عرض مشاركة واحدة
قديم 04 / 06 / 2017, 43 : 08 AM   رقم المشاركة : [2]
عزة عامر
تكتب الشعر والنثر والخاطرة

 الصورة الرمزية عزة عامر
 





عزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud of

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

رد: هنا يا حبيبي أسجل... عرفاني

شيمتك الصمت

كان والدي قليل الكلام ، طويل الصمت ، يطول صمته ، حتى يشتد جنوني ، كنت أحنق من ذلك في نفسي ، عندما كنت أستفيض في الحديث عن أمر ما ، وأنتظر منه أن يشاركني تلك الإستفاضة ، والحوار المزدحم ، ورغم ذلك يخيب ظني ، وأستمع منه إلى القليل من الكلمات التي تجزي ، وتفيد ولا أكثر ، ولا أقل لكنها لا تشفي غليلا ، ولا تشبع نهم راغيا مثلي ، بل إن نزقي ، ونزوحي عن حكمته كانا يحملاني على الرغبة في كثرة الكلام ، والإعادة ، والزيادة ، (اللماضة) كما كان يصفها والدي ، والتي ليس منها فائدة إلا إضاعة الوقت ، واستنزاف الجهد ، والخوض فيما ليس منه فائدة .. وعندما صرت كبيرا جدا ، أراني كهلا !! أعادتني الذاكرة إلى إرثي الثمين ، والنهج القويم ، الذي دفنته عمرا لا عقل له في رأسي ، وعلمت أنه من طال صمته تجلت حكمته، وقرأت في أحد الأيام كلمات لحديث شريف تعني ذلك جيدا ، أي ما تعلمت من والدي في الصبا ، الآ وهي ( إذا وجدتم الرجل يطيل الصمت فاقتربوا منه ، فإنه يلقي بالحكمة ) وليس في ذلك هزل ، أو أنها كلمات بلا معنى ، بل هي كنوز لا يعلم قيمتها إلا من أدرك لها سبيل ، إن الصمت الطويل يدعو للتأمل ، والتأمل يدعو إلى التفكير ، والتفكير هو أول نزل لإستضافة الحكمة ، بل ولإقامتها ، وقلة الكلام تدعو لكثرة الإستماع ، وأذكر مقولة والدي الحبيب ( يا ابنتي تعودي أن تسمعي أكثر مما تتكلمي ) فتعلمت أن كثير الكلام ، كثير الخطأ ، ربما ليس في حق أحد ، بل في حق ذاته ، وفي حق العقل ، والحكمة اللذان يقتضيان ، إن شاء المريء تحليا بهما ، الإلتزام ، والتؤدة ، والهدوء في جميع الأمور ، فلا يسمح لكلماته بالخروج قبل عرضها على فلاتر العقل ، وحتى التأكد من سلامة اختيارها في المواقف المختلفة ، والمناسبة لها ، فلا ندم ، ولا استرجاع لما فات ، يجدي عند البشر .

شيمتك العدل
رأيت والدي وقد حباه الله بقوة في بدنه وعضلاته ، وبالمقابل منحه رحمة ورأفة في قلبه ومشاعره ، كان العجب يجد في رأسي مضجعا .. فتارة أراه الثائر الجبار في مواجهة الظلم !! وتارة أخرى أراه يحبو على ركبتيه وراء طفل يداعبه ، ويلاطفه ، وينحني ليقبل يديه الصغيرتين ، وربما يظل ساجدا إقتضاءا برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ينتهي الصغار من اللعب فوق ظهره أثناء صلاته !!أن تجمع له المتناقضات في قلب واحد لا يملك سواه ، تلك هي المزاوجة العجيبة !! أن يراه البعض عنيفا قاسيا ، والبعض الأخر يراه رحيما حانيا ، كيف تتزن الأمور بميزان العدل في نفسه هكذا ، فيبقى الخوف ، والأمان ، ويبدي القسوة ، والحنان كل ذلك في قلب إنسان وهكذا كنت أعجب ..علمني والدي أن القوة دون رحمة ..تصنع وحشا ، وليس إنسانا ، ونحن لا نعيش في الغابة .

يتبع
توقيع عزة عامر
 توضأ بالرحمة ..واغتسل بالحب.. وصل إنسانا..
عزة عامر
عزة عامر غير متصل   رد مع اقتباس