عرض مشاركة واحدة
قديم 05 / 01 / 2017, 02 : 12 AM   رقم المشاركة : [7]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: رجل أعمال محترم!!

[align=justify]الأَخَوَان الغاليان نبيل عودة ومحمد الصالح.. أسعد الله أوقاتكما بكل خير..
قرأت القصة أولاً، ثم ما دار من حوار بينكما حولها وحول قراءة ما يُنشَر في نور الأدب وغيره، ثم النقد السريع الذي قام به أخي محمد للقصة والرد الأسرع والأكثر انفعالاً الذي ردَّ به أخي نبيل على نقد أخي محمد الصالح، الأمر الذي جعلني أعيد قراءة هذه القصة مرة ثانية وثالثة، وهذا ما توصلت إليه، بناء على قراءاتي الثلاث، وبعد مقارنة أسلوب أخي نبيل فيها بأسلوبه القصصي المتميز الذي أعرفه..
ولأنني أحب الصراحة، ولا أخشى التعبير عن رأيي بصراحة، أي مثلكما تماماً، أرجو أن أرى تعليقكما على ما سأكتبه الآن..
1) منذ فترة لا بأس بها، بدأت أقرأ لأخي نبيل قصصاً يختلف مضمونها وأسلوبها عن نمط قصصه السابقة وأسلوبها، اختلافاً بَيِّناً.. ولأنني من المعجبين بكتابته منذ وقت طويل، وهو يعرف ذلك، فقد رأيتُ عدم التعجُّل في إبداء رأيي بأسلوب قصصة الجديدة وموضوعاتها.. أما الآن فقد اختلف الأمر، خصوصاً بعد هذا الحوار بينه وبين أخي محمد الصالح..
2) ثمة ابتعاد عن الموضوع الوطني الذي كان محور قصص نبيل عودة القديمة..، وميلٌ باتجاه الموضوعات الفلسفية.. وبالتأكيد لستُ ضد مثل هذا الانتقال، فللكاتب، أي كاتب، الحق الكامل في اختيار موضوعات قصصه أو مقالاته أو رواياته أو قصائده.. لكن ما يقلقني في تطور أخي نبيل، ليس مضمون قصصه، بل أسلوبه في طريقة سبكها وتقديمها للقراء.. وبصراحة، أرى نبيل القاص المبدع يتراجع أمام نبيل الفيلسوف الذي يحاول إقحام الموضوعات الفلسفية الثقيلة في إهاب القصة القصيرة، وهو إهاب رقيق جداً وسريع التمزق لا يحتمل الموضوعات التي يحاول نبيل حَشرَها فيه..
3) هل يعني هذا أن الموضوع الفلسفي لا يمكن التعبير عنه أو معالجته بأسلوب قصصي؟ وبتعبير آخر: هل تعجز القصة القصيرة عن أن تكون وعاء يحتوي المضمون الفلسفي وتعجز عن تقديمه أكثر تشويقاً للقراء؟
5) في اعتقادي، نعم إلى حدٍّ كبير.. فالفلسفة عمل عقلي جاف والقصة فن.. وأيُّ عمل عقلي أو بحثي يُصيب الإبداع الفني بالجفاف ويجعله غير مقبول من قطاعات واسعة من القراء.. وبهذا الصدد، أذكر أن حواراً طويلاً دار بيني وبين أخي المرحوم طلعت سقيرق، عاب عليّ فيه كتابة الشعر، وقال لي إن أسلوبك البحثي يهيمن على قصائدك ويجعلها ثقيلة الظل صعبة الهضم، ولذلك عليك أن تختار بين هجر الشعر أو هجر البحث، كيلا تفشل في كليهما.. ولأنني كنتُ أكثر ميلاً للبحث، تركت الشعر فعلاً، والقصائد القليلة التي كتبتُها لم أحاول أن أُطلِع أحداً عليها غيره، فكان يضحك ويقول لي عقب قراءتها: لا بأس بها، شرط أن أبقى أنا قارئها الوحيد.
6) أردتُ أن أصل من كلِّ ما سبق إلى أن اهتمامك أخي نبيل، بالموضوع الفلسفي أرخى بظلٍّ ثقيل على أسلوب إبداعكَ القصصي، فأصابه بالبرودة بعد أن كان ينبض بحرارة الحياة.. فبصراحة، ما قرأتُه في هذه القصة، ليس قصة ولا فلسفة، بل هو مزيجٌ غير متجانس من كليهما.. وهذا يُعيدني إلى السؤال السابق مرة أخرى: هل يعني هذا أن الموضوع الفلسفي لا يمكن التعبير عنه أو معالجته بأسلوب قصصي؟ وإجابتي الخاصة والنهائية، بلى يمكن، ولكن شرط ألا تطغى الفلسفة على الفن القصصي.. وبعبارة أخرى: أقول لك أخي نبيل، أهلاً بالموضوع الفلسفي إذا كنتَ ستعالجه وتُعبِّر عنه كما فعل المتنبي حين أدرج الفلسفة والحكمة في شعره، فجعل منهما أمثالاً سائرة بين الناس.. وهذا يقودني إلى الملاحظة الأخيرة وهي:
7) إذا كنتَ مُصرّاً على كتابة الفلسفة بأسلوب القصة، فليتك تشتغل على أسلوبك أكثر، فلا تتسرع في النشر، بل حاول مرة ومرات أن تُطوِّع الموضوع الفلسفي الذي تريد مناقشته قصصياً للفن القصصي وليس العكس، وإلا نكون قد خسرنا قاصاً رائعاً دون أن نكسب فيلسوفاً متميزاً.. (ابتسامة)..
أنتَ تعلم أنني أحبك وأُقدرك كثيراً، إنساناً وقاصاً مبدعاً.. ولذلك فقط سمحتُ لنفسي بالتكلم معك، بهذه الصراحة، لأنني أعلم علم اليقين أن صراحتي لن تُزعجك، لأنني على يقين أيضاً بأنك تعتبرها خارجة من قلبي المليء بمحبتك ومن رغبتي برؤيتك تصبح أفضل وأفضل، كقاص يمتلك موهبة فريدة، في رأيي.. وليتك تكتب مُعبِّراً عن شغفك بالفلسفة عبر مقالات خاصة، تماماً كما أفعل أنا حين أكتب في أي موضوع بعيدٍعن القصة وأجوائها.. صحيحٌ أنني أُنتج أبحاثاً جافة لا تجد من يهتم بها ويقرأها أحياناً، كما يقول لي بهلول، لكن لا أستطيع أن أهجر شغفي بالموضوعات التي أعالجها في أبحاثي، وحين أتعب منها، أهرب من جفاف البحث وقسوته إلى واحات الفن القصصي لأرتاح ويرتاح قرائي من جفاف أسلوبي..
أرجو أن تظل صديقي، وأنا أعلم تمام العلم أنك ستظل ذلك الصديق الذي أحبه.. وأنتظر رأيك وأحترمه دائماً، والخيار لك بالتأكيد.. دمتَ مبدعاً، وتقبَّل محبتي التي تعرف..

أخي الغالي محمد الصالح..
أُدركُ غيرتكَ على (نور الأدب) ورغبتك في حَثِّ الجميع على التفاعل مع ما ينشرونه هم أنفسهم على صفحاته، وعدم الاكتفاء بالقراءة الصامتة.. وأعلم أنَّ نقدك لأخي نبيل لا يُضمر اي سوء في دوافعه وأهدافه، وكيف وأنتَ رجل يقطر طيبة وحبّاً للآخرين، ولا أدلّ على ذلك من تهذيبك الفائق في خطاب الجميع، حتى الذين لا تُعجبك نصوصهم..؟
لكن، مع ذلك، أرى أن نبدأ نقداً جديداً لنصوص أخي نبيل القصصية، ليس فقط لأنه قاص متميز كما أراه ويراه كثيرون غيري، بل لتُشاركني في محاولتي إنقاذ موهبته القصصية المتميزة من شغفه الفلسفي المفاجئ.. (ابتسامة).. ولتكن محبتنا له خير وسيلة لتحفيزه على العودة لإنتاج قصص لا يستطيع غيره كتابة مثلها، في رأيي على الأقل..
شكراً لاهتمامك بالجميع وحبك للجميع، وتقبَّلل مودتي واحترامي..[/align]
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس