أقْفاصُ العَصافيرِ
( أقْفاصُ العَصافيرِ ) قصيدة على بحر الكامل شعر : عصام كمال
.................................................. ...........................
عِنْدَ المَغِيبِ ، اللَّيْلُ يَدنُو خُلْسَةً
لِتَنَامَ شَمْسُ الْكَونِ خَلْفَ حِجَابِهِ
فَتُلَمْلِمُ الإِشْرَاقَ مِنْ صَدْرِ السَّمَا
وَ تُوَدِّعُ الأَطيَارَ ، وَ الأَزهَارَ فِي صَمْتٍ مَلِئٍ بِالأَسَى
وَ كَأنَّهَا تَهْوِي إِلَى أَعْمَاقِ بَحْرٍ ...
تُطْفِئَ الأَكْدَارَ ، وَ الْأحْزَانَ ، وَ الزَّمَنَ الَّذِي مَرَّتْ بِهِ
رُوْحٌ يَئِّنُ قُيُودَهُ ، وَ الذَّاتُ قُضْبَانٌ لَهُ
مِنْ قَهْرِ أَفْكَارٍ غَشَتْ بِطُنُونِهَا نَفْسًا بِرَغْمِ يَقِيْنِهاِ
كَصِرَاخِ طِفْلٍ فِي العَرَاءِ شَكَا النَّوَى
وَ يُكَفْكِفُ الدَّمْعَ -الَّذِي يِهْمِي - بِأَوارَقِ الخَرِيفِ ، وَ بَأْسِهِ
يَأْسٌ دَمَى غَوثًا وَ قَد خَابَ الرَّجَا
هَا نَحْنُ نَقْطِفُ زَهْرَةًَ ، وَ نَهِيمُ عِشْقًا بِالشَّذَا
هَا نَحْنُ نَبْغُضُ شَوْكَهَا
وَ بِدُوْنِهِ !
لَنْ نَعْشَقَ الأزْهَارَ ، أَو نَسَمَاتِهَا
هَا نَحْنُ نَقْتُلُ بَعْضَ آمَالِ الهَوَى
هَا نَحْنُ نَنْقِشُ ذِكْرَيَاتٍ فَوْقَ جُدْرَانِ الْأمَانِي ...
ثُمَّ طَوْعًا نَهْدِمُ الدَّارَ الَّتي عِْشْقًا حَوَتْ
عَارٌ عَلَى الْقَلْبِ الَّذِي بَاعَ الوَفَا
لَيْلٌ تَهَادَى سُهْدُهُ
تَصْحُو قُلُوبٌ ...
تَرْتَجِي الأَقْدَارَ تَشْفِي جُرْحَهَا
رَغْمَ السُّكُونِ...
وَ خَلْفَ أَسْتَارِ الدُّجَى
تَتَأَلَّمُ المُهَجُ الَّتِي تَبْكِي الشُّمُوُعُ بِدَمْعِهَا
كَمْ مُهْجَةٍ قُتِلَتْ بِمِحْرَابِ المُنَى
تَتَأَرْجَحُ الذِّكْرَى عَلَى أَمْوَاجِ أَمْسٍِ بِالأسَى
يَمٌّ هَوَتْ شُطْآنُهُ
وَ سَفِينَةٌ عَصَفَتْ بِهَا الرِّيَاحُ لَمَّا أَبْحَرَتْ
فَقَدَتْ شِرَاعَ الأمْنِ ، وَ الْقْبْطَانُ مَفْقُودٌ ...
وَ مِجْدَافٌ هَوَى
وَ الْخَوفُ يَهْذِي مِنْ صَدَى بَأسٍ ...
وَ مَا زَالَ الرَّجَا يَسْتَنهِضُ الآمَالَ مِنْ أَيْدِ الفَنَا
لَوْلَا يَجِفُّ البَحْرُ فِي أَعْمَاقِهِ
وَ إذَا بِهَا الطُّرُقَاتُ قَدْ عَجَّتْ بِأَسْيَافٍ ، وَ أعناقٍ...
وَ ثَارَ القَهْرُ فِي عَتَمِ الدُّجَى حَتَّى دَمَى دَرْبَ الصَّفَا
قَد أَحْرَقُوا نَسَمَاتِ فَجْرٍ يَزْدَهِي
أَيْنَ الفِرَارُ مِنَ الرَّدَى
إمَّا الخُضُوعُ لِرَغْبَةٍ
إِمَّا تَوَابِيتُ الفَنَا
وَ الرُّوْحُ يصْبُو لِانكِسَارِ البَطْشِ...
بِالأَمَلِ الَّذِي يُزْجِي الْقُلُوبَ عَزِيْمَةً
قَفَصٌ تَلَا قَفَصًا ، وَ تَشْتَاقُ العَصَافِيرُ الفَضَا
حُرِّيَّةٌ مَفْقُودَةٌ وَ الْحُلْمُ مَسْجُونٌ بِأقْفَاصٍ ، وَ أَصْفَادٍ...
وَ النُّهرُ ظَمْآنٌ لأَحْضَانِ الطُُّيُورِ وَ صَدْحِهَا
وَ البَحْرُ يَهْوِي بِانْحِسَارٍ ...
يَسْتَحِمُ المَاءُ بِالطِّينِ الَّذِي يَغْشَى العُيُونَ وَ مُهْجَةً
وَ القَوْمُ مَا زَالُوا نِيَامًا فِي قُصُورٍ تَنْتَشِي
وَ الطَّيْرُ فِي أَقْفَاصِهَا تَأسُو المَدى
يَا أَيُّهَا الكَوْنُ الَّذِي يَغفُو ، وَ يَصْحُو مُرْغَمًا
يَا أَيُّهَا البَدْرُ الَّذِي بَيْنَ الدُّجَى سَاقَ الوَفَا
الشَّمْسُ حَائِرَةُ المَدَى
بَينَ الشُّرُوقِ ، وَ بَينَ أَشْجَانِ الغُرُوبِ ، و َدِفْئِهِ
النَّاسُ حَيْرَى تَهْذِي ، وَ الضَّمِيرُ هَوَى ، وَ غَابَتْ رَحْمَةٌ
عَدْلٌ قَتِيلٌ ...
وَ الدِّمَاءُ تَسِيلُ غَدْرًا مِنْ شِفَاهِ الوَرِدِ ...
وَ الأَحْقَادُ أَدْمَتْ دَوْحَةً
وَ الشَّمْسُ صَارَتْ تَسْتَحِي مِنْ قَرْنِهَا
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|