الموضوع: همسات دمشقية
عرض مشاركة واحدة
قديم 24 / 11 / 2017, 16 : 11 PM   رقم المشاركة : [95]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: همسات دمشقية

الهمسة (21)

[align=justify]في وحشةِ ليلٍ طويلٍ دَبِقِ السواد، طحلبيِّ القسمات، لَزِجِ الدقائقِ والثواني، تَغَيَّرَ كلُّ شيء إلى نقيضه..
اتخذَتْ الإرادات نقيضَ اتجاهاتها المنطقية، واتجهت الأفعال إلى نقيض غاياتها الأصلية، وتعاكست مسارات المشاعر فامتلأت قلوب الأخوة بكراهية بعضهم ومحبة عدوهم، مع أنَّه وعدَ مَن يَقتلُ أكبرَ عدد من أخوته بأن يجعله عبداً أبدياً له..!
ظلَّت ساكنةً، ترقبُ ما يجري عاجزةً عن إيقافه، حتى بلغَ دمُّ الأخوة كعبيها، فانتفضت خارجةً من مخدع سكونها، وجَرَت نحو الماضي تستصرخ أجدادَ المقتتلين سَفَهاً، فامتدَّ الأسفُ من الماضي للحاضر صرخةَ عجزٍ دَوَّتْ: واعرباه! ثم تخامَدَتْ تحت الظلماتِ الدَّبِقَة أملاً مقطوعَ الحنجرةِ والشفتين..
لكنَّ حبيبتي الثائرة غضباً، لم تيأس، فاتجَهَتْ لرسالات الحبِّ الربَّاني تسألُها طَرْدَ من اتخذوها سبباً للقتل، وفضحَ خيانتهم لمبادئها، فجاوبتها تلك الرسالات بصرخة أرعبت كُهَّان الليل، وكادتْ تهتكُ سِترَهم، لولا أن نصحَهم وَلِيُّهم الشيطان: سَمُّوا حُبَّ الله إرهاباً، وأَعْلِنوا الحربَ عليه.. وما كادوا يفعلون، حتى امتدَّت الفجيعةُ من الماء إلى الماء مَحَبَّةً مُمزَّقةَ الأوصال ألقاها المُقتتلون على قارعة سفاهتهم ديناً يَذْبَحُ ديناً، ومذاهبَ تحرقُ أخرى، وطوائفَ تذبح طوائف، بذريعة (مكافحة الإرهاب)!..
بكتْ حبيبتي، وتملكتها الحيرة، فاحتَوَتْ قاسيونها بين يديها مُفَكِّرَةً، كما اعتادت أن تفعل كلما ألَمَّت بها مصيبة، وحين لم يُنجدها تفكيرها بحلّ، كادت تغرقُ في بحر القنوط، لولا أن أنقذتها من لُجَجِهِ ضحكةُ فجرٍ سوري فَاجَأَ كُهَّانَ الليل ببزوغه من تحت رماد اليأس دعوةَ حبٍّ تترقرقُ بين كَفَّيهِ أملاً بغدٍ عربيٍّ/إسلاميٍّ أفضل..[/align]
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس