رد: باحة على ضفاف الروح
[frame="1 98"][align=justify]اغتراب
الجوع ينهش لحم الحياة من جسد غربتي ..تمتد مائدة السنين فيأكل العمر الأنين ..يأكلني ..يمضغ هويتي..
يسقيني كأسا ضريرة ..مترعة .. لا من لبن سائغ ..لا من لذةخمر ..العسل يقطر صبرا مريرا على شفتي ومقلتي..
خديعة تقذف سهامها ألوان سحر ، وأسر .. تقطف الزهر الشباب..يملأ الماضي الغياب ..تجمع باقات السنين ..تكسر الشجر الحزين ..تحرق سياج حديقتي..
وألتفت أنظر إلى الوراء ..إلى الطريق البعيد ..المسافر خلفي بحقائب الحبق ، والأقحوان ..على جانبي الزمان ..وأحكي للرمال قصة حريق أنشبه اغتراب الروح.. فألفيت بلا جدوى على عنقي .. معلقة تميمتي..
وأقص للغبار أقصوصة النسيم البريء .. وحداء الشمال ..وأنغام الحفيف .. ورقصة برفقة النرجس،، وحمرة النعمان.. ورفقتي
سنوات تائهات.. غشيني سبات عميق ..نامت عيناي من العمر عمرا ..نامت زهور القلب.. بليل مصطنع على وسادة اختيار .. وبيداء ممهدة الرمال ،ظننتها ستعود إلى صحوها..وظننتني آنذاك ، في ذروة صحوتي..
أيام قلت أحبك أيها الواقف بيني ، وبيني ..وأراك ظلاّ على مرآتي ..وأراك ذاتي ! يا سيدي ..إني ماض صوب الأفق..أبحث عنك ..أبعثر الخطو في إثرك..لنبقَ معا..لا تمضِ حزينا مثلي ،تاركا آثار الليل .. لا تترك ريشة العمر تخطّ العذاب على جميع أوراقي ، وقلبي.. والزهر فوق طاولتي.. وزوايا غرفتي..
هنا على ذات الثرى.. لا وجود لك..ولست معي.. سوى في كهف من خيالي ..حملتك عينان تنظرني..وجها ..لا يملك جسدا ..شفتان ترتجفان لحظة اعتراف .. لحظة اقتراف خطيئة الحب ..خطيئتي ..
وأين الزمان ؟؟قدمان تمشيان في فؤادي .. تزعج النسيان .. ترجف القلاع رياح ذاكرتي .. تتواثب الذكرى ..على متن قصتي ..
كنتَ في العمر ظلي ..وأنت خصمي الماثل في جلدي ،وفي عظمي، وفي وجه المرايا ..في وجهي وفي كلي ..وبقية ببقيتي..
وأصبر في تيه الغربة ذاتي ..لربّ ليلة تأتي بها الأيام ..تحمل إبتسامات المساء..تحملني أرجوحة البنفسج للوراء تقذفني ..أجمع الروض القديم ..من أحجار بلدتي ..
تسرق الأصوات من سحابات الأنس التي.. أمطرتنا زخات الصخب ، حبات السهر.. في حافلات الثلج ، ومواكب المطر ..كم أزلفت من جنة .. على شفاه أحبتي!
ولم يأتِ الفجر بعد .. ولم تأت الغيمات تمطرني ..وأبى النهار عودة ..حتى ترى أرض انتظاري.. كل الحقائب والخطى ، تنبثق من ثنايا العود ..عودة بلا رجعة .. تمد يديها ..تصافح عودتي..
العمر المقيد ..معصوب العينين ..مغصوب ..مسحوب بسلاسل! إلى المنتهى .. يدحرجه الزمان فوق الثرى معفر جرير ..قدّت الأحلام من صدري .. واقترفت الصدق ذنبا.. لأمحو كذبة كذبتي ..
لكم اختلقت لحظات شغف..بما تحت الرمال ..وما خلف الخيال.. ورحت أحفر ، وأحفر ، ولا شيئ سوى الحصى ، وبقايا أصداف من زمن اللؤلؤ الهارب تحت الزمان..تحت ملامحي ..ومن صفاء ضحكتي..
في ذلك الصدر كون نما به العناء.. الحزن يطوف بكعبة الفؤاد سبعاً..ويسعى سبعين بساحات العراء.. كطائر البيت ، عصفور بغير ذنب يدور..في ليلة البراء .. القمر مسافر..والنجم يرقب الظلام .. على أبواب أزقتي..
ومازال صائغ السطر الغريب يصنع الحكايا..عقدا..وأساور ..ومحاور .. تدور حولها الأيام ..ما أطولها أذيال الوهم ! تتخبط فيها شبيبتي..
نضب العمر في آنيتي..ومازالت الغربة تنورا وهاجا.. ..من يحثو الدقائق في قدري؟ من يصب مداد الزمان على مدار السنين.. فقدر زماني أعضلته الثقوب.. جفت ينابيع العمر .. وتغلغل لحن البرية الأصم في دندنة معزوفتي..
وقفت على قدمي قدري.. آخذا في العمر العزاء.. أنعيه.. دمع إثر دمع يثيره صوت الخرير ، في جداول البكاء وقد جئته عند باب اللحد، أجرجر ..الكلمات الصم في أطول رداء ..وأعود ..لأعود أخبئ في المرايا ..تجاعيد الحكايا..وأثار المشيب في مفرق غربتي.[/align][/frame]
|