الموضوع: همسات دمشقية
عرض مشاركة واحدة
قديم 27 / 05 / 2017, 44 : 05 PM   رقم المشاركة : [35]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: همسات دمشقية

[align=justify]الهمسة (7)
خرجتُ إلى ظاهرها، أُريدُ استقبال رمضان هذا العام، وفي النفس أشواقٌ وأحزان.. فإذا بها سبقَتْني مُلْتَفَّةً بعباءةٍ من دعوات أبنائها وبناتها، تفوح كلماتُها محبةً انتشر عطرُها في كلِّ أرجاء المكان..
يا الله كم بَدَتْ لي جميلةً في ذلك الموقف.. حتَّى أنَّني لشدة انبهاري بجمالها نسيتُ لِمَ خَرَجْت، لولا أنْ أعادت لي وعيي هامسةً بودّ:
- كُفَّ عن النظر إليَّ هكذا، واملأ عينيك من روعته، فها قد أتى..
نظرتُ إلى حيث أشارت، فرأيتُه يُسرعُ نحوها، فاتحاً ذراعيه لعناقها.. وفي لحظة فريدة، التقى المكانُ الأقدمُ بالزمان الأطهر في عناقٍ يقطر صُوَراً من ماض شامخ تمتزج بصُوَرٍ أخرى مازالت تتشكَّل بُشرى في رحم غدٍ قريب قادم..
لم يطلْ العناق، فقد بدا رمضان مُتَعَجِّلاً الوصولَ إلى أسواقها العريقة ليشتري بكلِّ ما أُوتيَ، من زكاةٍ وصدقات، طعاماً يُشبِع فقراءها وكساءً يستر عريهم ويُفرِحُ قلوبَهم..
لكنْ... وعلى غير عادته، عادَ السنةَ من مدنها وأحيائها سريعاً.. جلس على أرضها حزيناً مُثقَلاً بما اشتراه.. أسند ظهره إلى بابها العتيق وبكى..
اقتربتُ منه مُشفِقاً وسألتُه عمَّا يُبكيه، فأخبرني أنَّه يبكي عجزَه عن تلبية طلب السوريين، هذه السنة، بعدما رَدُّوا ما اشتراه لهم من طعام وألبسة، على الرغم من حاجتهم الماسَّةِ لها، لأنَّهم لم يجدوا في معظمها أثراً لمحبة مَن أعطوه ثمنها وإسلامهم، كما لم يَشمُّوا رائحةً لإنسانيةٍ تفوح منها.. [/align]
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس