الموضوع
:
فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي قِيَامِ اللّيْلِ
عرض مشاركة واحدة
07 / 09 / 2008, 10 : 08 AM
رقم المشاركة : [
1
]
نجاة دينار
كاتب نور أدبي ينشط
فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي قِيَامِ اللّيْلِ
[frame="4 95"]
[align=justify]
فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي قِيَامِ اللّيْلِ
هَلْ كَانَ قِيَامُ اللّيْلِ عَلَيْهِ فَرْضًا
قَدْ اخْتَلَفَ السّلَفُ وَالْخَلَفُ فِي أَنّهُ هَلْ كَانَ فَرْضًا عَلَيْهِ أَمْ لَا ؟ وَالطّائِفَتَانِ احْتَجّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
وَمِنَ اللّيْلِ فَتَهَجّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ
[ الْإِسْرَاءُ 79 ] قَالُوا : فَهَذَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ قَالَ الْآخَرُونَ أَمَرَهُ بِالتّهَجّدِ فِي هَذِهِ السّورَةِ كَمَا أَمَرَهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
يَا أَيّهَا الْمُزّمّلُ قُمِ اللّيْلَ إِلّا قَلِيلًا
[ الْمُزّمّلُ 1 ] . وَلَمْ يَجِئْ مَا يَنْسَخُهُ عَنْهُ وَأَمّا قَوْلُهُ تَعَالَى :
نَافِلَةً لَكَ
فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ التّطَوّعَ لَمْ يَخُصّهُ بِكَوْنِهِ نَافِلَةً لَهُ وَإِنّمَا الْمُرَادُ بِالنّافِلَةِ الزّيَادَةُ وَمُطْلَقُ الزّيَادَةِ لَا يَدُلّ عَلَى التّطَوّعِ قَالَ تَعَالَى :
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً
[ الْأَنْبِيَاءُ 72 ] أَيْ زِيَادَةً عَلَى الْوَلَدِ وَكَذَلِكَ النّافِلَةُ فِي تَهَجّدِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ زِيَادَةً فِي دَرَجَاتِهِ وَفِي أَجْرِهِ وَلِهَذَا خَصّهُ بِهَا فَإِنّ قِيَامَ اللّيْلِ فِي حَقّ غَيْرِهِ مُبَاحٌ وَمُكَفّرٌ لِلسّيّئَاتِ وَأَمّا النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَدْ غَفَرَ اللّهُ لَهُ مَا تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخّرَ فَهُوَ يَعْمَلُ فِي زِيَادَةِ الدّرَجَاتِ وَعُلُوّ الْمَرَاتِبِ وَغَيْرِهِ يَعْمَلُ فِي التّكْفِيرِ . قَالَ مُجَاهِدٌ : إنّمَا كَانَ نَافِلَةً لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِأَنّهُ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخّرَ فَكَانَتْ طَاعَتُهُ نَافِلَةً أَيْ زِيَادَةً فِي الثّوَابِ وَلِغَيْرِهِ كَفّارَةً لِذُنُوبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي تَفْسِيرِهِ حَدّثَنَا يَعْلَى بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ حَدّثَنَا الْحَجّاجُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ مَا سِوَى الْمَكْتُوبَةِ فَهُوَ نَافِلَةٌ مِنْ أَجْلِ أَنّهُ لَا يَعْمَلُ فِي كَفّارَةِ الذّنُوبِ وَلَيْسَتْ لِلنّاسِ نَوَافِلُ إنّمَا هِيَ لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ خَاصّةً وَالنّاسُ جَمِيعًا يَعْمَلُونَ مَا سِوَى الْمَكْتُوبَةِ لِذُنُوبِهِمْ فِي كَفّارَتِهَا . حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ نَصْرٍ حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ حَدّثَنَا عَمْرٌو عَنْ سَعِيدٍ وَقَبِيصَةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
وَمِنَ اللّيْلِ فَتَهَجّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ
. قَالَ
لَا تَكُونُ نَافِلَةَ اللّيْلِ إلّا لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
وَذُكِرَ عَنْ الضّحّاكِ قَالَ نَافِلَةً لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ خَاصّةً . وَذَكَرَ سُلَيْمُ بْنُ حَيّانَ حَدّثَنَا أَبُو غَالِبٍ حَدّثَنَا أَبُو أُمَامَةَ قَالَ
إذَا وَضَعْتَ الطّهُورَ مَوَاضِعَهُ قُمْتَ مَغْفُورًا لَك فَإِنْ قُمْتَ تُصَلّي كَانَتْ لَك فَضِيلَةً وَأَجْرًا فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَبَا أُمَامَةَ أَرَأَيْت إنْ قَامَ يُصَلّي تَكُونُ لَهُ نَافِلَةً ؟ قَالَ لَا إنّمَا النّافِلَةُ لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ نَافِلَةً وَهُوَ يَسْعَى فِي الذّنُوبِ وَالْخَطَايَا ؟ تَكُونُ لَهُ فَضِيلَةً وَأَجْرًا
قُلْتُ وَالْمَقْصُودُ أَنّ النّافِلَةَ فِي الْآيَةِ لَمْ يُرَدْ بِهَا مَا يَجُوزُ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ كَالْمُسْتَحَبّ وَالْمَنْدُوبِ وَإِنّمَا الْمُرَادُ بِهَا الزّيَادَةُ فِي الدّرَجَاتِ وَهَذَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْمُسْتَحَبّ فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ
نَافِلَةً لَكَ
نَافِيًا لِمَا دَلّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ مِنْ الْوُجُوبِ وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنْ شَاءَ اللّهُ تَعَالَى عِنْدَ ذِكْرِ خَصَائِصِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .
مُثَابَرَتُهُ عَلَيْهِ سَفَرًا وَحَضَرًا
وَلَمْ يَكُنْ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَدَعُ قِيَامَ اللّيْلِ حَضَرًا وَلَا سَفَرًا وَكَانَ إذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ صَلّى مِنْ النّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً . فَسَمِعْت شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيّةَ يَقُولُ فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنّ الْوِتْرَ لَا يُقْضَى لِفَوَاتِ مَحَلّهِ فَهُوَ كَتَحِيّةِ الْمَسْجِدِ وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَنَحْوِهَا لِأَنّ الْمَقْصُودَ بِهِ أَنْ يَكُونَ آخِرُ صَلَاةِ اللّيْلِ وِتْرًا كَمَا أَنّ الْمَغْرِبَ آخِرُ صَلَاةِ النّهَارِ فَإِذَا انْقَضَى اللّيْلُ وَصَلّيْت الصّبْحَ لَمْ يَقَعْ الْوِتْرُ مَوْقِعَهُ . هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ .
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَابْنُ ماجه مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِي ّ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ
مَنْ نَامَ عَنْ الْوِتْرِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلّهِ إذَا أَصْبَحَ أَوْ ذَكَر
وَلَكِنْ لِهَذَا الْحَدِيثِ عِدّةُ عِلَلٍ .
أَحَدُهَا : أَنّهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ . الثّانِي : أَنّ الصّحِيحَ فِيهِ أَنّهُ مُرْسَلٌ لَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ التّرْمِذِيّ : هَذَا أَصَحّ يَعْنِي الْمُرْسَلَ .
الثّالِثُ أَنّ ابْنَ مَاجَهْ حَكَى عَنْ مُحَمّدِ بْنِ يَحْيَى بَعْدَ أَنْ رَوَى حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الصّحِيحُ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ
أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا
قَالَ فَهَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنّ حَدِيثَ عَبْدِ الرّحْمَنِ وَاهٍ .
عَدَدُ رَكَعَاتِهِ فِي الْقِيَامِ
وَكَانَ قِيَامُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِاللّيْلِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً أَوْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبّاسٍ وَعَائِشَةُ فَإِنّهُ ثَبَتَ عَنْهُمَا هَذَا وَهَذَا فَفِي " الصّحِيحَيْنِ " عَنْهَا :
مَا كَانَ رَسُولُ اللّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَة
وَفِي " الصّحِيحَيْنِ " عَنْهَا أَيْضًا
كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُصَلّي مِنْ اللّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إلّا فِي آخِرِهِن
وَالصّحِيحُ عَنْ عَائِشَةَ الْأَوّلُ وَالرّكْعَتَانِ فَوْقَ الْإِحْدَى عَشْرَةَ هُمَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ جَاءَ ذَلِكَ مُبَيّنًا عَنْهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِعَيْنِهِ
كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُصَلّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً بِرَكْعَتَيْ الْفَجْر
ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " . وَقَالَ الْبُخَارِيّ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ
كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُصَلّي بِاللّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمّ يُصَلّي إذَا سَمِعَ النّدَاءَ بِالْفَجْرِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ
وَفِي " الصّحِيحَيْنِ " عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمّدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا تَقُولُ
كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ اللّيْلِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ وَيُوتِرُ بِسَجْدَةٍ وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَذَلِكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً
فَهَذَا مُفَسّرٌ مُبَيّنٌ .
وَأَمّا ابْنُ عَبّاسٍ فَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ فَفِي " الصّحِيحَيْنِ " عَنْ أَبِي جَمْرَةَ عَنْهُ
كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يَعْنِي بِاللّيْلِ
لَكِنْ قَدْ جَاءَ عَنْهُ هَذَا مُفَسّرًا أَنّهَا بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ . قَالَ الشّعْبِيّ : سَأَلْتُ عَبْدَ اللّهِ بْنَ عَبّاسٍ وَعَبْدَ اللّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِاللّيْلِ فَقَالَا :
ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا ثَمَانٍ وَيُوتِرُ بِثَلَاثٍ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْر
وَفِي " الصّحِيحَيْنِ " عَنْ كُرَيْبٍ عَنْهُ فِي قِصّةِ مَبِيتِهِ عِنْدَ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
صَلّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمّ نَامَ حَتّى نَفَخَ فَلَمّا تَبَيّنَ لَهُ الْفَجْرُ صَلّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ
وَفِي لَفْظٍ
فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ ثُمّ رَكْعَتَيْنِ ثُمّ رَكْعَتَيْنِ ثُمّ رَكْعَتَيْنِ ثُمّ رَكْعَتَيْنِ ثُمّ رَكْعَتَيْنِ ثُمّ أَوْتَرَ ثُمّ اضْطَجَعَ حَتّى جَاءَهُ الْمُؤَذّنُ . فَقَامَ فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمّ خَرَجَ يُصَلّي الصّبْحَ
فَقَدْ حَصَلَ الِاتّفَاقُ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً .
مَجْمُوعُ الرّكَعَاتِ الّتِي كَانَ يُحَافِظُ عَلَيْهَا أَرْبَعُونَ رَكْعَةً
وَتَدْخُلُ فِيهَا رَكَعَاتُ فَرِيضَةِ
وَاخْتُلِفَ فِي الرّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ هَلْ هُمَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ أَوْ هُمَا غَيْرُهُمَا ؟ فَإِذَا انْضَافَ ذَلِكَ إلَى عَدَدِ رَكَعَاتِ الْفَرْضِ وَالسّنَنِ الرّاتِبَةِ الّتِي كَانَ يُحَافِظُ عَلَيْهَا جَاءَ مَجْمُوعُ وِرْدِهِ الرّاتِبِ بِاللّيْلِ وَالنّهَارِ أَرْبَعِينَ رَكْعَةً كَانَ يُحَافِظُ عَلَيْهَا دَائِمًا سَبْعَةَ عَشَرَ فَرْضًا وَعَشْرُ رَكَعَاتٍ أَوْ ثِنْتَا عَشْرَةَ سُنّةً رَاتِبَةً وَإِحْدَى عَشْرَةَ أَوْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً قِيَامُهُ بِاللّيْلِ وَالْمَجْمُوعُ أَرْبَعُونَ رَكْعَةً وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَعَارِضٌ غَيْرُ رَاتِبٍ كَصَلَاةِ الْفَتْحِ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ وَصَلَاةِ الضّحَى إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ وَصِلَاتِهِ عِنْدَ مَنْ يَزُورُهُ وَتَحِيّةِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يُوَاظِبَ عَلَى هَذَا الْوِرْدِ دَائِمًا إلَى الْمَمَاتِ فَمَا أَسْرَعَ الْإِجَابَةَ وَأَعْجَلَ فَتْحَ الْبَابِ لِمَنْ يَقْرَعُهُ كُلّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَرْبَعِينَ مَرّةً . وَاَللّهُ الْمُسْتَعَانُ .
فَصْلٌ فِي سِيَاقِ صَلَاتِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
بِاللّيْلِ وَوِتْرِهِ وَذِكْرِ صَلَاةِ أَوّلِ اللّيْلِ
قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا :
مَا صَلّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْعِشَاءَ قَطّ فَدَخَلَ عَلَيّ إلّا صَلّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ أَوْ سِتّ رَكَعَاتٍ ثُمّ يَأْوِي إلَى فِرَاشِه
وَقَالَ ابْنُ عَبّاسٍ لَمّا بَاتَ عِنْدَهُ
صَلّى الْعِشَاءَ ثُمّ جَاءَ ثُمّ صَلّى ثُمّ نَامَ
ذَكَرَهُمَا أَبُو دَاوُد .
وَكَانَ إذَا اسْتَيْقَظَ بَدَأَ بِالسّوَاكِ ثُمّ يَذْكُرُ اللّهَ تَعَالَى وَقَدْ تَقَدّمَ ذِكْرُ مَا كَانَ يَقُولُهُ عِنْدَ اسْتِيقَاظِهِ ثُمّ يَتَطَهّرُ ثُمّ يُصَلّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ كَمَا فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ
كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذَا قَامَ مِنْ اللّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ
وَأَمَرَ بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة َ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ
إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ اللّيْلِ فَلْيَفْتَتِحْ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ
رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَكَانَ يَقُومُ تَارَةً إذَا انْتَصَفَ اللّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ وَرُبّمَا كَانَ يَقُومُ إذَا سَمِعَ الصّارِخَ وَهُوَ الدّيكُ وَهُوَ إنّمَا يَصِيحُ فِي النّصْفِ الثّانِي وَكَانَ يَقْطَعُ وِرْدَهُ تَارَةً وَيَصِلُهُ تَارَةً وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَيَقْطَعُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبّاسٍ فِي حَدِيثِ مَبِيتِهِ عِنْدَهُ
أَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اسْتَيْقَظَ فَتَسَوّكَ وَتَوَضّأَ وَهُوَ يَقُولُ
إِنّ فِي خَلْقِ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللّيْلِ وَالنّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ
[ آلُ عِمْرَانَ 190 ] . فَقَرَأَ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ حَتّى خَتَمَ السّورَةَ ثُمّ قَامَ فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ أَطَالَ فِيهِمَا الْقِيَامَ وَالرّكُوعَ وَالسّجُودَ ثُمّ انْصَرَفَ فَنَامَ حَتّى نَفَخَ ثُمّ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرّاتٍ بِسِتّ رَكَعَاتٍ كُلّ ذَلِكَ يَسْتَاكُ وَيَتَوَضّأُ وَيَقْرَأُ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ ثُمّ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ فَأَذّنَ الْمُؤَذّنُ فَخَرَجَ إلَى الصّلَاةِ وَهُوَ يَقُولُ
اللّهُمّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي لِسَانِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُورًا وَمِنْ أَمَامِي نُورًا وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا وَمِنْ تَحْتِي نُورًا اللّهُمّ أَعْطِنِي نُورًا
رَوَاهُ مُسْلِمٌ . وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَبّاسٍ افْتِتَاحَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ كَمَا ذَكَرَتْهُ عَائِشَةُ فَإِمّا أَنّهُ كَانَ يَفْعَلُ هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً وَإِمّا أَنْ تَكُونَ عَائِشَةُ حَفِظَتْ مَا لَمْ يَحْفَظْ ابْنُ عَبّاسٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِمُلَازَمَتِهَا لَهُ وَلِمُرَاعَاتِهَا ذَلِكَ وَلِكَوْنِهَا أَعْلَمَ الْخَلْقِ بِقِيَامِهِ بِاللّيْلِ وَابْنُ عَبّاسٍ إنّمَا شَاهَدَهُ لَيْلَةَ الْمَبِيتِ عِنْدَ خَالَتِهِ وَإِذَا اخْتَلَفَ ابْنُ عَبّاسٍ وَعَائِشَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ قِيَامِهِ بِاللّيْلِ فَالْقَوْلُ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ .
أَنْوَاعُ صَلَاةِ الْقِيَامِ
وَكَانَ قِيَامُهُ بِاللّيْلِ وَوِتْرُهُ
أَنْوَاعًا فَمِنْهَا
هَذَا الّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبّاسٍ .
النّوْعُ الثّانِي :
الّذِي ذَكَرَتْهُ عَائِشَةُ أَنّهُ
كَانَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمّ يُتَمّمُ وِرْدَهُ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلّمُ مِنْ كُلّ رَكْعَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِرَكْعَة
النّوْعُ الثّالِثُ
ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً كَذَلِكَ .
النّوْعُ الرّابِعُ
يُصَلّي ثَمَانَ رَكَعَاتٍ يُسَلّمُ مِنْ كُلّ رَكْعَتَيْنِ ثُمّ يُوتِرُ بِخَمْسٍ سَرْدًا مُتَوَالِيَةً لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إلّا فِي آخِرِهِنّ
النّوْعُ الْخَامِسُ
تِسْعُ رَكَعَاتٍ يَسْرُدُ مِنْهُنّ ثَمَانِيًا لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنّ إلّا فِي الثّامِنَةِ يَجْلِسُ يَذْكُرُ اللّهَ تَعَالَى وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلّمُ ثُمّ يُصَلّي التّاسِعَةَ ثُمّ يَقْعُدُ وَيَتَشَهّدُ وَيُسَلّمُ ثُمّ يُصَلّي رَكْعَتَيْنِ جَالِسًا بَعْدَمَا يُسَلّمُ .
النّوْعُ السّادِسُ
يُصَلّي سَبْعًا كَالتّسْعِ الْمَذْكُورَةِ ثُمّ يُصَلّي بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ جَالِسًا .
النّوْعُ السّابِعُ
أَنّهُ كَانَ يُصَلّي مَثْنَى مَثْنَى ثُمّ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنّ . فَهَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللّهُ عَنْ عَائِشَةَ أَنّهُ
كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ لَا فَصْلَ فِيهِنّ
وَرَوَى النّسَائِيّ عَنْهَا :
كَانَ لَا يُسَلّمُ فِي رَكْعَتَيْ الْوِتْر
وَهَذِهِ الصّفَةُ فِيهَا نَظَرٌ فَقَدْ رَوَى أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبّانَ فِي " صَحِيحِهِ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
لَا تُوتِرُوا بِثَلَاثٍ أَوْتِرُوا بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ وَلَا تَشَبّهُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ
قَالَ الدّارَقُطْنِيّ : رُوَاتُهُ كُلّهُمْ ثِقَاتٌ قَالَ مُهَنّا : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ إلَى أَيّ شَيْءٍ تَذْهَبُ فِي الْوِتْرِ تُسَلّمُ فِي الرّكْعَتَيْنِ ؟ قَالَ نَعَمْ . قُلْتُ لِأَيّ شَيْءٍ ؟ قَالَ لِأَنّ الْأَحَادِيثَ فِيهِ أَقْوَى وَأَكْثَرُ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الرّكْعَتَيْنِ . الزّهْرِيّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
سَلّمَ مِنْ الرّكْعَتَيْنِ
وَقَالَ حَرْبٌ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الْوِتْرِ ؟ قَالَ يُسَلّمُ فِي الرّكْعَتَيْنِ . وَإِنْ لَمْ يُسَلّمْ رَجَوْتُ أَلّا يَضُرّهُ إلّا أَنّ التّسْلِيمَ أَثْبَتُ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ إلَى أَيّ حَدِيثٍ تَذْهَبُ فِي الْوِتْرِ ؟ قَالَ أَذْهَبُ إلَيْهَا كُلّهَا : مَنْ صَلّى خَمْسًا لَا يَجْلِسُ إلّا فِي آخِرِهِنّ وَمَنْ صَلّى سَبْعًا لَا يَجْلِسُ إلّا فِي آخِرِهِنّ وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ زُرَارَةَ عَنْ عَائِشَةَ يُوتِرُ بِتِسْعٍ يَجْلِسُ فِي الثّامِنَة .
قَالَ وَلَكِنّ أَكْثَرَ الْحَدِيثِ وَأَقْوَاهُ رَكْعَةٌ فَأَنَا أَذْهَبُ إلَيْهَا . قُلْت : ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ ثَلَاثُ قَالَ نَعَمْ قَدْ عَابَ عَلَى سَعْدٍ رَكْعَةً فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ أَيْضًا شَيْئًا يَرُدّ عَلَيْهِ .
النّوْعُ الثّامِنُ
مَا رَوَاهُ النّسَائِيّ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنّهُ صَلّى مَعَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي رَمَضَانَ فَرَكَعَ فَقَالَ فِي رُكُوعِهِ
سُبْحَانَ رَبّي الْعَظِيمِ
مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا ثُمّ جَلَسَ يَقُولُ
رَبّ اغْفِرْ لِي رَبّ اغْفِرْ لِي
مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا . ثُمّ سَجَدَ فَقَالَ
سُبْحَانَ رَبّيَ الْأَعْلَى
مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا فَمَا صَلّى إلّا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ حَتّى جَاءَ بِلَالٌ يَدْعُوهُ إلَى الْغَدَاةِ وَأَوْتَرَ أَوّلَ اللّيْلِ وَوَسَطَهُ وَآخِرَهُ . وَقَامَ لَيْلَةً تَامّةً بِآيَةٍ يَتْلُوهَا وَيُرَدّدُهَا حَتّى الصّبَاحَ وَهِيَ
إِنْ تُعَذّبْهُمْ فَإِنّهُمْ عِبَادُكَ
[ الْمَائِدَةُ 118 ] .
وَكَانَتْ صَلَاتُهُ بِاللّيْلِ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ .
أَحَدُهَا - وَهُوَ أَكْثَرُهَا :
صَلَاتُهُ قَائِمًا .
الثّانِي :
أَنّهُ كَانَ يُصَلّي قَاعِدًا وَيَرْكَعُ قَاعِدًا .
الثّالِثُ:
أَنّهُ كَانَ يَقْرَأُ قَاعِدًا فَإِذَا بَقِيَ يَسِيرٌ مِنْ قِرَاءَتِهِ قَامَ فَرَكَعَ قَائِمًا وَالْأَنْوَاعُ الثّلَاثَةُ صَحّتْ عَنْهُ .
وَأَمّا صِفَةُ جُلُوسِهِ
فِي مَحَلّ الْقِيَامِ فَفِي " سُنَنِ النّسَائِيّ " عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ
رَأَيْتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُصَلّي مُتَرَبّعًا
قَالَ النّسَائِيّ : لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرَ أَبِي دُوَادَ يَعْنِي الْحَفْرِيّ وَأَبُو دَاوُد ثِقَةٌ وَلَا أَحْسَبُ إلّا أَنّ هَذَا الْحَدِيثَ خَطَأٌ وَاَللّهُ أَعْلَمُ.
[/align]
[/frame]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
نجاة دينار
مشاهدة ملفه الشخصي
زيارة موقع نجاة دينار المفضل
البحث عن كل مشاركات نجاة دينار