عرض مشاركة واحدة
قديم 27 / 10 / 2016, 26 : 12 PM   رقم المشاركة : [87]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

[align=justify]أخي الحبيب زياد..
بدايةً، أشكرك على سعة صدرك، وأرجو أن تستوعب هذه السعة اعترافي لك أيضاً بأنَّ الغاية من الأسئلة الثلاثة التي طرحتُها عليك لم تكن امتحاناً لمدى معرفتك بالموضوعات التي تَضَمَّنَتْها، بل كانت غايتي الرئيسة منها معرفة الكيفية التي ستُجيب بها، وذلك رغبةً مني في استكمال رسم أبعاد صورتك كمثقف فلسطيني؛ وقد أثبتَّ لي وللسادة القراء بأنَّك لستَ على معرفة واسعة بتلك الموضوعات فحسب، بل تمتلك، بالإضافة إلى امتلاك حدٍّ كبير من تلك المعرفة، شخصيةً مرنةً ديناميكية قادرة على حوار الآخر واستيعابه..؛ الأمر الذي سيُشجعني على استمرار الحوار معك، في مسائل أخرى، قد يكون بينها ما يعتبره آخرون مُحرجاً..[/align]

[align=justify]لقد قلت: (عندي نظرية غريبة قليلاً ، وربما لن يتفق معي إلا القليل وهذه الفكرة أن الصهيونية ليست يهودية فقط ، بل هناك الصهيونية العالمية بشقيها المسيحي والإسلامي ، وهنا أحب أن أنوه أن الصهيونية كفكرة بناء الهيكل المزعوم تعمل بدأب على صهينة كل شيء , وبما أن الأدب الصهيوني جزءً من حركتها فأنا أرى هنا أن الأدب الصهيوني أوضح من الأدب الإسرائيلي من ناحية التزامه سواء اقتنعنا بفكرتي أو لم نقتنع ، لأن الصهيوني ملتزم بطبعه وبقضيته لأقصى الدرجات، وأما الأدب الإسرائيلي فأعتقد أن به من يحلّق خارج السرب ولو بشكل خجول أو دعائي .).[/align]
[align=justify]وفي ردِّي على هذه الإجابة أقول: نظريتك هذه ليست غريبة، بل هي الحقيقة، فثمة الكثير من الصهاينة غير اليهود، وبينهم عرب للأسف، ولذلك استخدمتُ في كتابي عن (ظاهرة الأدب الصهيوني) مصطلحاً لوصف هؤلاء هو (الصهاينة غير اليهود)..، ولعلمك، بين هؤلاء روائيون وشعراء كبار أسماؤهم من أكثر الأسماء شهرة في الأدب العالمي..
أمَّا بالنسبة لمقارنتك بين الأدبين الصهيوني والإسرائيلي، فربَّما لا أتفق معك بأنَّ مُؤلِّفي الأول أكثر التزاماً من مُؤَلِّفي الثاني، ولي في ذلك كتابات.. وزيادة في الإيضاح، سأنشر قريباً بحثاً في (نور الأدب)، كنتُ قد كتبتُه سابقاً، حول الفروق بين أربع مصطلحات يظنُّها كثيرون مترادفة، وهي ليست كذلك، وهذه المصطلحات هي: (أدب يهودي، أدب صهيوني، أدب عبري، أدب إسرائيلي).. وذلك ليس من أجل استكمال التعليق على ما جاء في إجابتك بهذا الصدد فحسب، بل لكثرة الذين طرحوا عليَّ أسئلة تتعلق بهذه المصطلحات، سواء كانوا من أعضاء (نور الأدب) أو من خارجهم.. كما سأنشر بحثاً آخر، في سياق قراءاتي الخاصة بالأدب الإسرائيلي، عمَّا يُسمى في إسرائيل بـ (أدباء الاحتجاج)، لأُبَيِّنَ أن لا وجود لهم خارج السرب الواضح العنصرية بين أدباء إسرائيل والصهيونية...، بل هم ضمن السرب، ولكن بطريقة أخرى مختلفة ولأهداف مختلفة غايتها خدمة الصهيونية وإسرائيل..[/align]

[align=justify]وفي ردِّك على الأدب الملتزم، قلت: (بطبيعة الحال الملتزم عادة لا يجد التزامه تقيّداً له ، بل على العكس تماماً ، فالتزامه دفع له للإمام ويزيده من جرعات الإبداع، أيّاً كان هذا الالتزام .
وبالنسبة للأدب الفلسطيني فهو أدب ملتزم بقضيته ، وإن وجدنا شخصاً ما ، فلسطيني غير ملتزم بقضيته غالباً ما يفاجئ المتلقي عندما يعلم بجنسيته ، طبعا ًمثل هذا الأمر نشاهده كثيراً من خلال شخصيات تجارية وفنية ونادراً ما نجده في الوسط الثقافي بكل تنويعاته.
طبعا ًاختلف التزام ومعناه حسب المرحلة ( التصاعدية لحركة النضال الفلسطيني ) فمثلاً قبل انطلاق الثورة الفلسطينية بال65 كان الشاعر أبو سلمى شاعر المرحلة وشاعر الحنين ( داري التي أغفت على ربوة ....) وبعد انطلاق الثورة بدأنا نسمع بشعراء الأرض المحتلة ، وظهرت في لبنان دار العودة التي تبنت قضايا الالتزام ...
اختلف الالتزام بالقضية حسب مناخ الملتزم بين فكر قومي عربي وفكر وطني فلسطيني واسلامي فيما بعد...
بالنسبة لي أرى محمود درويش وسميح شقير وعز الدين المناصرة ومريد البرغوثي وطلعت سقيرق وآخرون كثر هم شعراء التزموا بقضيتهم.
وهنا أحيّ روح الشاعر السوري محمد الماغوط الذي اعتبره في كل ما أبدعه من شعر ونثر ومسرح قد التزم بالقضية الفلسطينية ...
أيضا ًيخطر على بالي ادوارد سعيد ابن القدس الفلسطيني المسيحي المميز ، استطاع ادوارد سعيد أن يوصل كل مايريد لقارئه الإنكليزي ونجح بذلك وكذلك محمود درويش فقصائده ترجمت للغات عدّة من بينها العبرية ...).[/align]
[align=justify]وفي ردِّي على إجابتك أقول:
أنا مؤمن مثلك بأنَّ الالتزام الحقيقي لا يُقيِّد موهبة المبدع الحقيقي، ولكن كم هو عدد أولئك الذين يمكن أن يُعدُّوا ملتزمين حقيقيين؟
في رأيي أنَّ الالتزام يبقى حافزاً ما دام نابعاً من ذات المبدع، فإذا صار إلزاماً صار قيداً لموهبته، وكذلك إذا صار جوازَ مرور إلى الشهرة أيضاً.. وفي الحالة الفلسطينية، أمثلةٌ كثيرة على أدباء، بعضهم مشهور، اتخذوا من القضية الفلسطينية جواز مرور إلى الشهرة، على خلفية ظنِّهم الخاطئ بأنَّ شرف المضمون يُنقذ النصَّ الأدبي المتهافت من ناحية البنية الفنية.. وقد ثبت لهؤلاء أنَّ هذا الظن لم يكن صائباً، فأقلع بعضهم عما فعله واستمر آخرون.. ولكنَّ القارئ العربي عموماً والفلسطيني خصوصاً كانوا حكماً عدلاً بحق هؤلاء، حين أهمل كتاباتهم، لأنها لم تكن فنياً في مستوى الموضوع الذي عالجوه.. ولن أذكر أسماء ها هنا، لكي لا أثير حفيظة أحد.. [/align]

[align=justify]وفي ردِّك على انقسام الحركة النضالية الفلسطينية، وعن نشاط أدباء التيار الإسلامي في المجال الأدبي، سأختصر التعليق على ما قلت بعبارات صرحتُ بها علناً في ندوات عامة، وأثارت الكثير من ردود الفعل الغاضبة، لكني لم أعبأ بهذه الردود ولا بغضب أصحابها.. فقد ذكرت، وما زلت على رأيي، بأنَّ التيار الإسلامي في الحركة النضالية الفلسطينية لم يُنجِب أدباء استطاعوا أن يُنتجوا أدباً يوازي، ولا حتى يُقارب، المستوى العالي لفعل أفراد هذا التيار النضالي على الأرض.. وذلك لأنَّهم وظَّفوا نجاحات النضال الفلسطيني الإسلامي لصالح الإسلام وليس لصالح النضال من أجل القضية الفلسطينية.. فكانت النتيجة باهتة فنياً وغير مقنعة إلى حد كبير.. وكنتُ، وما أزال، أرى أن لا ضير على الإسلام أبداً من توظيف مبادئه ومقولاته لصالح القضية الفلسطينية ونضالها، في الأدب بمختلف أنواعه، وذلك لأنَّ ما يسعى إليه المناضل الفلسطيني الحق، ممثَّلاً بالسعي إلى تحرير أرض فلسطين وإنسانها، لا يتناقض مطلقاً مع مبادئ الإسلام.. ويبقى هذا رأيي الخاص، وهو غير ملزِمْ لأحد..[/align]
[align=justify]أخيراً، وتعليقاً على ردِّك الإيجابي بخصوص الاطلاع على أدب العدو، فقد كتبتُ بحثاً مطوَّلاً عن هذا الموضوع، ولكن لم أنشره إلى الآن، لأنَّه جزء من كتابي الموسوعي (ظاهرة الأدب الصهيوني في إسرائيل)، أما وقد ضَعُفَتْ فرصُ نشر هذا الكتاب الآن، بسبب تراجع الاهتمام العربي والعالمي بالقضية الفلسطينية والصراع العربي مع إسرائيل، خصوصاً بعد الأحداث المؤسفة التي تشهدها الساحة العربية، وبسبب تقدُّمي في السنِّ، وخشيتي أن أُغادر الحياة قبل أن أن أنشر ما أفنيتُ معظم عمري في بحثه وتأليفه، فلا مانع عندي من نشر هذا البحث الذي يُشكل فصلاً مستقلاً في الكتاب المذكور، على (نور الأدب) قريباً.. وربَّما سأفعل ذلك بالنسبة لباقي مضمون هذا الكتاب الكبير الذي لم يُنشَر حتى الآن.. [/align]
[align=justify]وبعد، أشكرك على ما تجشَّمتَه من عناء في الإجابة عن أسئلتي، وسأطرح غيرها قريباً، فإلى لقاء.. ويسعدني هذا التفاعل واستمراره.. فشكراً لك مرة أخرى، وتقبَّل مودتي وتقديري..[/align]
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس