إضاءات لمصطلحات نقدية معاصرة
الانحراف المعرفي : méconnaissance
يأتي هذا المفهوم ضمن منظومة من المفاهيم الإنسانية النفسية ترتبط بمرحلة المرآة ومفهوم الآخر ، والأنا، والتحديق ، والاغتراب. وتعني الكلمة سوء الإدراك أو الخطأ أو عدم الدقةأو التوهم . لكنها في معجم علم النفس اللاكاني تكتسب أبعادا محددة تربطها بمعاني " الإيمان المتعصب " أو " الغش والكذب الذاتي "
ويجمع طلاب لاكان " على أن المفردة ترد باستمرار في سجال لاكان ضد ممارسات علم النفس السائدة، خاصة الفرويدية، إذ يرى أن تلك الممارسات تمثل فشلا عاما أولا على مستوى إدراك الطفل لذاته في مرحلة المرآة. ثم فيما بعد على المستوى النظري يرتكبه التحليل النفسي ويحول دون فهم لغة علم النفس الموروثة. ويستشرى هذا الفشل في خطاب التحليل النفسي وبهذا يقف عثرة في طريق تقدم العلاج وشفاء المريض .
ولما كان الانحراف المعرفي جزء لا يتجزأ من تكوين الأنا في التحليل النفسي تقتضي العناية بهذا الانحراف الذي يكونها، لكن علم النفس نفسه يعاني من نفس الانحراف المعرفي ، وهكذا. فإن ادعى فرويد تأصيله علم النفس ، فإنه هو نفسه فشل في " كل ما تمهله الأنا "
فالانحراف المعرفي ليس فقط فشلا جوهريا في بنية خطاب علم النفس ، يل يصف أيضاً في معجم " جان لاكان " وضع " جهل الفرد"بحقائق ما يتبناه لنفسه من " ذات ".
ومن تكرار المفردة في طرح جاك لاكان ، خاصة في مرحلة المرآة ، يتضح أن هذا الفشل بنية أساسية في نمو الفرد ، وتطور الأنا " وبهذا فهو فشل بنيوي يتعلق جوهريا باللغة والمعرفة . وبارتباط الفشل باللغة وب مرحلة النمو والمعرفة ، كما هي الحال في مرحلة المرآة ، فإن هذا الانحراف المعرفي يصبح بؤرة فوضى في الخطاب النفسي نفسه، حيث أن وظائف الصيغ النظرية تخلق انفصامات وحركات تنعكس على عناصر ديناميك النظام الأعم فتحرج النظام برمته،
وبما أن الذات تتأسس خطابيا ، فإنها تعدم هذا الفوضى ، بل تكاد تكون الأنموذج الذي يمثلها خير تمثيل . ولما كانت الذات تتأسس باستمرار ولا تثبت على حال ، فإن أية إحالة إليها بوصفها كينونة مستقرة هي إحالة تتسم آساسا بالانحراف المعرفي ،ولا شك أن هذه هي حالة الأنا" أو الذات في مفهوم الوجودية السارترية التي تتأسس على الإيمان المتعصب"
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|