رد: همسات دمشقية
[align=justify]الهمسة (13)
لَكَمْ شغفَها مرآه وهو يتقدَّمُ قطيعَ آماله، عائداً به، ذات غروب، من مرعى تطلعاته المترامية على أطرافِ غدٍ لم يُولَد بعد..
ومع أنَّه كان أشعثَ أغبرَ مزركشاً بما تركتْهُ الحرب على وجهه وجسمه من حروق وندوب، فقد بدا لها ساحراً وهو يَقْتَعِدُ حافةَ الرؤيا، تاركاً خيالَه ينوسُ بين ذكرى وأُمنية...
وفي لحظةِ طُهرٍ صافية، امتزجَتْ بُحَّةُ نايهِ الذي جَرَّحَتْهُ اللهفة بآهةِ عشقٍ تَصَعَّدَتْ من قلبها، غادَرَ قلبُها مدارَ كينونته الترابية الكثيفة ليتماهى بنورانيةِ قلبه التي انبثقَتْ دعاءً تعالَى صافياً من أحزانِ رجالٍ ونساء وأطفال خَضَّبَتْ الحربُ ترابَ وطنهم بدماء أبنائهم وأَحِبَّتِهم..
أولئك كانوا سوريين أُدخلِوا تلك الحرب، وأرضُهم، مُرغَمِين.. لكنهم، وعلى الرغم من شديدِ قسوتها، رفضوا التلاشي في نارها، وأصرُّوا على النهوض من رمادهم فجراً مستحيلاً يأبى الانكسار والهزيمة..
ومن فجرهم ذاكَ الذي تَكَوَّنَ تحت رماد احتراقهم، وصار على وشك البزوغ، قرروا أن يُطلُّوا على العالم من جديد، عطاءً إنسانياً يَقْطُرُ محبةً وتسامحاً، ويؤكد أنَّ إرادة الحياة عندهم أقوى وأعظم من كلِّ عقائد الموت واللاإنسانية عند أعدائهم..[/align]
|