عرض مشاركة واحدة
قديم 09 / 05 / 2018, 40 : 12 AM   رقم المشاركة : [3]
هدى نورالدين الخطيب
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان


 الصورة الرمزية هدى نورالدين الخطيب
 





هدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين ( فلسطينية الأب لبنانية الأم) ولدت ونشأت في لبنان

رد: استطلاع جماهيري - الرواية - المشاركة في مسابقة نور الأدب الكبرى 2018

-2-

هجرتني جُمانة برهة من الزمن، كانت قد اقتنصت رجلا آخر.
أخذت تمتصّ رحيقه يومًا بعد يوم.
كان الرجل مستهترًا، رفض تناول أعاصير الحياة.
لم يمضِ شهر على حضوره حتّى نفق.
كان قد خسر قبل ذلك نصف وزنه.
ألقوا بجثّته إلى عالم السمك، عالمٌ لا يهدأ ولا تشبع!
إذن، هذا مصير الرجال الذين يفقدون رجولتهم.
لماذا لم تتخلّص منّي جُمانة؟
ومن قال بأنّي لن أفعل؟
أنا لا أخشاك، لا أخشاك.

شوقي لمركبي لا ينقطع.
أكاد أتمزّق لهفة.
أصبت بحالة من الكآبة القاتلة، أصبحت ثقيل الظلّ في تلك الجزيرة.
كنت أتحدّى، أحاول أن أضع جُمانة تحت الأمر الواقع.
لكنّها تمتلك الوقت كلّه.
كانت تتحكّم بعامل الزمن، وكنت أنا كالعصفور المبلّل بمياه المطر، أنتظر معجزة، أنتظر الخلاص من عالم الحكايا.
كنت كالمفجوع، وكانت هي لا تتوقّف عن الضحك.
كيف لي أن أقهر إرادتها؟
وفي تلك الأثناء، كان الجنرال يعدّ العدّة!

صاح الجنرال:
- لن أتخلّى عنك يا قبطان، أنا ذاهبٌ لتحطيم الجزيرة.
- هذه ليست معركتنا! صاح البعض، هذه ليست معركتنا.

قفز مجموعة من الرجال إلى الرمل، وما أن لامست أقدامهم السطح حتّى غاصوا في مياه البحر.
كان الرمل مجرّد خدعة بصريّة، وأخذوا يسبحون عائدين إلى المركب.

رأيت كلّ هذا بإذنٍ جُمانة، كانت تضحكُ في البداية، لكنّها غضبت بعد ذلك وصاحت:
- إنّهم يحبّونك ويحترمونك يا قبطان.
ربّما يحبّون أنفسهم أيضًا، ألا يعرفون بأنّهم غير قادرين حتّى على الاقتراب من الجزيرة؟
- لماذا كلّ هذه الأسئلة يا جُمانة؟
تستطيعين الخلاص منهم في أيّ لحظة تشائين!



-3-


أعلنت الاضراب عن الطعام، رفضت تناول الشراب بل وحتّى الماء.
لكنّي سرعان ما مددت يدي إلى الماء العذب.
بدأ جسدي الهزيل يموت ببطء، كأنّي في سجن مفتوح، كأنّ الخوف والأحلام كلّ ما يحمي الجزيرة!
شعرت بأنّ كلّ شيءٍ سراب، حتّى الحارس القويّ كان تراب.
لا شيء سوى جُمانة، أكاد ألمس مركبي، أراه شامخًا أمامي.
كيف تمكّنت جُمانة من تحقيق هذه الخدعة؟
كيف سجنتني دون سجن؟
زارتني جُمانة، كنت أستعد لتحدّي القدر.
قالت حزينة، للمرّة الأولى حزينة.
- لم يفكّر رجل بهجري يا قبطان، لكنّك ملكت الشجاعة للعودة إلى عالمك!
- أنتِ لست بحاجة إلى قبطان ميّت!
- أريدك أن ترى شيئًا قبل أن تغادر.

أدركت بأنّها قد اقتنعت بقراري.
سألتها وقد لاح الخوفُ على تقاسيم وجهي.
- أخبريني يا جُمانة، كم مضى على وجودي فوق هذه الجزيرة؟
قالت مبتسمة:
- مضى على وجودك يومًا واحدًا فقط.
- هذا غير معقول! مستحيل!
- كلّ شيء نسبيّ يا قبطان.
لا تصدّق كلّ ما تراه عيناك.
- لقد مضى على وجودي ما يزيد على السنة.
أجابت:
- لا يمكن لرجل احتمال الحياة على هذه الجزيرة سوى يوم.
أحيانًا تطول الدقيقة لدهر من الزمن، وأحيانًا تقصر السنة لأقلّ من لحظة.
- كيف هذا يا جُمانة؟
- قلبك هائم هناك، صاحبتك نورا في غيبوبة عميقة، روحها تصارع من أجل الإنفلات من الجسد.
إنّها مريضة يا قبطان!
- وكيف لي مساعدتها؟
- اذهب إلى المحيطات، حاول أن تقابل أمّي عِنَابة.
كُنْ حَذِرًا، أخبرها بأنّك آتٍ من طرف جُمانة، لا تقاطعها حين تتحدّث، لا تقاطعونها حين تتحدّث.



-4-


لم تكن هناك حاجة لطمر الرمل المحيط بالمركب.
اختفى الرمل على عجل وارتفع الشراعُ عاليًا فوق المركب.
- كم مضى من الوقت منذ مغادرتي المركب؟
كان هذا سؤالي الأول.
- اللعينة، لقد خطفتك طِوال النهار.
لم أكرّر سؤالي ثانية، يا لنا من جهلة نحن البشر!
نهار واحد فقط، لكنّي حسبته الدهر كلّه.

- كنت أنوي غزو الجزيرة!
صاح الجنرال غاضبًا.
ضحكت في قرارة نفسي، وأدركت مدى العجز الذي يلفّ نهارنا ووجودنا الهزيل.
كنت أراها في البعيد، عيناها كتلةٌ من لهب.
جُمانة امرأة قادرة على تحطيم قلوب الرجال دون هوادة.
لهفتي وحرقتي ونورا البعيدة القريبة،كلّ هذا ساعد في خلاصي.
أمّا الجنرال ورغبته الباهتة في القتال فكانت، مجرّد فقاعة انفجرت عند أوّل امتحان.
أصبحنا لوهلة مجموعة من الغرباء فوق مركب ضلّ الطريق.
لوهلة أصبح كلّ منّا يبحث عن خلاصه
ولكن، لم يجرؤ أحد على مغادرة المركب.
وما زال في قصّتي بقية.

نفخت جُمانة ببعض اللهب الذي يعتمل في روحها.
ومضى المركب على عجل.
ابتعدنا عن شواطئها المذلّة، وسرعان ما بان لنا باطن البحر الأزرق الجميل.
شعرت بشيءٍ من الحريّة يهاجم خلايا جسدي، عدت مجدّداً سيّد الموقف.

حضرت جيهان إلى طرفي، وقرأت في أعينها مئات الأسئلة
والآن يا سيّدي – إلى أين؟
أحاول أن أبتسم يا جيهان، لعلّ الخالق يُشْفِقُ على حالنا، نورا ما بين الموت والحياة، وأنا ما زلت عاشق.



نداء الروح

-1-


كنت في حالة من الانسجام مع ذاتي، شعور من يبرأ من مرضٍ عضال.
لذّة من يحتسي قطرات الماء العذب بعد طول عطش.
لذّة من يجد السرير بعد أيّامٍ من العمل والتعب،
لذّة من يجد الحبيب بعد طول غياب، يأخذه في حضنه ويبكي على كتفه.
بدأ الخلاف يظهر ما بين فارس وحورية، العاشقان اللذان لم يسمحا لأحدٍ الإقتراب من عالميهما!
لم أشأ التدخّل، كان الصمت يخيّم على محيطهما، امتنعوا عن مشاركتنا في تناول الطعام، هربوا من سهرات الفرح والرقص في الليالي البيضاء.
وكان البرد القاتل يخيّم على وجهيهما.
يا لها من أحجية، تلك العلاقة!
كيف يمكن أن ينقلب الإنسان على خلّه بهذه السرعة؟
كيف يسمح الإنسان حرق مشاعره على نارٍ هادئة، معذّباً صاحبه وحبيبه؟
لا بدّ أنّ الدافع كبير للغاية.
هكذا كنت أتوقّع، أتصوّر.
إلا أنّ الحقيقة أبسط من ذلك بكثير، ربّما نسي أن يهمس في أذنها "أحبّك" ذات صباح.
ربّما تذكّر أمرًا في ماضيه البعيد، أمرٌ أنساه واقعه وحبيبة القلب ما تزال عاتبة.
جاءني القاضي يومًا وقال:
- لا بدّ أن نرسي في أحد الموانئ، أو ربّما على جزيرة أو يابسة ما، المسافرون في أمسّ الحاجة لذلك يا قبطان.
- إذن لنبحث عن يابسة يا قاضينا، لنبحث عن يابسة.

-2-
وصلنا إلى جزيرة خضراء مليئة بالزهور والروائح العذبة.
طلبت من جميع رفاقي مغادرة المركب، سوى فارس وحورية.
وقف الاثنان أمامي وكلاهما ينظر ناحيتي،
كأنّه يخشى لقاء عينيّ حبيب يقف بالجوار.
- لماذا يا فارس، لماذا يا حورية؟
عندها تدفّقت الدموع من عينيها غزيرة وهمست،
- إنّها ليلى، ليلى هي السبب.
لقد غافلني وذهب إلى مهجعها، حين فاجأته كان يعتليها ويلهث فوقها محمومًا!ا
لم أشعر به هكذا في فراشي، روح فارس هي الخائنة وليس جسده!
هل تظنّون بأنّ قلب المرأة المتزوجة فارغ؟
ألا تعلمون بأنّ المرأة عند الإغريق إلهة، إلهة.
صفعته بشدّة على وجهه.
طأطأ فارِس رأسه واحتدّت نظرته.
خِلْتُها في تلك اللحظة نظرة سوداء!
لم يحاول مرّة واحدة الدفاع عن نفسه، لكنّه همس حزينًا:
- أحيانًا يتحوّل الرجل إلى حيوان.
في تلك اللحظة يا حورية، كنت مجرّد حيوان، حيوان!
كنت على ثقة بأنّها وحيدة، وكان هو كلّ ما تملك تلك المرأة.
حورية كانت في تلك اللحظة كرمة جافّة.
أرملة، ممزّقة، كرامتها مهدورة، بساتينها محروقة، ودارها مهجورة. أبقيت الأمر سرًّا بيننا،كنت قلقًا بشأن ليلى أيضًا.
وكنت أشدّ قلقًا بشأن حورية،كنت قلقًا بشأن الجميع، وكان عليّ أن أقرّر.
طلبت من فارِس البقاء بعيدًا عن حورية.
لاحظ الجميع الجفاء والفراق الذي حلّ بين الحبيبين.
ولاحظوا رغبتي الجادّة بعدم السماح لأحد بالتدخّل إطلاقًا.
كانت مهمّتي صعبة للغاية، ولكن..
- إلى متى هذا العبث يا ليلى؟
قالت ليلى بكلّ هدوءٍ وجرأة:
- أتظنّني عاهرة؟
- بل أنت من تقولين ذلك!
- لم أجبر أحدًا من رجالاتك على مضاجعتي.
أنا زنبقة تبحث عن غذاء.
تبحث عن مياه جارية مِلؤها الحياة.
الرجال هم طعامي يا قبطان، وآخرهم كان فارس.
- لماذا فارس بالذات يا ليلى؟
- كان يراقبني طِوال الوقت، لم يُبعد نظره عنّي لحظة واحدة.
فارس كان يلتهمني كلّما شاهدني، أقرأ الشبق في عينيه.
شاهدته مرّة يسترق السمع وأنا أئنّ لذّة تحت..
- كفى أرجوك، هذا يكفي.
- لا يمكنك أن تقف ضدّ التيار،كان سيفعلها مع ليلى أو غيرها.
- وما ذنب المسكينة حورية؟
- لا يا قبطان، حورية ليست مسكينة!
لا تكن ساذجًا، كان عليها أن تقرأ روحه.
هززت رأسي وقلت آسفًا:
- لكنّها عاشقة يا ليلى، العاشق لا يقرأ
سوى إملاءات القلب.

------يتبع--------
توقيع هدى نورالدين الخطيب
 
[frame="4 10"]
ارفع رأسك عالياً/ بعيداً عن تزييف التاريخ أنت وحدك من سلالة كل الأنبياء الرسل..

ارفع رأسك عالياً فلغتك لغة القرآن الكريم والملائكة وأهل الجنّة..

ارفع رأسك عالياً فأنت العريق وأنت التاريخ وكل الأصالة شرف المحتد وكرم ونقاء النسب وابتداع الحروف من بعض مكارمك وأنت فجر الإنسانية والقيم كلما استشرس ظلام الشر في طغيانه..

ارفع رأسك عالياً فأنت عربي..

هدى الخطيب
[/frame]
إن القتيل مضرجاً بدموعه = مثل القتيل مضرجاً بدمائه

الأديب والشاعر الكبير طلعت سقيرق
أغلى الناس والأحبة والأهل والأصدقاء
كفى بك داء أن ترى الموت شافياً = وحسب المنايا أن يكن أمانيا
_________________________________________
متى ستعود يا غالي وفي أي ربيع ياسميني فكل النوافذ والأبواب مشّرعة تنتظر عودتك بين أحلام سراب ودموع تأبى أن تستقر في جرارها؟!!
محال أن أتعود على غيابك وأتعايش معه فأنت طلعت
هدى نورالدين الخطيب غير متصل   رد مع اقتباس