رد: همسات دمشقية
[align=justify]الهمسة*(14)
هَالَنِي أن أراها جالسةً على نار غضبها، تحتضنُ قاسيونها بين كفيها، شأنَ من يحتضنُ رأسَه بين كفيه مُفَكِّراً بهمومٍ دَهَمَتْه، ولم يَجِد للخلاص منها مَهْرَباً..
سألتُها مُشفِقاً: ما بكِ؟
فقالت غاضبةً حانقة:
- القدسُ أختي وأقصاها يُستباحان مُجدداً، والمسلمون وولاتُهم صامتون ينظرون إلى مُستبيحيهما اليهود نظرَ المغشيِّ عليه من الموت، فأَوْلَى لهم.. ألا يعلم هؤلاء أن سقوط الأقصى يعني سقوطَ عروشهم؟!
وصمَتَتْ لحظةً، ثم تابعَتْ، وهي تهزُّ قاسيونَها مُفكِّرَةً:
- بل يعلمون، لكن أكثرَهم لا يملكُون غيرَ الصمتِ أمام فِعالِ مَنْ على تلك العروش وضَعَهم، ويقدرُ عنها، متى أرادَ، أن يُزيلَهم.. أما الذين كانوا على معارضةِ اليهود وداعميهم قادرين، فأُشغِلوا بقتال بعضهم حتى ضعفوا..
فسألتُها: وكيفَ تَرَينَ المآلَ غداً؟
فجاوَبَتْني، ولا دمعَ في عينيها تذرفُه، مُذْ جفَّ بردى الذي كان يَرْفِدُ بالدمع مآقيها:
- إنِّي لأرى عروشاً إسلاميةً كثيرة قد نَخِرَتْ وحان سقوطها..، ومعها أو قبلها، ستسقطُ إسرائيلُ وحلمُها وداعموها قبل أن تتمكن من إسقاط الأقصى..
- أبمعجزةٍ إلهية؟
- نعم.. لكنها لن تكونَ بملائكةٍ ينزلون من السماء، ليُحاربوا نيابةً عن المسلمين، بل ستكون بأنَّ اللهَ سيُؤَلِّفُ بين قلوبهم ثانيةً، كما ألَّفَ بينهم فيما مضى.. وبذلكَ يعودون كُلّاً واحداً كالبنيان المرصوص، رُغمَ أنف اليهود وداعميهم وأذنابهم، ورغم إنفاق هؤلاء كلَّ ما نهبوه من شعوب الأرض جميعاً ليمنعوا عودةَ تآخي المسلمين ويمنعوا اعتصامهم بحبل الله جميعاً من جديد..[/align]
|