الأديب والناقد المتميز الأستاذ عبد الحافظ بخيت متولي
الأخ والصديق .. يشرفني ويسعدني أن أحل ضيفة عليك في الصالون الأدبي وأن يحاورني مبدع وناقد متميز في مثل قامتك الشامخة ..
مقدمتك وسام شرف أتمنى أن أستحقه .. ليس لمثلك أن يرتبك أديبنا العزيز ؛ لكنه بالتأكيد تواضع الكبار ..
شكراً جزيلاً على هذه السطور التي تفضلت وقدمتني بها .. أنحني خجلاً واعتزازاً ..
1- من هي هدى الخطيب وكيف تراها قديما وكيف تراها الآن ؟
هدى نور الدين الخطيب إنسانة بسيطة ، أهم شخوصها ، طفلة تسكن في أعماق ذاتها .. طفلة نسيت كيف تكبر .. ببساطة لأنها تكره التعقيد وخبث الشريحة الأوسع ممن يكبرون .. لا تكره ولا تجيد فصول الكراهية ، ورغم الصفعات دائماً تتفاجأ .. لها حسناتها ولها عيوبها مثل كل الناس..
في كل منا بعض التناقضات .. فالإنسان - أي إنسان - في داخله مجتمع كامل يعيش فيه كل من ترك أثراً في حياته ، حتى لو كان بين دفتي كتاب ..
الذي تغير بين الماضي والحاضر كثير وأسبابه عديدة منها هذه النكبات المأساوية القاصمة التي تصفع وتصدم في كل يوم الإنسان العربي المنتمي لأمته.. ما مرّ علينا ولم يزل يحتاج عشرة أجيال لهضمه وابتلاع مآسيه..!
لهذا كانت هدى هادئة تبتلع انفعالاتها أكثر؛ مرحة وابتسامتها حاضرة تملك روح النكتة .. اليوم هي عصبية إلى حد ما ، تثور أحياناً .. كابية كئيبة لا تجيد الابتسام كثيراً إلا حين تشاكسها تلك الطفلة الساكنة أعماق ذاتها وتتصدر المشهد ، وحينها فقط تعود هدى إلى هدى..
2- ما أهم المحطات الفاعلة في حياة هدى الخطيب؟
كثيرة هي المحطات الفاعلة .. نجاحات في الدراسة والعمل .. ولادة إبني وأول يوم سار خطواته الأولى وأول مرة لفظ كلمة " ماما" .. محطاته هو ونجاحاته.. هذا بالنسبة للشخصي ، ولكن ولكوني كما تعرف معبأة بالهم العام وإحساسي الشديد بالانتماء لعروبتي .. اليوم الذي بدأت فيه الثورة الشعبية التونسية وتلتها المصرية ، أعتبره أهم محطة في الحياة .. كانت قطرات ماء باردة منعشة وسط ظمأ هذا الجحيم العربي والذل الذي فرض علينا .. وما زلت ربما مصرّة أن انتصار الثورة المضادة مدعومة من الغرب الاستعماري - مرحلة ومجرد فصل من فصول الرواية.. وليست النهاية - مؤمنة أن فلسطين لن تعود حتى تتحرر الأّمة من الخيانات والفساد لتنال الإستقلال الحقيقي لا الصوري..!
3- كيف ترى هدى الخطيب العالم من حولها الآن ؟
تقدم في التكنولوجيا والعلوم مع تراجع مريع في الحضارة وانحدار الإنسانية، بسبب كثرة الفساد والبلطجة وتحكم نماذج شاذة إنسانياً شرهة للربح والاتجار بكل شيء على المشهد العام ، وما فوز تاجر مثل ترامب سوى أنموذج فاقع الوضوح يختصر واقع العالم اليوم.. ويكفي أن نقوم بجولة سريعة على الإعلام ومحطات التلفزة والسينما لنعرف كيف تسقط القيم وتنحدر الحضارة الإنسانية ، ولعلنا وصلنا إلى الحضيض وما بعد الحضيض سوى الصعود مجدداً في دورة جديدة.
4- من أهم من أثروا في حياة هدى الخطيب ولم يفارقوا ذاكرتها حتى الآن؟
أمي أولاً .. فهي إنسانة استثنائية جداً.. واسعة الثقافة عاشقة للقراءة والأدب والفنون عميقة الإيمان ، عربية وطنية صادقة الانتماء القومي ، مكافحة لا تلتفت لصغائر الأمور ، كانت لي الأم والأب لغياب الأب وعرفت دوماً كيف تكون صديقتي الأقرب من كل لداتي وفي مختلف مراحل حياتي.. بعدها روح أبي التي سكنتني رغم أني لم أعاصره تقريباً .. ولدي قائمة صغيرة ممن احتلوا مكانة كبيرة عندي وتركوا بي أثراً وما زالوا يعيشون في داخلي، في مقدمتهم بالتأكيد ابن عمتي الشاعر طلعت سقيرق وصديقتي الراحلة " أندريا لورنز".
5 - لو أن هدى الخطيب أرادت أن تعود إلى شخص تتدثر به فمن يكون ؟
ولماذا؟
لا نتدثر سوى بأمهاتنا .. هذا بالفطرة .. لأنها أمي..
كان من أول النصوص التي كتبتها لإحدى المجلات فيما نحتاج أن نتدثر به: حنان الأم وأمان الأب .. وأظن هذا في فطرة كل إنسان .. نعود أطفالاً أمام أمهاتنا نتزود منهن الحنان وحين نشعر بالخوف نبحث عن صدر الأب نحتمي به ..
من أهم عيوبي " شرنقة " ذاتية أدخلها وأتدثر بها بعيداً عن العالم كلما احتجتها..!
جزيل الشكر على هذه الأسئلة الجميلة فعلاً.
[/quote]