على مائدة السحور
من البداية:
س- ما الذي في جعبتك من ذكريات عن مدينتك صفد؟
ج- تكمن ذكرياتي عن صفد فيما كان والدي وجدي يذكرانه عنها، هي مدينة تقبع فوق جبل الجرمق وتطل من أعالي المدينة على الأراضي السورية. مدينة ذات أحياء ضيقة وممرات منحدرة وسكانها يعيشون فيها كأنهم أفراد عائلة واحدة. لم أكن قد ولدت آنذاك. كان مولدي في مدينة عكا عام 1946 ما أذكر فيها مجرد مروري في ممر طويل له نوافذ، ولدى سؤال والدي، قال إنه منزلنا الذي اغتصبه الاحتلال الإسرائيلي حيث حولوه إلى روضة للأطفال سميت بالعبرية "جانت يلدم" أي جنة الأطفال وقد كنت مسجلا فيها. وحسبما ذكر لي والدي كان المنزل يتوسط حديقة فيها من أشجار الفواكه كلها، ومن عديد من الزهور وعلى رأسها الورد الجوري الذي كان يتفنن والدي بعملية التطعيم فينتج شجرة ورد بها عدة ألوان من الزهور. وبعدما استوليَ على المنزل لجأنا إلى زاوية في مسجد الجزار المشهور في عكّا. هذا جل ما أذكره شخصيا عن مدينة عكا.
س- ما بين صفد ودمشق، وحكاية الانتقال من وطن إلى وطن، أو ربما لا وطن، ما هي المشاعر التي ما زلت تحتفظ بها، كيف كانت الحياة الجديدة في المهجر؟
ج- عندما سلمت بريطانيا الأمور في فلسطين إلى الصهاينة، أرغموا الأهالي على الهجرة ممن سلبت أملاكهم عام 1948 وبقيت مع والديّ وأخي وأختي وجدي وجدتي لأمي حتى عام 1951 في أيّار / مايو على الأغلب، بعدما تلقينا دعوات لم الشمل من أقاربنا في عمان ودمشق عن طريق الهلال الأحمر والصليب الأحمر. حمل جدي ما استطاع حمله من متاع في شاحنة كبيرة توجهت إلى الحدود مع الأردن حيث تم تفريغها في شاحنتين من الأردن. مكثنا في ضيافة أقربائنا من آل شما في الأردن قبل إكمال إجراءات انتقالنا إلى دمشق. كان عمري وقتها خمسة سنوات. حيث سُجلت في روضة دمشق. ثم مدرسة المأمون الابتدائية حيث درست فيها الصفين الأول والثاني الابتدائي، وعندما كنت بالصف الثالث وفي فبراير 1956 انتقلنا إلى الكويت فدرست في مدرسة حولّي المتوسطة المرحلة الابتدائية والمرحلة المتوسطة.
س- هل تذكر شيئاً عن رمضانيات صفد، أو دمشق؟
ج- بالنسبة لرمضان في دمشق فذكرياتي لا تتعدى كوننا نجلس جميعنا على مائدة واحدة، وأن الأطباق الرمضانية التقليدية مازالت هي هي لم تتغير حتى في الكويت أو حتى الآن في السعودية. لكني شهدت شهر رمضان في الكويت سنين عديدة لعل ما كان يميزها هو الحقبة الزمنية التي مر فيها رمضان مرتين في فصل الصيف والظروف المعيشية التي كانت تختلف عن دمشق ببون شاسع. آمل أن يكون ذلك حديث الغد.
أخوكم: عصمت شمّا.