رد: زياد أحمد سقيرق.. في ضيافتنا
عودة للإجابت
أين هي فِلسطين الآن.. هل همشها ما سُميّ بربيع الثورات؟
فلسطين ....
فلسطينُ لم تسقطْ ، لكنّا حملناها في " بقجة " السفر ، في مفتاحٍ كبير صدئَ مع الزمن، كأنه مفتاح بوابة لقصر عتيق .
حملناها في كوفية الاختيار ، في "زنار ستي" ، في حكايات الكبار وهم يؤكدون أن نكهة البرتقال اليافي مثل طعم الفاكهة في الجنة ، وأن هواء الجليل نسائم أرسلها الله لعبادة في أرض الله لكي يستنشقوا قليلاً من نسائم الجنة .
أن فلسطين طريق الله للجنة .
فلسطين لم تسقط، هي في قلوبنا ، هل يوجد مكان أفضل من قلب عاشق حبيبته خلف الجبال البعيدة.
فلسطين في دفاتر الرسم عند أطفالنا ، في صورة الاختيار على جدراننا ، في كوفية الأحرار على أكتافنا ، في قصص غسان كنفاني ، في ابداع الغائب الحي ناجي العلي ، في نظرة حنظلة اليها، تخيلوا معي طفلاً في العاشرة ، ينظر لفلسطين ويرمي خلف ظهرة كل الدنيا الفانية .
فلسطين بنظره هي الباقية.
فلسطين موجودة عند شاب صغير هُجر إلى جنوب لبنان في النكبة، بحث عن أُمهِ في الزِّحامْ ، فعلم أنها خلف السياج وبقيت في أرض الله في الجنة ، حطم السياج وعاد، وقبل يد أمه فاعتقلوه، ازداد به الشوق لأمه فكتب لها أحن إلى خبز أمي، ثم كتب لنا قصة العودة ومزامير الصمود ، أظنكم عرفتموه ، فقد قالت لي أمي يوماً من لم يقرأ قصائد محمود درويش لن يدخل الجنة.
فلسطين موجودة في أغاني أمي وهي تغني للشط الغربي في عكا ، موجودة في ذاكرة أبي وهو يحكي لي عن ماريا التي تقاتل عليها كل شبان حيفا.
فلسطين موجودة عند ستة شبان جمعتهم زنزانة في سجون عبد الناصر في قاهرة المعز التي أذلتنا ، فخرجوا مؤسسين خليتهم الأولى ، وأطلقوا طلقتهم الأولى ، زغرودةً حُرَّة ، أنشودةَ العودة ، فصدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من صار رئيساً للسلطة الوطنية.
فلسطين أغاني العشاق التي غناها كل العرب في فرقة لقَبوها بفرقة العاشقين ، في مواويل " أبو عرب " في صوت ميس شلش ، في ابداع مارسيل خليفة ، في موسيقانا الحزينة ، في أهازيج الفرح يوم يتزوج شاب من صبية ، على رصيف المخيم تكون "التعليلة "، وتكون القضية.
فلسطين أمنا ، والأم عندنا امرأة اسمها ـ كما قال عزالدين المناصرة ـ جفرا ، من منكم لم يعرف جفرا فليدفن رأسه في الرمضاء ، لكن أمي قالت لي لا ترخي سهامك إلا يوم العودة.
9
فلسطين لم تسقط وإنما سقط حُكّام العرب.
|