رد: همسات دمشقية
[align=justify]الهمسة (9)
على مُنْعَطَفِ تاريخها الذي نَشَرَتْ أعوامَه السبعة آلاف على كتفيها خلوداً زادَ شبابَها الأبدي أَلَقاً، التقيتُها، فهمسَتْ لي بسرٍّ جديدٍ من أسرارها:
- (أترى إلى ياسَمِينِي الأبيض هذا... إنَّه ذاكرتي الخالدة على مرِّ العصور... بياضُه من نصاعة سِيَرِ عظمائي وعطرُه بعضُ طِيبِ أخلاقهم وفِعالهم)..
أدهشَني قولُها..، ولكن ما أدهشنِي أكثر حفاظُها على ياسمينها ناصعَ البياض عَطِراً، رغم كثرةِ مَن عبرَ تاريخها من أصحابِ الفِعالِ السُّود والسِّيَرِ النتنة..!
قَرَأَتْ دهشتي، فابتسمت، ثم قالت:
- (نعم.. ما أكثرَ السَّيِّئِيْنَ الذين حاولوا جاهدين التسلُّلَ إلى ذاكرتي الياسَمِينِيَّة وسُكْنَاها للتَّمتُّع بخلودِها، ففشلوا... أتعلمُ لماذا؟ لأنَّ لهذه الذاكرة طبيعةً فريدة تُمَكِّنُها من عَرْضِ كلِّ ما يَعْبُرُها من سِيَرٍ على معيار قِيَمِها الفاضلة النبيلة، فما تَلاءَمَ مع هذه القيم أَثْبَتَتْه خالداً في بياضِها وعِطرِه، وما عَارضَ قِيَمَها وخالَفَها أَلْقَتْهُ في سلة الإهمال مَنسيّاً.. وبهذه القدرة الفريدة، حافظَتْ ذاكرتي الياسَمِينِيَّة على نصاعة بياضها وطِيبِ عطرها)..
قالت ذلك، ثم أطرقتْ ملياً، ثم رفعت رأسها وسَأَلَتْني أن أُبلِّغَكم رجاءها:
(رِفقاً بزهراتي الجميلات وأكرموهُنَّ، فكلُّ واحدة نسخةٌ من سِيَرِ عظمائي تفوح بطِيبِ مآثرهم..)..[/align]
|