عرض مشاركة واحدة
قديم 16 / 11 / 2017, 30 : 01 AM   رقم المشاركة : [9]
د. رجاء بنحيدا
عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام

 





د. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: مقتطفات من كتاب ....

مع كل هذا الخلاف فإننا نتيح لأنفسنا أن نطلق اصطلاح المفكر الإنساني على كل هؤلاء
جميعاً وغيرهم ممن ورد ذكرهم في مطلع البحث، وذلك كله بوحى من فكر سعيد نفسه. وهذا المفكر هو في الأصل باحث إنساني يقف في وجه تيار جارف يحاول طمس معالم الإنسان لمصلحة العلم ادعا ًء، أو لمصلحة العولمة اقتصاداً، أو لمصلحة التعصب بحثاً عن وقود لحرب
ظالمة، أو غير ذلك من المآرب اللاإنسانية. وفي غالبية الأحوال فإن هذا الناقد يخضع لأنواع من المصادرة والإقصاء، ويوضع في سياقالتبعية الداخلية أو الخارجية، كل ذلك بهدف الحد من فاعليته، والقضاء على مشروعه، لمصالح السلطة السياسية أو سلطة الواقع المتخلف أو سلطة القوى الغالبة، وهكذا.
ويحدد صالح الكاظم مصادر التبعية الداخلية بأنها، المفكر نفسه والسلطة والبيئة التي ينشأ في ظلها ذلك المفكر(18). ويستطرد في بيان ممارساتها عليه. وهذه جميعاً تحول دون اكتمال مشروعة على الوجة الأمثل.
ويرى حسن حنفي أن دور المفكر يتحدد في تحويل العقل إلى ثورة عن طريق النفي؛ لأن
النفي هو عملية تحرر لا تتحقق الحرية إلا من خلالها، وذلك لأن الفكر الجدلي يعتبر "العالم ليس حرا ، وأن الإنسان والطبيعة كليهما مغترب، ومن ثم وجب التحرر؛ لذا لا يتم التحرر إلا بالنفي"(9)
ً وهذا النفي المنطقي سيؤدي بدوره إلى الرفض السياسي، وذلك حسب هربرت ماركيوز في إعادة تفسيره لمنطق هيجل( 19). وهناك أطروحات عديدة في هذا المجال، وقد قّدم حسن حنفي نماذج أخرى منها؛ نموذج (كاميلو توريز) القّديس الثائر، الذي عرض لتجربتة الثورية في بلده كولومبيا، وكيف تحول عبر بناء الوعي الثوري من الكنيسة إلى الجامعة إلى المجتمع إلى المعارضة السياسية بعد أن أسس علم الاجتماع القومي، وحلل من خلاله تركيبة المجتمع الريفي والمدني طبقياً، وقدم مخططاً للتنمية الاقتصادية، وخلق بذلك ثقافة ووعياً طبقيين، وتحول بالدين إلى الثورة، وقدم حياتهثمناً لكل هذا الالت ازم، مما أدى إلى توحيد القوى الثورية في بلاده فتحقق حلمه الأخير الذي تم في "الجبهة المتحدة للشعب الكولومبي"(20).
ينطوي حلم إدوارد سعيد على استثمار مثل هذه النجاحات في العالم، ويحلم بأن تتوحد القوى
بهذا الاتجاه عله يجد تياراإنسانيا فاعلا بصفة كوزموبوليتية، لكن الوصول إلى ذلك يبدو بعيدا في ًًًّ ً
الوقت الراهن ، فهو ما يزال يشكو مؤكدا التشديد على غياب أي برنامج أو مخطط توجيهي أو نظرية كبرى لما يستطيع المثقفون القيام به، وعلى الافتقار راهنا إلى أية غائية طوباوية يمكن القول إن التاريخ البشري متجه إليها"(21).
لكنه مع ذلك يضع برنامجا للمثقف أو المفكر أو الناقد الأنسني في حدود اللحظة الراهنة ، فهو يريد له أن يبقى بعيداً عن التعصب بكل أشكاله، وعلى الأخص ما سلف ذكره من تعصب عرقي قومي أو حماسة دينية مغالية أو نزوع استئثاري، هكذا تكون المسؤولية الأولى للمفكر أن
يبقى خارج دائرة الفكر الانتمائي بمعناه المنغلق(22). ثم إنه يريد له أن يبقى خارج إطار السلطة والمصالح والموقع(23)،حتى يتحرر من التبعية بشتى أنواعها؛ لأن التبعية لا تليق بقامة المثقف أو المفكر " فالمثقف ما هو إلا ذاكرة مضادة بمعنى ما، تملك خطابها المعاكس المخصوص الذي يمنع الضمير من أن يشيح بنظره، أو أن يستسلم للنوم".(24)
وعلى المثقف والمفكر كذلك أن يضع نفسه على مسافة ما من السلطة لا يتعداها، ولكن لابد له من قول الحقيقة لها؛ لأنه باحث عن الحقيقة، ويتمتع بمعرفة مدعومة بالحرية، ويجب عليه أن يمتلك أسباب القوة التي تجعله يقول الحقيقة للسلطة، ولا يعد هذا القول ضرباً من المثالية الخيالية"بل إنه يعني إجراء موازنة دقيقة بين جميع البدائل المتاحة، ،واختيارالبديل الصحيح،،ثم تقديمه بذكاء، في المكان الذي يكون من الأرجح فيه أن يعود بأكبر فائدة، وأن يحدث التغيير
الصائب( 25)". ولما كان المفكر الإنساني يحتل مكانته بفعل المساحة التي تتيحها الصفة الأكاديمية له، فإنه
غالباً ما ينزلق إلى نوع من التخصصّية المقيتة والاحتراف المهني، لذا يميز سعيد بين نوعين من الأكاديمية ؛ الأول يضع أصحابه خبراتهم وقدراتهم تحت آيدي الحكام ليبقوا على استغلال البشر الذين يحكمونهم ،، ومن هؤلاء كذلك نفر يقدمون خدماتهم إلى المستعمرين من أمثال برنارد لو وفؤاد عجمي وكنعان مّكّية واف. إس. نايبول(26)؛ لذا تنتفي عنهم الصفة الإنسانية. أما الصنف الآخر من الأكاديميين فهم ينذرون أنفسهم للنزعة الإنسانية، ويمثلون حقيقة المفكر الملتزم وهو
المثقف الجمعي أو العضوي حسب تعبير غارمشي(27). وأخطر مسألة تواجه الأكاديمي هي دعوى التخصص، التي يهدف خصومه من خلالها إلى عزله عن الواقع بدعوى الإخلاص للتخصص والاحتراف المهني ، ،وربما كان من أهم مالحق بالثقافة الإنسانية من خسارة هو ما نجم عن فكرة التخصص هذه، فقد تم الفصل بين الثقافتين الأدبية والعلمية بحسب مفهوم سي . بي . سنو لهما (28)وماازل العلم يجور على الثقافة الأدبية ، ومن ثم على الثقاف الإنسانية ، مما ينبئ باستمرار حالة لتدهور الإنساني في ظل إنجازات علمية مادية ،، لذا نجد سعيداً يتفحص هذا الأمر بنوع من التحليل والمهارة، مفيداً من شكوى جورج لوكاتش التي نحدث فيها عن الكتاب والنقاد ، حيث بين أن احتراف الكتاب بسبب التقسيم الرأسمالي للعمل قد جعلهم ، مع النقاد كذلك ، يعنون بالشكل والتكنيك ولاحتراف والتخصص والمهنة مما أبعدهم عن الفن العظيم، وهكذا فقد هؤلاء وأولئك بعدهم الإنساني وتخلّوا عن وظيفتهم الاجتماعية والسياسية
والجمالية معاً. ( 29 )
وتحدث علي شريعتي عن مثل هذا الأمر كذلك حين قال: "نحن نعلم أن التخصص نوع من
الكهنوت وغربة الإنسان عن نفسه، والنظم الثورية اليوم تهدف ألاّ يكون الإنسان بين جد ران تخصصه،فتقدم برامج عمل للموظفين والمفكرين والمسؤولين والسياسيين، ولكن هذه البرامج ذات جانب دعائي وصوري ومؤقت، ومن أجل التظاهر وليس واقعياً".(30)
إنها الصورة نفسها التي يشكو منها سعيد حين يقول: "والنتيجة أن أصبح المثقف اليوم، على الأرجح، أستاذاً للأدب يعيش منعزلاً في خلوته، ويتمتع بدخل مضمون، لا يهتم بالتعامل مع العالم خارج قاعة الدرس، ويزعم جاكوبي أن أمثال هؤلاء الأفراد يكتبون نثرا خفي الدلالات ويتصف بالهمجّية، وهدفه الأّول هو الترقّي في المناصب الجامعّية لا التغّير الاجتماعي"(31).
د. رجاء بنحيدا غير متصل   رد مع اقتباس