري تلك، وشحذّ عزمي وشدَّ إرادتي وشجعني على بناء قدرتي للردِّ على ما تعجُّ به تلك النصوص من افتراءات وتفنيدها، والتصدي لما تزخر به من شحن للكراهية ضد العرب، ومن تزوير لتاريخهم وتشويه لصورتهم الإنسانية ولمعتقداتهم، على تنوعها.. ومِمَّا زاد إصراري على المضي في هذا الطريق الصعب، رؤيتي لقلة الذين انتهجوه من العرب.. فعلى الرغم من طول سِنِيِّ الصراع، لم يزيدوا على كونهم ثُلَّةً قليلة..
وكانت نتيجة قراري بالتصدي لهذا الأدب، أنْ قضيتُ معظم سنوات عمري أدرس ما استطعتُ الوصول إليه من نصوصه، وأحاول الردَّ على ما حوته مضامينها، عبر الصحف والمجلات والكتب تارة، وعبر برامج الإذاعة تارة أخرى، وفي الندوات العامة والاستضافات على العديد من الفضائيات تارة ثالثة.. وفي غمرة انهماكي بهذه المعمعة، غفلتُ عن مُضيِّ سنوات الشباب، ثم مغادرتي الكهولة وصيرورتي في مرحلة الشيخوخة، فلما انتبهتُ أدركتُ أنَّ عليَّ جمعَ ما أنفقت عمري في كتابته، في مكان واحد، وهذا ما أرجو الله أن يُمكِّنَني من تحقيقه..
أخيراً، أشكر لك تشجيعكَ لي، أخي الكريم، على المضي في هذا المشروع..
وتقبَّل محبتي وتقديري..[/align]
|