رد: همسات دمشقية
[align=justify]الهمسة (١٠)
على ضِفَّةِ عُمُرٍ قد وَلَّى، جلسْتُ منهكاً ألتمسُ بعضَ الراحة من وَعْثاءِ رحيلٍ اضطراري في حاضرٍ مُعَبَّدٍ بالخوف والهَمِّ ومُلَبَّدٍ بالقلق...
كان الجو المحيط بمجلسي على تلك الضفةِ مُغَبَّشاً بذكريات ترسم وجوهاً لأحباب من ذلك الزمن الذي مضى.. أحباب عشتُ أجمل عمري معهم، فَهَيَّجَ مرأى وجوههم شوقي إليهم ودفعني للسؤال ملهوفاً عنهم.. فأنبأتني مويجات ماضيّ المُتهالِكَة بِغنْجٍ أمامي، أنهم رحلوا جميعاً إلى حيث أُهْدُوا من الجَمالِ ما فاق ما سألوه في أدعيتهم..
فابتسمتُ مسروراً بالسعادة التي صاروا إليها، وراجياً موافاتهم إلى حيث أحظى، أنا أيضاً، بما يفوق أمنياتي..
وكأن مويجات العمر المُتدافعة أمامي قرأْنَ ما رجوتُ بخاطري، فتَضاحَكْنَ وغَمَزْنَنِي عابثات ثم هَمَسْنَ لي بِودٍّ وهنَّ يَتَصَنَّعْنَ الاستغراب:
ـ ألا تظنُّ أنَّ الجمالَ الذي تمنيتَه في دعائك ثواباً، لهُ بعض ملامح حبيبتكَ دمشق؟
وبسؤال صاغَتْه بديهة العشق وعفويته، أجبتُ سائلاتي:
ـ أتَعْنِينَ أنَّ دمشقَ قد تكون إحدى جِنانِ الخلد؟!
[/align]
|