رد: مجلس التعارف
السلام عليك أخي كنان؛
*أسعد لحظة يصعب علي التحديد لكني أتذكر أني كنت فرحة جدا بيوم عيد ميلادي العشرين لازلت لاأعرف اللغز لكنه كان يوما سعيدا كنت أرد د فيه لنفسي إني ابنة العشرين سنة وأنه أمر جميل.
اليوم الذي بدأت فيه ابنتي المشي دون الاستناد على أي شيء أيضا كنت في إجازة و هي أول حفيدة لوالدي وإخوتي كانوا يتمنون أن يروها تمشي بعد اطفائها لشمعة عامها الأول بينهم في المغرب؛ في آخر أيام تلك الإجازة الصيفية خطت خطواتها الأولى وفاجئتنا وأسعدتهم جميعا فكان هناك تصفيق و بهجة و فرح..
*يسيء ذلك لنفسيتي خاصة إن كانوا أشخاصا لهم معزة وقيمة عندي وإن اتهموني بما ليس في أو ألصقوا بفهمهم لوجهة نظري فكرة أو حكما علي لا يناسبني .
مجرد الفهم الخاطئ الذي يمكن تصحيحه بسهولة وتجاوزه ليس في حد ذاته مشكلة كبرى لكن أن تهاجم بسبب شيء لم تقصده مثلا أو أن تتهم بما لم تعلمه أو تكون لك نية فيه..أمر يكون مؤسفا ومؤلما جدا بالنسبة لي .
*الواقع العربي في بعض البلدان يتحسن من الناحية الاقتصادية والانفتاح على التكنولوجيا والمعلوماتية و حرية الصحافة..وأعطي مثالا وجود قناة الجزيرة الإخبارية وغيرها الأمر الذي كان غائبا تماما في سنوات مضت .
في نفس الوقت يظل التخلف والتقليد الأعمى والاستسلام لتيارات خارجية أودخيلة حاضرا بقوة في الواقع العربي؛ وإن قسنا معدل التطور الفردي للإنسان العربي وسعيه لتطوير نفسه باستمرارسنجده متدنيا بالنسبة لمواطني الدول المتقدمة طبعا ليس وحده الملام في ذلك فالظروف المحيطة به محبطة و يصعب تجاوزها أحيانا لكن في نفس الوقت هناك تراكم من الممارسات و الأفكار و التصرفات البالية التي لم يتخلص منها المواطن العربي رغم ارتفاع معدل التمدرس أو التعليم أو غير ذلك.
*طبعا يؤثر أي مشكل خاصة إن كان عويصا على مزاجية الإنسان لكني أبحث عن تفاؤلي دوما وأحاول تحويل حزني إلى شيء جميل فكما تعلم الكآبة تولد غالبا نصوصا أدبية عميقة و جميلة مثلا.
مثلا هذا النص:
تعودت عندما أقابل بقسوة أن ألتزم الصمت و أدخل شرنقتي
لأنني لاأحب أن يلومني أحد فإنني لا أتعب نفسي بتوجيه الملام لأحد.
أحس في العتاب و اللوم تضييعا فظيعا لطاقتي حين أشعر بالإساءة ؛ فقلبي الصغير حينما يكسر يتعب و يتنهد ببطأ؛ رفقا به أصمت ؛ أخاله يرهق من الخفقان بشدة إذا ركبت موجة الغضب و أظنه يتأذى أكثروأنا أجلب له مزيدا من الإساءة بدخولي معارك لسانية ونزالات كلامية.
القسوة تخذلنا وتحطم نوايا جميلة وأحاسيس نبيلة نخبئها للآخرين.
إنها تكدر الصفو و ترسم سحابة رمادية في أفقنا الذي نحاول جاهدين أن نزينه بشمس محبة و قوس تفاؤل ولحن انسجام.
سوء الفهم و التسرع و عشوائية الألفاظ ترمينا بسهام تدمينا و عن نفسي أفضل إنتزاع السهام ووضعها جانبا لكي أتأملها و أبحث عن دوري في انطلاقها نحوي.
غالبا ما تبدو لي في محراب صمتي هفواتي التي قد لاتستحق العقاب الذي نلته أو التأويل الخاطئ لتصرفاتي فأحاول التغاضي و السماح.
أذكر والدي بمبادئه الصوفية ساعات الخلاف و هو يحثني على توسيع رحاب القلب و إهداء العفو فأشعر بصدري يتسع وروحي تسمو لتتجاوز الحقد و البغضاء.
الشتيمة و الإستهزاء و توجيه التهم تصرفات غير محسوبة العواقب فعندما تهب رياح الصلح يبدوأن شظايا الكلمات الجارحة تتطاير لكنها وذكراها تأتيان بسرعة الريح أيضا متى دب خلاف جديد.
الغضب يجعل الحدة تلبس اللسان ويغيب العقل تاركا المجال لنزول الألم وجرح الفؤاد.
قال ابن القيم ءرحمه الله تعالى: وأما الغضب فهو غول العقل يغتاله كما يغتال الذئب الشاة وأعظم ما يفترسه الشيطان عند غضبه وشهوته .
في صمتي تجنب للغضب و تحكيم للعقل لكن هذا التدريب لا يمربالليونة القصوى المرجوة فإن الدموع تمطر غالبا ارض السكون و الشرنقة تستهويني أحيانا فأجدني أفضل التقوقع و الإنزواء بدل التحليق في فضاء قد تفاجئني فيه الكواسر و الجوارح.
يلزمني وقت لمجابهة القسوة ووقت لامتصاص الغضب ووقت لفهم مصدر القسوة ووقت لمعالجة الإساءة ووقت لأعود للتحليق كفراشة من جديد لكن هذه السلسلة النبيلة التي تسرق مني كل هذه الأوقات تجعلني أفخر بتوجهي الإنساني نحو الغد الأنقى و تسمح لي أن أمد يدي من جديد إلى من أساء و البسمة تمسح أذاه قائلة: غريبة أنا كالحياة ،كالفصول ، كالطبيعة ؛كإبداع الخالق تظن أنك تعرف عنه كل شيء و يفاجئك بجماله المدسوس في حركة كونية صغيرة و في لمسة سحر تتحدى كل بشر.
دمت بخير و تحياتي لك.
|