عرض مشاركة واحدة
قديم 05 / 06 / 2017, 45 : 03 AM   رقم المشاركة : [14]
عصمت شما
المدير المكلف بإدارة "الرابطة الفلسطينية لتوثيق الجرائم الصهيونية" بكالوريوس إدارة أعمال - محاسب متقاعد - مهتم بالتوثيق


 الصورة الرمزية عصمت شما
 





عصمت شما is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: فلسطين

رد: على مائدة السحور وأ. عصمت شما

كان والدي خياط وكان عنده محل خياطة في عكّا كان يعمل تحت إمرته عدد من الخياطين فعندما تقررت مغادرتنا لفلسطين إلى عمّان ثم مباشرة إلى دمشق كانت ظروف المعيشة صعبة للغاية فعمل تحت إمرة أحد الخياطين في إحدى ضواحي المدينة تسمى "كفرسوسة"، ولكن مع ذلك لم يكن دخله يسمح بأن يستمر في العمل أكثر من ذلك. فترك البلد تاركا عائلته لدى جدي فهاجر إلى البصرة في العراق حيث عمل خياطاً في أحد محلات الخياطة هناك. وتمر السنون ويطلب منه ابن عمه - وكان يعمل مهندسا في وزارة المياه والكهرباء في الكويت – طلب منه الحضور إلى الكويت فعمل في سلك الشرطة يخيط ملابس الشرطة والضباط، حتى طلب منه أن يعمل معه في الوزارة كمراقب على مشروعات المياه في الكويت. وخلال وجوده في سلك الشرطة تبين لوالدي أنه يستطيع أن يؤسس بيتاً متكاملاً، فاستدعانا إلى الكويت وكان ذلك في العام 1956.
كانت الحياة في تلك الفترة في الكويت بدائية بكل معنى الكلمة؛ معظم الطرق غير معبدة والسيارات قليلة ولا توجد كهرباء وكنا نعتمد في الإضاءة على فوانيس الكيروسين والطهي كذلك كان بالكيروسين، وكان الماء يباع على المنازل بالكيل، يحمل البائع القربة على ظهره وينادي على بضاعته، ثم تطورت الأمور فأصبح توزيع الماء من صهاريج على عربات تجرها البغال. كان بيتاً به غرف يتوسطها أرض فضاء كنا نجلس فيها على الأرض لتناول طعام السحور والإفطار على ضوء الفانوس ذي الفتيلة، ثم ذلك الفانوس ذو الشعلة الوهاجة وكان يسمى "لوكس" في ذلك الوقت. كنت أتلقى الدراسة الابتدائية عندما تفاجأ التلاميذ بالمدرسين يعلنون عن بدء عصر الكهرباء في البلد، وكانوا يحذروننا كأطفال من الاقتراب من أفياش الكهرباء وخاصة الأسلاك المكشوفة. ولكن قبل أن تصل إلينا الكهرباء آثر والدي الانتقال إلى منزل آخر قد تم تمديد الكهرباء له. كان البيت الجديد كسابقه لكن في وسط ساحته خزان تحت أرضي للماء العذب يصب فيه الماء من سيارة صهريج من مياه البحر المحلاة، وبئراً آخر يدعى "قليب" مياهه طبيعية ذات ملوحة لا تصلح للشرب. وكنا نخرج المياه من كليهما بالجردل. لم يختلف رمضان كثيراً في المنزل الجديد إلا أننا أصبحنا نتناول طعام السحور والفطور على منضدة. لم يكن في المنزل لا مراوح ولا مكيفات هواء وكان الحر شديداً لا يطاق ورطوبة الجو في الصيف قد تصل نسبتها إلى 100% وقد تتعدى إلى 120% وهذا ما كان يميز جو الكويت كون الكويت تقع على الخليج العربي. وكونها تقع شرق الجزيرة العربية والرياح تهب عليها من الغرب، فالغبار يعم أجواءها لعدة أيام قد تصل إلى عشرة أيام أو أسبوعين. فلكم أن تتخيلوا وضع الناس في رمضان في ظل هذه الأجواء. وللهروب من شدة الحر نخرج إلى شاطئ البحر من قبل المغرب إلى منتصف الليل، وأحيانا نصعد إلى سطح المنزل وبه غرفة توضع فيها فراش وأغطية للنوم في فصل الحر والرطوبة. وعندما لا توجد نسائم هواء مع وجود الحر الشديد نبلل أغطية الفراش بالماء ونحركها في الهواء كي تبرد ونتغطى بها لكي نستطيع النوم.
ثم تحسن الوضع تدريجياً مع ازياد الدخل فاشترينا مروحة سقف وضعناها في غرفة الاستقبال من أجل الضيوف من الجيران والأقارب. ثم مكيف هواء ضخم لا يتعدى تبريده بمقياس هذه الأيام ربع طن مقارنة بطن ونصف وطنين. كانت مائدة الإفطار تحتوي على طبق الشوربة والفتوش والمكرونة والفول وهذه الأطباق ثوابت رمضانية بل فولكلور لا تنازل عنه حتى وقتنا الحاضر، ثم الطبق الرئيسي الذي يختلف من يوم لآخر.
أما ذكريات السنوات الخمس الأولى من عمري في فلسطين في رمضان فأستميحكم العذر، من منكم يذكر منها شيئاً؟
ولدى سؤال الأستاذ/ رشيد الميموني عن كيفية قضاء وقتي حالياً وهواياتي واهتماماتي ونشاطاتي وخاصة في رمضان.
أقول وبالله التوفيق:
كي لا أطيل عليكم أحبتي أورد باختصار ما يلي:
كانت بداية عملي في جدة في الخطوط الجوية الكويتية منتقلا من المركز الرئيسي بالكويت، ثم في وكالة سفر وسياحة، ثم أتيحت لي فرصة العمل في الاتحاد الدولي للنقل الجوي IATA.
بعد انتهائي من العمل في الاتحاد الدولي للنقل الجوي بالتقاعد، كان لا بد لي من البحث عن عمل آخر، خاصة وأنا لم أزل قادراً على العمل والعطاء في سن الستين سنة هجرية، فوجدت عملاً كمحاسب في شركة أغذية عملت لهم ميزانيات تقديرية لأربع مطاعم كانت على وشك الإنشاء. وبعد ذلك عملت في أربع وكالات سفر وسياحة إلى أن وجدت أنه لا يوجد من يوظفني في هذا العمر.
كانت اهتماماتي تكاد تكون منعدمة أيام كنت أعمل حيث كان العمل يستغرق جل وقتي حتى العاشرة ليلا ولا أصل البيت إلّا في الحادية عشرة ليلاً.
وبعد مكوثي في البيت أصبح الكمبيوتر صديقي فجعلت أرتب أموراً على برنامج MS Excel وكانت الانترنت أيضاً متنفساً لي. ولدي مكتبة ممتلئة بالكتب وإن كانت كتبها العلمية تطغى على أرففها. بدأت بالكتب التي لم أقرأها (وقد كنت أرى الكتاب فيشدني عنوانه ومحتواه فأقتنيه رغما أنه لا يوجد عندي متسع من الوقت لقراءته خوفاً من اختفائه من المكتبات). بدأت بدواوين الشعر؛ شعراء المعلقات وشعر إيليا أبو ماضي والإمام على والشافعي والمتنبي وجرير والفرزدق وغيرهم. وقد أحضرت معي من الكويت ألبومات الطوابع التي كنت أجمعها، فهي للآن تنتظر دورها في الاهتمام. ومن هواياتي التصوير الفوتوغرافي التي نمت معي منذ الصغر عندما كانت هدية نجاحي كاميرا. فاشتركت في جمعية التصوير في المدرسة الثانوية وبدأت بشراء أوراق التصوير والأحماض وأدوات الطبع والتحميض فكنت أصور الفيلم وأحمضه وأطبعه ثم أعمل صوراً مكبرة على الجهاز الخاص بالطبع، كل ذلك بالأبيض والأسود. ولما ظهرت الأفلام الملونة اقتصرت الأمر على التصوير للتكلفة العالية للعملية واختصاص المختبرات المتقدمة بالطباعة.
أما في رمضان الحالي وفي كل رمضان فإن تلاوة القرآن يأخذ جل وقتي، كنت أختم تلاوة القرآن مرة بالشهر لانشغالي بالعمل وبعد التقاعد أصبحت أختمه مرتين، بالإضافة إلى أنني أعود فأمسك بورقة وقلم أدون بهما بعض الآيات التي تشير إلى عظمة الخالق وعظمة القرآن الكريم وبراهين تثبت أن الدين عند الله الإسلام وتثبت زيف ما دونه من شرائع موضوعة وأنشرها على العالم عندما أتلقى إيميلات تنشر على الملأ. وكذلك أدون على برنامج MS Excel أسماء الأنبياء وأقوامهم وأين سادوا وذنوبهم والعذاب الذي كتبه الله عليهم وأهلكهم بها، وأعمار بعض الأنبياء والرسل إلخ. وباختصار أحاول أن أشغل نفسي بما يفيد، وربما آخر خطوة خطوتها هي الانضمام إلى منتديات نور الأدب، الذي جعلني أضع قدمي على مفترق طرق في حياتي القادمة.
وإجابة لطلب الدكتورة/ رجاء بنحيدا
إن الصورة التي يمكن أن أقدمها عن مدينة صفد التي أنتمي إليها وعن مدينة عكّا التي وُلِدتُ فيها هي الحنين والشوق للعودة. جيلنا هذا وكمثال لهذا الجيل "أنا" حيث غادرتها وأنا بسن الخامسة لا أذكر منها شيئاً يذكر، لكن كي لا يضيع الشوق ولا الحنين فإني أزرع في قلوب أولادي جرعات من الانتماء لوطن بلا أرض ومواطنين بلا وطن حتى يقع على عاتقهم وعاتق الأجيال من بعدهم إنشاء جيل يعرف كيف ضاعت فلسطين وكيف تعود. وكما ضاعت تعود، وأن وعد الله ورسوله سيتحقق لا محالة، وأن زوال الاحتلال حتمي.
فمن صفد إلى عكّا إلى عمان إلى دمشق إلى الكويت إلى جدة لا شك قد حفر في شخصيتي كما يفعل الإزميل في صخر محفور عليه قبلاً. الأصل والمنشأ فلسطيني والشوق والحنين لفلسطين والروح معلقة بفلسطين واللهجة فلسطينية والعادات والتقاليد كذلك. لكن وبدون وعي فالحياة في دمشق والكويت والسعودية
قد أثرت في لهجتي الفلسطينية، فمن يسمعني، يقول: أأنت سوري أم أنت فلسطيني تقول أن جواز سفرك أردني!



وإلى الأستاذة/هدى الخطيب
كل الفضل والثناء لأستاذتنا الفضيلة فإنه ولا شك لشرف عظيم أن أكون ضيفكم في الدعوة على السحور وذلك بجهود الأخت عروبة
خمس سنوات تنسمت هواء ونسيم الوطن خمس سنوات مرت على طفل لم يعِ حجم النكبة حتى كبر قليلاً ووعى حجم الخدعة والمعاناة التي عاشها الآباء والأجداد من ساسة لم تهمهم غير عروشهم. وبعد ذلك وفي المنفى الكبير المتعدد ينمو الطفل ويصير يافعاً ومن طفولته لشبابه وملاعب الطفولة الأولى ليس له فيها نصيب. في دمشق من السن الخامسة "لا خروج من البيت" حينما نخرج نصطدم بعبارة "لاجئ"، تلك العبارة التي قتلت فينا الطفولة، فصرت بعدما كبرت أنظر إلى لعب الأطفال وأتمنى اللعب بها ولكن هيهات.
كان المجتمع في الكويت مغلقاً لا نجرؤ على الاختلاط بالغير ولنفس السبب وربما لسبب آخر "أجنبي". كان المتنفس الدراسة الجامعية والوظيفة.
عصمت شما غير متصل   رد مع اقتباس