الشاعر والباحث العروضي الكبير أستاذ غالب..
هل يمكن لو سمحت أن تحدثنا عن تجربتك كناقد عروضي.. وما هو منطقك في تقييم الحركة الشعرية .. بشكل عام؟؟
هل يمكننا أن نتحدث عن شعرية عربية ذات حضور قوي وملامح محددة؟؟
ما رأيك في المصطلحات الآتية :
- تفجير اللغة
- تحطيم اللغة
- صناعة الشعر
أستاذنا الكريم ، هل أنت مع تسييس الشعر أم ابتعاده عن السياسة ؟
هنا أقصد بشكل عام وليس الوطني والمقاوم
ما رأيك في مقولة: (( الشعر يغير العالم)) ؟
أرجو قبول هذه الوجبة من الأسئلة وقبل أن أغادر
الشاعر حسن البحيري ( رحمه الله) الملقب بشاعر حيفا الملهم ..
كان لي شرف زيارته في منزله بدمشق والجلوس إليه حينها قبيل رحيله بفترة وجيزة، بصحبة ابن عمتي الشاعر طلعت سقيرق ( رحمه الله) وكنت ربما لم أتجاوز الخامسة عشر على ما أذكر ،
كان اللقاء رائعاً ، وكان الرجل في غاية اللطف قرأ لي من شعره وأهداني ديوانه المتميز : " حيفا في سواد العيون" وحدثني طويلاً عن عمي الأكبر الشاعر بدر الدين الخطيب ( أخ غير شقيق لأبي والدته ابنة الشيخ يوسف النبهاني) - رحمهم الله - بسبب وفاة أبي وأنا صغيرة لم أكن أعرف الكثير عن عمي بدر الدين الذي سماه البحيري:" شيخ شعراء حيفا " كان يحفظ بعض شعره ، للأسف لم أدونه يومها .. واكتشفنا طلعت وأنا في بحثنا المضني لاحقاً، أن شعر عمي بدر الدين لا أثر له .. وهذا للأسف يتكرر كثيراً وتكرر في عائلتي تحديداً ، برأيك، هل توجد مراجع تحفظ الشعر الفلسطيني المقاوم وماذا فعل الصهاينة بكل هذه الثروات الفكرية التي تركها الناس خلفهم؟؟
وفي الختام أسألك عن رأيك بشعر الراحل حسن البحيري وأقدم بين يديك هذه القصيدة التي تعرفها ملياً بالتأكيد ؟
حيفا في سواد العيون
ما أَشْرَقَتْ عَيْنَاكِ إلاّ خانَني
بِصَبابَتي.. صَبْري.. وَحُسْنُ تَجَمُّلي
وَتَحَسَّسَتْ كَفّايَ مِنْ أَلَمِ الجَوى
سَهْماً مَغارِسُ نَصْلِهِ في مَقْتَلي
وَتَسارَعَتْ مِنْ مُهجَتي في وَجْنَتي
حُمْرُ المَدامِعِ جَدْوَلاً في جَدْوَلِ
فَلَقَدْ رَأَيْتُ بِلَحْظِ عَيْنِكِ إِذْ رَنَتْ
والتِيهُ يَكْحَلُها بِميلِ تَدَلُّلِ
"حَيْفا" وَشاطِئَها الحَبيبَ، وَسَفْحَها،
وَذُرىً تعالتْ لِلسِّماكِ الأَعْزَلِ
وَمُنىً تَقَضَّتْ في فَسيحِ رِحابِها
وَهَوىً تَوَلّى في الشَّبابِ الأَوَّل
وَرَأَيْتُ هَيْمَنَةَ الأَمانِ مُطَمْأَنَ
اللَّهَفاتِ مِنْ غَدْرِ الصُّروفِ الحُوَّلِ
بِظِلالِ أَهْدابٍ تَرِفُّ غَضارَةً
كَظِلالِ أَهْدابِ الغَمامِ المُثْقَلِ
وَذَكَرْتُ مِنْ عُمُرِ النَّعيمِ مَضاءَهُ
بِصِبىً على رُودِ الليالي مُعْجَلِ
ِ
وَالعيشُ بُسْتانٌ وَبَسْمَةُ سَعْدِهِ
فَجْرٌ بِأَفْراحِ المَشارِقِ يَنْجَلي..
وَالنَّجْمُ يَسْحَبُ مِنْ مَشارِفِ أُفْقِهِ
ذَيْلَ الإِباءِ إِلى مَشارِفِ مَنْزِلي
عَيْنٌ رَأَيْتُ بِسِحْرِها وَفُتونِها
أَحْلامَ عَهْدٍ بالصَّفاءِ مُظَلّلِ
وَلَمَحْتُ بَيْنَ سَوادِها وَبَياضِها
ظِلَّ الصَّنَوْبَرِ في أَعالي "الكَرْمِلِ"
فَعَلى جُفونِكِ لاحَ طَيْفُ رَبيعِهِ
وَالحُسْنُ يُوطِئُهُ بِساطَ المُخْمَلِ
والسَّوْسَنُ المَطْلولُ بَيْنَ صُخورِهِ
خَفِقُ العِطافِ على أَغاني البُلْبُلِ
وَمَضاجِعُ الأَحْبابِ في أَحْضانِهِ
بَيْنَ الخمائِلِ مِنْ حَريرٍ مَوْصِلي
والرّيحُ تَشّدو في مَلاعِبِ دَوْحِهِ
نَغَمَاً تَنامُ لَهُ عُيُونُ العُذَّلِ
جَبَلٌ أَطَلَّ عَلى مَرابِعِ أُنْسِهِ
قَمَري.. وَغابَ وَتِمُّه لَمْ يَكْمَلِ
وَغَرَسْتُ بَيْنَ شِعافِهِ وَشِعابِهِ
زَهْرَ الصِّبا وَرَوَيْتُهُ مِنْ سَلْسَلَي
وَرَعَيْتُهُ بالرُّوحِ مِنْ لَفْحٍ.. وَمِنْ
نَفْحٍ وَمِنْ غِيَرِ الزَّمانِ النُّزَّلِ
فَنَما عَلى جُهْدِ الضَّنى.. وَعَنائِهِ
وَزَكا عَلى جُرْحٍ عَسِيرِ المَحْمَلِ
حَتَّى اسْتَوَى سُوقاً.. وَهَدْهَدَ خاطِري
مَجْنىً.. وَأَكْمامُ الرَّجاءِ بَسَمْنَ لي
مَجْنىً.. وَأَكْمامُ الرَّجاءِ بَسَمْنَ لي
قَطَفَتْهُ كَفٌّ غَيْرُ كَفِّي عَنْوَةً
وَجَناهُ مِنْ أَرْضي غَريبُ المِنْجَلِ!
فَإذا رَنَوْتُ إِلى لِحاظِكِ تائِهاً
مِنْ سِرِّها في جُنْحِ لَيْلٍ أَلْيَلِ
مُتَعَثِّرَ اللَّحَظاتِ، مَشْدُوهَ الأَسى
أَهفو لِحَظٍّ مُدْبرٍ أَوْ مُقْبِلِ
وَأَنا أَرودُ بِلَهْفَتي وَصَبابَتي
أَلْقَ السَّنى مِنْ وَجْهِكِ المُتَهَلِّلِ
فَتَلَفَّتي، لا تَعْطِفي جِيدَ الحَيا
عَنّي، فَفي عَيْنَيْكِ غايةُ مَأْمَلي..!
المصدر في نور الأدب: http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=7968
تفضل بقبول فائق آيات تقديري واحترامي