رد: همسات دمشقية
[align=justify]الهمسة (6)
في الطريق التي صَحِبَتْنِي بها إلى ذاكرتها ذات السبعة آلاف ربيعاً، أتعبَ طولُ المسير هَرَمي، فأسندْتُ ظهري إلى جدار مسجدها الأموي لأرتاح، فإذا به يُسندُ ظهره إليها طالباً الراحة بدوره.. أمَّا هي، فمع أنَّها أكبرنا سِنّاً، بَقِيَتْ واقفةً تنتظر انتهاء استراحتنا، ولا أثرَ للتعب على وجهها..!
حين استأنفنا المسير، سألتُها عن المسافة الباقية، فأجابتني:
- أربعُ خطواتٍ فقط: عقلٌ حكيم، وقلبٌ سليمٌ مُحِبّ، ولسان صادقٌ، وكلمة طيبة..
أمسكتُ رأسي بيدي، وانتابني يأسٌ شديدٌ، وبكيتُ قهراً، فقد تراءى لي أنَّ المسافة، حسب كلامها، ما زالت طويلة..
فأشفقَتْ عليّ، ومسحَتْ دموعي بقطعةٍ من لطيف تاريخها، ثم طَمْأَنَتْنِي قائلة:
- هَوِّنْ عليك يا شيخ.. أمَّا ترى أنَّنا أصبحنا على أعتاب الفجر؟
التفتُّ إلى حيث أشارت، فرأيتُه قد صار في يُمناها وليداً في غاية الروعة.. قَبَّلَتْ جبينَه بحبِّ، ثم همسَتْ في أذنه بضع كلمات، ثم أَطْلَقَتُه ليبدأ مهمتَه فوراً، برفعِ آخر حُجُبِ الليل وأكثفها..
رَفَّتْ على شفتيَّ ابتسامة استبشار، فابتسمَتْ لي وقالت، غامزةً بعبَثٍ لا يُناسب عمرَها:
- أَلَمْ أَقُلْ لك؟![/align]
|