17 / 09 / 2017, 44 : 04 PM
|
رقم المشاركة : [1]
|
عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام
|
مقتطفات من كتاب ....
المفكر الإنساني لدى إدوارد سعيد
هويته، مسؤوليته، أنموذجه
د. جمال محمد مقابلة د. علي مصطفى عشا
قسم اللغة العربية وآدابها كلية الآداب – الجامعة الهاشمية
مقتطف من كتاب : تحولات الخطاب النقدي العربي المعاصر ( مؤتمر النقد الدولي الحادي عشر 25-27//7//2006 م
قسم اللغة العربية جامعة اليرموك / جدارا للكتاب العالمي إربد - الأردن ط1-2008
ملخص
يدرس هذا البحث هوية المفكر الإنساني لدى إدوارد سعيد التي تظهر في اتجاهين؛ الأول محاولاته الدؤوبة لتحديد ماهية المفكر الإنساني ودوره أو مسؤوليته؛ حيث تتخلق تلك الهوية خارج إطار الأنماط السلبية الثلاثة المتمثلة في القومية والحماسة الدينية والنزعة الاستئثارية (أي الفكر الانتمائي). وتتجلى مسؤولية المفكر الإنساني في كشف الشروخ والفراغآت التي تحدثها الأنماط السلبية في الثقافة الإنسانية، خالقة بذلك حالة من التجاذب الثقافي في العالم، بما تولده من الصراعات وتغذيها. وفي الاتجاه الآخر، فقد استطاع إدوارد سعيد – بنتاجه النقدي والثقافي- أنيجسد بنفسه تلك الهوية وأن يضطلع بهذه المسؤولية، بوصفه مفكًرا إنسانًيا بامتياز؛ لأنه ناضل دوما للبقاء خارج إطار السلطة والموقع والمصالح.
Human Thinker For Edward Sa’id
His identity, responsibility, and model
Dr. Jamal Mohammad Maqableh Dr. Ali Mustafa Asha
Faculty of Arts- Al-Hashemite University
Abstract This research paper looks at the identity of the human thinker, for EdwardSa’id, which appears in two tracks.
The first, Edward’s intensive attempts to determine what a human thinker is and his role and responsibility. The human thinker’s identity is created outside the three negative patterns which are represented in: nationality, religious enthusiasm and the selfish tendency. The responsibility of the human thinker is to reveal the crisis and vacuum in the structure of the human culture which creates and maintains a state of cultural
conflict in the world.
The second, Edward Sa’id was able, through his critic and cultural
production, to set a model by himself and to shoulder the responsibility as being and prominent a human thinker who struggled permanently to stay outside authority, position and interests.
يتسع مفهوم المفكر في منظومة إدوارد سعيد (3009-5391) الفكرية النقدية ليشمل كلاا من؛ الناقد الأدبي والمثقف والفيلسوف والأديب والمؤرخ والسياسي والأنثروبولوجي والأكاديمي الباحث في مجال العلوم الإنسانية بعامة، وذلك انطلاقاً من رفض سعيد حدود التخصص أو الاحتراف المهني الذي من شأنه أن يحد من فاعلية الإنسان الوجودية ، ،لأسباب مهنية وسياسية في آن واحد معاً(1). ويتحدد معنى الإنساني، المقصود في العنوان، ببحث هؤلاء جميعاً في مجال الإنسانيات بوجهأو بآخر، وبالتازم الناقد منهم بالنزعة الإنسانية أو الأنسنية –بحسب ترجمة فواز طرابلسي لها- التي ترى الإنسان أعلى قيمة في الوجود(2)، انطلاقاً من أن "العالم التاريخي هو من صنع بشر من رجال ونساء(3)" وأن التاريخ كما يرى فيكو "قابل للفهم والتفسير فقط لأن البشر قد صنعوه، طالما أننا لا نستطيع إدراك إلاّ ما قد صنعناه بأنفسنا، تماماً مثلما الله يعرف الطبيعة لأنه هو مبدعها( 4)". فالمفكر الإنساني هو ناقد ذو مشاعر إنسانية، وذو نزوع إنساني، والإنسانية من ثََّم تغدو "ممارسة يستخدمها مثقفون وأكاديميون يريدون معرفة ما هم فاعلون، وما يلتزمون به كباحثين
يرغبون أيضاً في ربط تلك المبادئ بالعالم الذي يعيشون فيه كمواطنين"(5). والأنسنية كذلك "لا تمت بصلة إلى الانكفاء، ولا إلى الإقصاء... إن هدفها هو التمحيص النقدي للأشياء بما هي نتاج للعمل البشري وللطاقات البشرية على التحرر والتنوير، وعلى القدر ذاته من الأهمية والتمحيص النقدي لسوء القراءة وسوء التأويل البشريين للماضي الجمعي كما للحاضر الجمعي، فلن يوجد أبداً سوء تأويل لا يمكن م ارجعته وتحسينه وقلبه ارساً على عقب، ولنيوجد أبداً تاريخ لا يمكن استعادته إلى حٍّد ما، وفهمه بشغف بكل ما فيه
من عذابات وإنجازات"( 6).
*******
(1 ) سعيد، إدوارد، المثقف والسلطة، ترجمة محمد عنااني، رؤياة للنشار والتوزياع، ط5، القااهرة 300، ص
2-سعيد ، إدوارد، الإنسانية والنقد الديموقراطي، ترجمة فواز الطاربلسي، ط5، دار الآداب، بيروت 3001، ص51.
3-المصدر السابق، ص31.
4-المصدر نفسه، ص 55.
5-المصدر نفسه، ص39.
6-المصدر نفسه ص42
وامعاناً في تحديد الإنسانية ومزاياها يقول سعيد "إنه يمكنك أن تكون ناقداً للمذهب الأنسني باسم الفكرة الأنسنية؛ لأن الفكر الأنسني إذ يتعلم من تجاوازته المرتكبة خلال تجارب المركزيةالأوروبية والإمبراطورية قادر على صياغة نمط آخر من الأنسنية يكون كوزموبوليتياً، وعميق التجذر في اللغة والأدب غير الأوروبيين بطرائق تستوعب دروس الماضي الكبيرة"(1).
وبما أن كل ثقافة، أينما كانت، تمر عبر مسار طويل من تعريف الذات، وامتحان الذات، وتحليل الذات بالنسبة إلى الحاضر والى الماضي معاً، فإن جوهر الإنسانية هو أيضاً إد ارك التاريخ البشري بما هو مسار متواصل من معرفة الذات وتحقيق الذات(2)، وباختصار فإن الحديث عن الإنسانية لدى سعيد هو حديث عن الإنجاازت الإنسانية "والأنسنية هي إنجاز الشكل بوساطة الإاردة الإنسانية والفاعليات الإنسانية وهي ليست نظاماً ولا هي قوة غير مشخصنة مثل السوق أواللاوعي"(3). وكل بحث في الذات على هذه الشاكلة سيفضي إلى نوع من العودة إليها( 4) بوعي جديد،
يجعلها تعيش وجوداً ممتلئاً، بسبب الروح النقدية التي تمارس في هذا الاتجاه، وذلك انطلاقاً من أن التاريخ هو كذلك يصنع الإنسان بمعنى ما(5).
وهذا السرد النقدي لسعيد حول الإنسانية في هذا السياق، غيض من فيض، يكفي لتوضيح المقصود بمفردة العنوان. وتجدر الإشارة إلى أن كتاب سعيد الأخير الذي دفع به إلى المطبعة، ولم يتسن له رؤيته منشوار، إذ عاجلته المنية، بعد أن غلبه المرض، يمكن معاينته على أنه صرختهالأخيرة، أو بيانه الثوري، الذي جسد فيه خلاصة نظريته النقدية الديموق ارطية ونزعته الإنسانية بعمق؛وإذا كان الكتاب في الأصل مجموعة محاضرات ألقيت في جامعة كولومبيا (6)ضمن سلسلة "موضوعات كولومبيا الفلسفية" ما بين عامي( 3000 و3003 )،أضاف إليها فصلا ، واختار لها عنواناً هو"الأنسنيةوالنقدالديموقراطي " ودافع سعيد عن الأنسنية بوصفها الخيار الوحيد لكل ناقد إنساني، مؤكداً أن الإنسانية بعامة أو الإنسانية الأمريكية(7)، قد قدمت نماذج عبر تاريخها، ولعله كان أحد هذه النماذج، وفي الوقت ذاته رأى في بعض النماذج، سواء الأمريكية أو الغربية بعامة، بعض اختلالات فجهد في نقدها ومراجعتها علّه يرسي دعائم ارسخة لإنسانية عالمية( 8).
**********
(1 ) سعيد، الأنسنية والنقد الديموقراطي، ص31.
. (2 ) المصدر نفسه، ص 46. (3 ) المصدر نفسه، ص93. (4 ) شريعتي، علي، العودة إلى الذات، ترجمة إبارهيم الدسوقي شتا، ط5، الزهارء للإعلام العربي، القاهرة
53 -535. (5 ) المرجع السابق، ص551. (6) سعيد، إدوارد، الثقافة والمقاومة، حاوره دافيد بارساميان، ترجمة علاءالدين أبو زيناة، ط5 دار الآداب، بياروت
300،ص . (7 ) سعيد، الأنسنية والنقد الديموقارطي، ص51. ( 8) سعيد، الأنسنية والنقد الديموقراطي ، ص31.
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|