هذه المقدمة بقلم بهلول
[align=justify]بسم الله الرحمن الرحيم، وبه أستعين، وبعد،
الأخوة والأخوات الأعزاء أعضاء وعضوات نور الأدب المحترمين، تحية بهلولية طيبة وبعد،
أعلم أن كثيرين وكثيرات منكم ومِن غيركم سيفتحون فمهم دهشة حين يرون كتاباً بعنوان (مذكرات بهلول)، وستزداد دهشتهم أكثر إذا علموا أنَّ بهلولاً هذا مجرد مواطن عربي عادي، لا طَلعَ ولا نَزَل، أي مجرد عربي ما أحد يعرف قَرْعَةَ أبيه من أين..
فهو ليس ديكتاتوراً سابقاً جلس على صدر شعبه كالكابوس سنين عديدة، وبعد أن أُزيح غصباً عنه، راح يكتب مذكراته متصوِّراً أنَّ الذين سيقرؤونها مهابيلَ وسيُصدِّقونه إذا قال لهم إنَّه كان معبود الجماهير، مثل عبد الحليم حافظ وشادية وأكثر...
وليس بهلول قائداً عسكرياً مشهوراً، برقبته كذا ألف قتيل بريء، وحين أُقيلَ، بعدما فاحت رائحة سرقاته وهزائمه، راح يكتب مذكراته مُصوِّراً نفسه فيها أشجع من عنترة بن شداد وأبي زيد الهلالي، وأكثر إنسانية من طاغور وغاندي، وأشرفَ من بنت البيت التي ما باسَ فمها إلا أمّها..
وليس بهلول غنياً سرق تعبَ هذا، واحتال على هذا، وأكل حقَّ هذا، حتى صار معه مال قارون، فاشترى كاتباً مأجوراً بماله، وطلب منه أن يكتب له مذكراتٍ يصوره فيها أكثر أمانة من عمر بن عبد العزيز، وأكرمَ من حاتم طي، معتقداً أنَّه سيستطيع بمثل هذا الكلام أن يضحك على قرائه، ويجعلهم ينسون ماضيه الأسود وأعماله المُشَحَّرَة، يا لطيف..
وليس بهلول فناناً مارسَ الضحك على ذقون السامعين والمشاهدين وعقولهم بالكلام الفارغ والمظاهر البراقة، ثم استأجر من يكتب له مذكرات يخدع فيها مَن لا يعرفونه على حقيقته، ويجعلهم يصدقون أنه كان فنان الشعب ومعبود الجماهير أيضاً...
نعم، سيُدهَش قراء مذكرات بهلول حين يكتشفون أنَّ كاتبَها، أي أنا ولا فخر، لم يكن شخصية عامة ولا هامة ولا ما يحزنون ممن اعتاد الناس احترامهم والانحناء لهم، إمَّا عن نفاقٍ ليتقوا شرهم، أو تَلْبَسَةً ليلحسوا أصبعهم منهم، مع أنَّ الأغنياء عادة لا يتركون على أصابعهم أثراً لثرواتهم.. بل أنا على ثقة بأن كثيرين ممن سيكتشفون حقيقتي هذه، سيلعنون الساعة التي دفعهم فيها فضولهم إلى شراء مذكراتي، هذا إذا وجدتُ ناشراً مجنوناً يقبل أن يطبعها لي، ثم سيَلحقون بلعناتهم أبي وأمي وعائلتي وما لمَّ الفراش..
لكن، مع علمي بكل هذه النتائج السلبية وأكثر منها، قررتُ أن أكتب مذكراتي وأنشـرها، بعدما فاض بي الكيل وأنا أنتظر معجزةً تجعلني أحد المشاهير الكبار الذين يستحقون أن يتركوا وراءهم مذكرات تُقرَأ، وتُؤثِّرُ فيمن يقرأُها بعد قراءتها.. إذ يبدو أنه لم يُكتَب لي أن أصير مشهوراً ولا حتى نصف مشهور ولا ربعه.. ولكن ما الضرر في أن يكتب أمثالي من المغامير مذكراتهم؟ أليس المغامير بشـراً؟ بل أليسوا هم البشـر حقاً؟
بالمناسبة، مصطلح (مغامير) هذا من ابتكاري، وقد أصررتُ على استخدامه رغم معارضة معلمي الصواف له، من الناحية اللغوية..
وهكذا، فلإيماني بأنَّني بشر أولاً، ولإيماني بحق البشر المغامير مثلي أن يتمتعوا بالاهتمام، ولو أقل من الاهتمام الذي يتمتع به المشاهير، قررتُ أن أُسجل تجربتي في هذه الحياة، لأنَّني أعتقد بأنها ليست تجربة فريدة ومفيدة فقط، بل لأنَّها غريبة ومسلية ومُشوِّقة أيضاً، أو هكذا يقول لي عقلي... وما دمتُ أرى تجربتي في الحياة هكذا، فلا يحقُّ لأحد أن يستغربَ مني أن أكتبها في مذكرات، أو يعترضَ على نشرها، طالما أنَّني لن أُجبِرَ أحداً على شرائها ولا على قراءتها..
وزيادة على هذا، أقول لكلِّ من تُسوِّل له نفسه الاعتراض على كتابتها ونشرها، بحجة أنني لست واحداً من أصحاب الشأن، ولم يكن أيّ واحد من أهلي له أيّ شأن أيضاً، أقول: اتركنا من الذين تُسميهم أصحاب شأن، وحُطّ بالخُرْج، فأكثر هؤلاء كانوا كذَّابين في حياتهم، وصاروا كذَّابين أكثر في مذكراتهم، ولذلك لن تجد فيما كتبوه ذرة حقيقة واحدة، بل أكواماً من كلام معسول، لكنْ كله كذبٌ بكذب.. أما أمثالي، فعلى عكس أولئك الكذَّابين، وذلك لسبب بسيط هو أننا، أقصد أنا وأمثالي، لا نريد محوَ ماضٍ أسود عشناه ولا أفعال مخزية ارتكبناها، بل كلّ ما نريده ونطلبه، أن نَفُشَّ قلوبنا قليلاً، ونتحدَّثَ عن آلام حقيقية عشناها، وعن مصاعب كسرَت ظهورنا، وعن آمال قضينا معظم عمرنا نحلم بأن نراها تتحقق ولم يتحقق منها شيء.. نريد أن نحكي عن حبنا للحياة والناس، وعن همومنا الكبيرة التي يراها السادة الكبار المشاهير تافهة وسخيفة.. ولن نلوم أولئك المشاهير إذا وصفوا ما أهمَّنا وأغمَّنا بالتفاهة والسخف، بل سنعذرهم لأنهم لم يذوقوا ما ذقناه، ولا جَرَّبوا ما جرَّبناه، ولا عاشوا ما عشناه، ولا انحرموا مثلنا من كلّ شيء اشتهوه.
ولأنني مقتنع بكلِّ هذا الحكي، توكلتُ على الله، وقررت كتابة مذكراتي، وأنا أقول لنفسي، إذا لم يقرأها أحد، فعلى الأقل ستتسلى، يا ولد يا بهلول، بكتابتها.. خصوصاً وأن توبتكَ عن الكتابة فَقَسَتْ غصباً عنك، وعن اليمين المغلظة التي حلفتَها بأن ألا تخط كلمة واحدة إلا على ورقة رسمية ولحاجة ضرورية، بعدما رأيتُ ما رأيت من أهوال تشيب لهولها الولدان..
أخيراً،
فبالصدق، وما لأحدٍ عليَّ يمين أحلفها ليُصدِّقَني، لا أعرف كيف تطورت الأمور هكذا، حتى وجدتُ نفسي أكتبُ مذكراتي!..
تصوروا..! بهلول مثلي يكتب مذكرات؟!.. وتنطبع تحت عنوان (مذكرات بهلول)؟!.. يا حفيظ.. والله شيء مثل الكذب.. لكن لو صبرتم علي قليلاً ستعرفون ماذا حصل وكيف.. فطوِّلوا بالكم عليّ، الله يرحم أمواتكم، لأحكي لكم القصة من أولها إلى آخرها، أي من (طَق.. طَقْ إلى السلام عليكم)، كما يقول المثل عندنا..
وبالمناسبة، أرجو أن تكونوا صريحين معي ولا تخجلوا مني، إذا لم تعجبكم كتابتي، ولو من أول مرة، بل قولوا لي: حلّ عنَّا يا شيخ، وسأتوقف عن الكتابة فوراً، وبذلك أريحكم مني وأُفرِح قلبَ معلمي الصواف وأريح رأسَه من وجعٍ اسمه (بهلول) لا تنفع لتسكينه حبة أسبرين ولا حتى إبرة مورفين، كما قال لي غاضباً، لما رفضتُ أن أكتب كلمة مختصرة أشرح فيها منهجي في كتابة مذكراتي.. لذلك، وبعد أخذ وردّ، قررتُ ألَّا أُوجع رأسه من أول الدرب، فطاوعتُه وفعلتُ ما أراد..
لكن، وللأمانة العلمية، لم تكن كتابة الشرح التالي لمنهجي من بنات أفكاري ولا من أبنائها، كما ذكرت، بل هو من أوله إلى آخره، من بنات إلحاحات معلمي الصواف الذي صرخ بي صرخة هائلة لا أدري إن كانت بسبب غضبه من رفض طلبه أم من ألم يده التي ضرب بها على الطاولة ضربة عنيفة وهو يصرخ بي قائلاً:
- (لا تُناقشني يا بهلول في هذه النقطة أبداً.. فأنا مُصِرٌّ عليها، لأنَّ أيَّ مؤلف يحترم نفسه وقراءه لابدَّ أن يشرح لهم منهجَ كتابه في مقدمته، وخصوصاً إذا كان مضمون هذا الكتاب غريباً كمضمون مذكراتك)..
وأمام طريقته اللطيفة هذه في إقناعي، وافقتُ على طلبه فوراً، وأنا أقول لنفسي كي أُقنعَها هي أيضاً:
وافق على طلبه يا ولد يا بهلول، لأنَّكَ فَوَّرتَ دمَه على ما يبدو، وإذا زَوَّدتها أكثر يمكن يقول لك الله معك، ويُبَطِّل ينشر لك مذكراتك في (نور الأدب).. لكن هذا الحكي لا يعني أن موافقتي كانت مصلحجية مئة بالمئة، بل كان فيها قليل من العقل، فقد تابعتُ حديثي مع نفسي قائلاً لها: الحقّ مع الرجل.. إنه يريدني أن لا أبدو مثل الأزعر بين جماعة المؤلفين الذين يحترمون أنفسهم، فيشرحون منهجهم لقرائهم... ما العيب في ذلك..؟
وهكذا، ابتسمتُ له، كما يفعل الدبلوماسيون العرب أمام الكاميرات حين يريدون إخفاء هزائمهم أو جرائمهم أو مؤامراتهم، وقلتُ له:
- طلباتك أوامر يا معلمي.. وإذا كنتُ أزعجتك لأني رفضت طلبك بشرح ما سَمَّيتَه (منهج الكتاب)، فلأني خفتُ أن لا تُعجبك طريقتي في شرح هذا المنهج..
وهنا اعتدل المعلم، وانبسطت أساريره، ثم قال لي:
- من هذه الناحية لا تأكل همّاً.. أنا سأُنقح لك هذه الكلمة..
هنا، وبقدر ما انبسطَتْ أسارير معلمي الصواف بقدر ما تقلصت أساريري وانقبض قلبي، لعلمي بأنَّ تنقيح ما سأعطيه له يعني أنَّه سيُعيد كتابة ما سأكتبه بطريقته الصعبة في الكتابة، والمليئة بالبلاغة والفصاحة.. لكن ماذا أفعل.. لقد (وقعَتْ الفاس بالراس)، كما يقول المثل، وما عاد في مجال للهرب..
لكن، ورغم توقُّعي بأنَّه قد يغضب إذا طلبت منه أن أُشير إلى تدخُّله في كتابتي، حتى أُبرئ ذمتي أمام قراء الموقع وأعضائه، وأعترف لهم بأنَّ ما سيجدونه من بلاغة في كتابتي ليس مني بل منه، فقد تشجعت وطلبت منه ذلك، وكم كانت دهشتي كبيرة، حين رأيته يضحك حتى كاد أن يقلب عن كرسيه الكبير الذي لا يتناسب مع حجم جسمه الصغير، وهو يقول لي مُطمئناً:
- نعم.. قل لهم ذلك يا بهلول، أنا موافق..!
ولما رأى دهشتي، سألني:
- ما بك؟
فقلت له:
- خفتُ أن تطردني بسبب هذا الطلب، فإذا بك تنبسط وتوافق! لماذا؟
زمَّ شفتيه، ومسح آثار الضحك عن وجهه بسرعة، وكأنَّه ارتكب ذنباً، ثم عقدَ ما بين حاجبيه، وقال لي:
- سأقول لك السبب في المستقبل، أما الآن فاذهب واكتب شرحاً لمنهجك، وأعطِه لي كي أُصححه لك قبل نشره مع مقدمة المذكرات في الموقع غداً..
ولم أُرِدْ أن أناقشه، خوفاً من أن يغضب من جديد، فحملت أوراقي وجلستُ خلف الطاولة، وكتبت ما تيسر لي، ثم أعطيته له، وما كاد يبدأ القراءة حتى أمسك القلم الأحمر وبدأ التصحيح والتعديل، وظلَّ يمحو ويُثبت حتى طلعت روحي، وظننتُ أنَّني سأسافر بالأوراق التي يُصححها لي إلى جامعة من جامعات أوروبا للحصول على درجة الدكتوراه في الآداب..
على أيِّ حال، وبعد نحو ساعة، ناولني الأوراق وقال لي:
- خذ اقرأ يا بهلول، وانظر كيف صار شرحك لمنهج مذكراتك، بعد التعديلات الطفيفة التي أدخلتُها عليه..! صحيح أنَّه أتعبني كثيراً في تنقيحه، لأنَّني (أردتُ أن أُحافظَ على أسلوبك في كتابته)..! لكن صار روعة!
ودون أي كلمة أخذتُ الأوراق من يده، وقرأتُها بسرعة، ثم أعطيتُها له مُظهِراً إعجابي بها، مع أنَّني لم أفهم نصف ما جاء فيها، وقد صار، بعد التصحيح والتنقيح، على النحو التالي:
قرأتُ، في شبابي، كتاب ألف ليلة وليلة وأعجبتُ به كثيراً، وخصوصاً بطريقة شهرزاد في سرد حكاياتها لشهريار بذلك الأسلوب المشوق الذي تُوقِف الحكاية فيه عند ذروتها بحجة صياح الديك معلناً بدء الصباح، ثم تكملها في بداية الليلة التالية، قبل أن تبدأ حكاية جديدة، وبذلك تجعل شهريار يؤجل قتلَها يوماً بعد يوم.. أما أنا، ولأنَّه لا يوجد شهريار يُهدد حياتي بالقتل في الصباح، فقد اكتفيتُ باقتباس طريقتها في رواية القصص، فجعلتُ مذكراتي عبارة عن حكايات متتالية، تحكي كلُّ حكاية منها ما حدث لواحد من البهاليل الذين تعرَّفتُ عليهم، والذين أَجتمعُ معهم يومياً في مقهى خاص افتتحناه بأنفسنا، وأطلقنا عليه اسم (مقهى البهاليل).. ولذلك، فلكل حكاية، في مذكراتي، بطلها الخاص وموضوعها الخاص أيضاً، لكن يجمع بينها خيط رفيع واحد، هو أنَّ جميع أبطالها من البهاليل أمثالي..
أما لغتها، فقد بذلتُ كلَّ جهدي لأُبقيها بسيطة تُشبه لغة البهاليل فيما بينهم، دون فذلكات بلاغية أو بهلوانيات كلامية، حتى لا أبتعد بها عن بساطة البيئة التي جرَتْ فيها حكاياتهم وعن الأشخاص الذين كانوا أبطالها الحقيقيين، على أرض الواقع..
أخيراً، وبما أنَّني صاحب هذه المذكرات ومؤلِّفُها، رأيتُ أن أبدأ بحكايتي قبل أن أروي حكايات غيري من البهاليل؛ ولأنَّني المؤلِّف، سمحتُ لنفسي أيضاً أن أُطيل في حكايتي فأبدأ بروايتها من يوم مولدي إلى أن صرتُ بهلولاً؛ أمَّا المراحل التالية لبَهْلَلَتِي، فقد رأيتُ أن أذكرها متفرقة في حكايات باقي إخواني البهاليل حتى لا أستأثر بالمذكرات لنفسي، فيتهمني أخواني بالأنانية، لا سمح الله..
وفي الختام، لابدَّ لي من توجيه الشكر للسيدة هدى الخطيب على سماحها لي بنشر مذكراتي في موقعها، وأرجو أن لا تندمَ مستقبلاً على سماحها لي بنشرها، بل أن يعود نشرُها بالخير عليها وعلى موقعها الكريم وزواره وأعضائه وعضواته؛ ولي الشرف في أن أكونَ أولَ بهلول ينشر مذكراته على موقع إلكتروني، وأرجو ألا يؤذيها أن يكون موقعُها أولَ موقع على النت ينشر مذكرات لبهلول مثلي..
ورغم كلّ مضايقات معلمي الصواف لي ومشاكساته وتعليقاته الساخرة على مواهبي وكتاباتي، لا أستطيع إلَّا أن أشكره على تعطيل وقته الثمين في قراءة هذه المذكرات وتصحيح ما كانت تمتلئ به من أخطاء، وعلى رعايتها وتوفير فرصة النشر لها؛ فلولا جهوده في تنقيحها وتصحيحها، ثم في التوسُّط لي عند السيدة هدى لما رأت مذكراتي النور، لأنَّني لا أظنُّ ناشراً عاقلاً يقبلُ أن ينشرها لي، في كتاب ورقي، حتى لو دفعتُ له ضِعفَ كلفة نشرها..
وأظنُّ أنَّ عليَّ من باب ردِّ الجميل أن أشكر الشاعر الأستاذ محمد الصالح الجزائري والأستاذة عروبة شنكان والأستاذ رشيد الميموني على ترحيبهم بي في الموقع، وأسأل الله أن أكون عند حسن ظنِّهم بي، إن لم يكن من أجل خاطري، فمن أجل معلمي الذي أُحبُّه وأحترمه كثيراً، رغم عدم فهمي لأكثر كتاباته ورغم قسوته عليَّ وتدخلاته في كتاباتي..
ولن أنسى، في هذا السياق، أن أوجَّه الشكر الجزيل أيضاً للشاعر طلعت سقيرق – رحمه الله – لأنَّه كان أول من اكتشف مواهبي وشجعني على الكتابة، ثم وَرَّثَ رعايتي وتشجيعي لمعلمي الصواف.. فله كلُّ الشكر وعليه رحمة الله وسلامه.. وعرفاناً مني بجميله، سأُخصِّصُ له، في مذكراتي، مساحة تليق بمقامه، أروي فيها قصة تعرُّفي عليه، وكيف وَرَّثَني لمعلمي من بعده، كما سأسمح لنفسي كـ (قارئ عادي)، أن أُبدي رأيي في كتاباته..[/align]
ملحق
[align=justify]رغم كثرة ملاحظاتي على أسلوب معلمي الصواف في الكتابة، ورغم عدم انسجامي مع معظم ما يكتبه من أبحاث ومقالات وقصص، لا أستطيع أن أُنكر بأنَّه واسع الصدر وصبور جداً على معارضيه، وخصوصاً إذا كانوا مثلي.. بل هو يحترم آراءهم حتى لو كانت ضده.. ولولا ذلك ما وافقَ على نشر الملحق التالي لمقدمة مذكراتي.. بل ما كان أكملَ قراءته وهو يهزُّ رأسَه الأصلع ويبتسم.. أكثر من ذلك، لقد حَطَّ عقلي في كفِّي حين أصرَّ، رغم انتقادي له ولأسلوبه، في هذا الملحق، على تصحيح ما كتبتُه فيه ضده، حتى صار كما ستقرؤونه، بعد أن نشرَه لي، وهو يُردد بينه وبين نفسه: (لا حول ولا قوة إلا بالله...)..! [/align]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نَصُّ الملحَق
[align=justify]فعلاً، لا حول ولا قوة إلا بالله.. ماذا أقول؟!
تصوَّروا أن هذا أسلوبي! والله ما دخلني فيه، ولا أعرف أن أكتب مثله، وحتى لو كنت أعرف فلن أفعل.. لذلك إذا وجد أحد القراء الكرام لمذكراتي أنَّ أسلوبي الذي كتبتُ به سطور هذه المقدمة أو غيرها من سطور بعض الحكايات التي سأرويها لاحقاً، هو أسلوبٌ بليغٌ أكثر مما ينبغي، فإنَّني أُسرِع إلى إخبار الجميع بأنَّ ما فيه من بلاغة ليس من عندي، وحقِّ الله، بل من عند معلمي الصواف الذي أصرَّ، كما ذكرتُ لكم، على إعادة كتابة بعض جُمَلِي وعباراتي بأسلوبه، مع أنَّه وَعَدَني بأن لا يُغيِّر شيئاً في أوراقي إلا الأخطاء النحوية والإملائية.. لكن ماذا أفعل، أنا مضطر للقبول بتدخلاته، بل لإظهار السرور بها أيضاً، لأنَّه واسطتي إلى نشر مذكراتي على موقعكم الكريم.. ولذلك أرجو المعذرة عن أيِّ بلاغة تجدونها في هذه المذكرات، وليس في هذه السطور فقط، وفهمُكم كفاية..!
بالمناسبة، ورغم اعتراضات معلمي الصواف، لم أتنازل عن استخدام بعض العبارات المضحكة والجمل الهازلة، في حوارات البهاليل مع بعضهم، أو في رواية كلٍّ منهم لقصته.. ولم أفعل ذلك من أجل الحرص على الواقعية فقط، بل لأُخَفِّفَ دمَ هذه المذكرات، كيلا يجدها القراءُ مُمِلَّة، فيديرون لها ظهرهم، كما يفعلون مع غيرها من الكتابات الرصينة الصعبة الفهم، ككتابات معلمي نفسه الذي لا يملُّ من الشكوى والتضايُّق من قلة قراء المواد التي ينشرها في الموقع وغيره، ومن قلة المعلقين عليها..
يا جماعة! والله حتى قصصه صعبة الفهم، بالنسبة لي، ولا أدري لماذا يُصرُّ على هذه الطريقة في الكتابة التي تجعل القارئ لا يعرف فيه رأسه من رِجلِه، ثم يندب قلة حظِّه من المعجبين بما يكتب؛ يمكن لأنَّه لا يدري أنَّ معظم قراء هذه الأيام إمَّا وقتهم ضيق أو خلقهم ضيق أو عقلهم صغير مثلي..!
في رأيي، وأرجو منه الَّا يغضب مني إذا تجرَّأتُ على قول رأيي في كتاباته، مع أنَّه معلمي، كان بيده أن يجذب عدداً كبيراً من القراء لمواده لو أنَّه خفَّف قليلاً من بلاغته وسهَّل أسلوب عباراته.. لكنَّه لا يستمع لنصحي، ربَّما لأنَّني بهلول، مع تأكيده لي دائماً، بأنَّ اللهَ – سبحانه – قد يجعل سرَّه في أضعف خلقه، أي في بهلول مثلي..
لقد رجوته كثيراً أن يفعل مثلي، حتى يمشي سوق كتاباته، فلم يستمع لنصحي، لكن أظنُّه سيُراجع رأيه، عمَّا قريب، بدافع الغيرة مني، حين يرى الإقبال على مذكراتي، مع أنَّها ستكون مجرد حكايات تافهة، في رأيه، إذا قاسها بما يكتبه هو في مختلف المجالات.. والله أعلم...![/align]
كلماتي وبقلمي ثم بكومبيوتر معلمي الصواف وتصحيحه...
البهلول يوسف...