عرض مشاركة واحدة
قديم 02 / 10 / 2017, 33 : 10 PM   رقم المشاركة : [5]
عبدالله جمعة
يكتب الشعر، الخواطر، الرواية

 الصورة الرمزية عبدالله جمعة
 





عبدالله جمعة is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: السودان

رد: أبويـــــــــــات أدبيــــة. . !

[align=justify] ولدي الحبيب

لقد قرأ علي والدك رسالتك الندية فكم كنت فرحةً وأنا أسمع صوت أبيك وهو ينطق بحروفك التي كتبتها ، أتظنني قد اكتفيتُ بسمعها لمرةٍ ! ، بل قرأتها مرات ومرات بل واستقرأتها كما يستقرأ الربّانُ النجوم . .

أشهرٌ خمسٌ عدت بها الأيام بفئها وهجيرها وأنا بجوار ذكراك ولم تغطني بظلال بنانك ، فحينما قرأت ما قرأت من كلماتك الصادقة ومشاعرك الدافقة نحونا رحمتك من عتبي فازداد رضائي عليك رضاً . . كنت نعم أسمع شقشقة صوتك عبر الهاتف شبه يومي ولكن كل ما هو منك لا يغنيني من أن أنحت طيفك في كل زاوية من زوايا بيتنا فأسمع فيها صرخات فرحك وبكاءك وأنت زهرٌ يانع في مرضعك وغصن يافعٌ في صباك وها أنا أشكر ربي أن سواك رجلاً صلداً لا تهزَّه العواصف . .

وكان أكثر ما يُلبد دمعي حين ذكراك!! حينما أتذكر صهلتك المراهقة عند دخولك البيت وتقبيل يدي حين عودتك من المدرسة وتسألني عن صحتي وتطمئن على أخواتك الزهروات واحدة تلو الأخرى . . كنت أراك وقد فاق لُبك عمرك . . كنت وما زلت أحمد الله أن رحمني بابنٍ بارٍّ مثلك فما أنت إلّا من أبيك وما أباك إلا من أصلاب الفهود ، فلا تعجب إن خرجتَ من فهدٍ زوجه ريم، فهذا أبوك كان الذي يدعونني الريم وأنت ما زلت تضاحكني بها حتى كدت أن أنسى إسمي بل لا أخفي عليك أحببته أكثر من إسمي ما دام أنت وأبوك تحبانه . .

إذاً دعني قليلاً أسألك عن حالك . . كيف تجدك مع دراستك . . فلا تفوِّتَنَّ أوقاتها فوات الماء بين حبات الرمال ، فالعلم سلاح يحني أعناق المدافع ويطفيء ناراً عجزت عنه ماءٌ ، فكن حذراً ولا تكن هزلاً ، واتبع رفقتك من صلح فيهم دينه وخلقه ولا تتبع من ألقمه هواه حجر الزيغ والضلال ، وأنأ ببدنك وعقلك عن رفقة الحمقى والسفهاء ففي الحمق تكثر الزلات وفي السفه يُكسر الكبرياء . .فلا تيأس من زحزحة صخور الحياة فالصخر رمز الصمود فإن زحزحته كان صمودك الأقوى . . ولا تجعل العجلة في أمورك مقوداً فكم من تعجل قد خاب وإن كان مبتغاه عين الصواب ، فلا تهنأ بأمرٍ ما لم تشكر الله قبل أن تأجج الفرحة بجوفك دون حمدك لله فما الأفراح إلّا إبتلاء كما الأحزان ! . .

لي ولي يا بني الكثير فيما أريد قوله ولكن شغفي للقياك وشجني لبعادك كثيراً ما يكبلني عن خط حروف تسد لك الآفاق شوقاً . . فهذه الأسطر قليل القليل مما وددت أن أسطره . .أو أقول كما قلت إنه لكلمتين مني . . فاعذرني حتى ملتقى أسطر أخرى فوالدك على مقدَمه وكأني أسمع زفير سيارته عند مطلع المنزل.

دمت بألف عافية وهدوء بال.

أمك التي تحبك
[/align]
توقيع عبدالله جمعة
 لا تعْلو بِصَوْتِكَ وَالأُسْدُ ِمنْ حَوْلِك تَهْمِسُ
عبدالله جمعة غير متصل   رد مع اقتباس