شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون "185")
ها هو شهر رمضان المبارك.. شهر الرحمة والمغفرة والرضوان يهلّ علينا .. يهلّ علينا ونحن نعيش ذروة جحيمنا العربي - الإسلامي ، تنهال حمم هواننا على الناس نغرق في انكساراتنا - مجدداً - مع السبعين من نكبتنا المستمرة المتجددة والافتتاح في قدسنا ومقدساتنا سفارة أميركا البيت الأبيض الأحمر اليدين الأسود القلب (الذي يسكنه الصهاينة اليوم أكثر من أي وقت مضى ) بمجزرة صهيونية هائلة فاقعة رقصوا فيها على دماء أهلنا في غزة هاشم بمسيرتهم السلمية.. نكبة تفرّخ أفاعيها نكبات لا تتوقف بينما أنيابها السّامة مغروسة في لحمنا ولحم أوطاننا .. كان من حضروا ومن غابوا ومن اعترضوا ومن انسحبوا ومن سحبوا سفرائهم .. وهناك من غابوا ظاهرياً عن الاحتفال وهم أشدّ حضوراً وتواطؤاً وكل منهم نكبة هوان وخيانة من نكبات هذه الأمّة التعسة باغتصابهم لسلطات بلادنا وخدماتهم للأعداء ..!!
يعود شهر رمضان هذا العام بسبعين سنة على اغتصاب فلسطيننا مرّت ، كل يوم فيها مرّ أتانا بنكبة جديدة .. في زمنٍ فجرت فيه الخيانة وخلعت برقع الحياء عن وجهها .. زمن ظهور الصهيونية العربية والفوضى والإجرام وملوك الطوائف ..!
حزينة أنا مثلكم.. مكسورة مقهورة وعلقم الهوان ملء فمي .. حزينة .. شاردة .. متهالكة.. متعبة بعروبتي عشقي الأزلي. وجرحي ثخين.. لكني أبداً لا أشعر باليأس ..!
قال الله في سورة الإسراء (سورة بني إسرائيل):
]-سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ {1} وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً {2} ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا {3} وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا {4} فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً {5} ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا {6} إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا {7} عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا {8} [.
لأني مؤمنة بالله وبالقرآن الكريم - ونحن في شهر القرآن - وما جاء في الكتاب الكريم يطمئننا بزوال اغتصابهم لأرضنا هم وخدامهم الحاكمون بالقوة والبلطجة على رقابنا
ثانياً : إسرائيل بكل صلفها ووقاحتها وبلطجتها، دخلت دوامة وطننا العربي منذ أن تدخلت بشكل مباشر وغير مباشر لوأد الربيع العربي ودعمت الانقلابات والثورة المضادة والديكتاتوريات ومنعت سقوطها وإسقاطها حتى تلك التي علاقتها بها في غاية السرية وكان لها دور في غاية الخبث في شيطنة وتهجير الطائفة السنية وعمليات التغيير الديمغرافي ..!
دوامة كل إرهاصاتها مع المزيد من غوصها في مجريات الأحداث، وملاحقة العلماء والأدمغة العربية وقتلهم ومساندة وضع الأحرار في السجون والقبور والتنازل عن الأرض وخسارة المياه وتبديد الثروات واستحضار الاستعمار مجدداً إلخ.. تجعلني مؤمنة أنها وإن بدت تقطف لوحدها الثمار - هذا آني مؤقت ما قبل الفصل الأخير- لن تخرج هذه المرة وستكون بعد الكوارث التي يعيشها العالم العربي نهايتها ونهاية شرورها واغتصابها لأرض فلسطين وتحرر الوطن والمواطن العربي ..
ولما استحكمت حلقاتها فُرجت وكنت أظنها لا تُفرج
نعم والله.. فرّج الله علينا وعليكم كروبنا وكروبكم العامّة والخاصّة ..
أختم معكم بالقصيدة المنفرجة للشاعر يوسف بن محمد بن يوسف التوزري المعروف : بابن النحوي المتوفى : سنة 513 المعروف بابن النحوي
رمضان مبارك لنا ولكم جعلنا الله إياكم من المقبولين ومن عتقاء الرحمن في الشهر الفضيل
هدى نور الدين الخطيب
***
اشتدي أزمة تنفرجي = قد آذن ليلك بالبلج
وظلام الليل له سُرجٌ = حتى يغشاه أبو السُرج
وسحاب الخير له مطرُ = فإذا جاء الإبان تجي
وفوائد مولانا جُمَلٌ = لشروج الأنفس والمُهجِ
ولها أرج محي أبداً = فاقصد محيا ذاك الأرَجِ
فلرُبتما فاض المحيا = بِبُحور الموج من اللجَجِ
والخلق جميعا في يدهِ = فذوو سَعَةٍ وذوو حَرَجِ .
ونزولهمُ و طُلوعُهُمُ = فإلي دركٍ وعلى درجِ
ومعايشهم و عواقبهم = ليست في المشي على عِوَجِ
حِكَمٌ نُسِجَتْ بيدٍ حُكِمَتْ = ثم انتسجت بالمنتسج
فإذا اقتصدت ثم انعرجت = فبمقتصد وبمنعرج
شهدت بعجائبها حُجَجٌ = قامت بالأمر على الحُجَجِ
ورضا بقضاء الله حِجَاً = فعلى مركوزته فَعُجِ
وإذا انفتحت أبواب هُدَىً = فاعجل بخزائنها ولِجِ
وإذا حاولت نهايتها = فاحذر إذ ذاك من العرج
لتكون من السُباق = إذا ما جئت إلى تلك الفُرًجِ
فهناك العيش وبهجته = فلمبتهج ولمنتهج
فَهُجِ الأعمال إذا ركدت = فإذا ما هُجت إذن تَهُجِ
ومعاصي الله سماجتها = تزدان لذي الخلق السمج
ولطاعته و صباحتها = أنوار صباح منبلج
من يخطب حور الخلد بها = يحظى بالحور وبالفنج
فكن المرضي لها بِتُقَى = ترضاه غداً وتكون نجي
واتلُ القرآن بقلب ذي حزن = وبصوت فيه شجي
وصلاة الليل مسافتها = فاذهب فيها بالفهم وجِي
وتأملها ومعانيها = تأتِ الفردوس و تفترج
واشرب تسنيمَ مُفَجِرِهَا = لا ممتزجاً وبِمُمْتَزِجِ
مُدح العقل الآتيه هدى = وهوى متون عنه هجي
وكتاب الله رياضته = لعقول الناس بمندرج
وخيار الخلق هداتهم = وسواهم من همج الهمج
فإذا كنت المقدام فلا تجزع = في الحرب من الرهج
وإذا أبصرت منار هدى = فاظهر فرداً فوق الثَبَجِ
وإذا اشتاقت نفس = وجدت ألماً بالشوق المُعْتَلِجِ
وثنايا الحسنى ضاحكة = وتمام الضحك على الفلج
وغِياب الأسرار اجتمعت = بأمانتها تحت السُرج
والرفق يدوم لصاحبه = والخرق يصير إلي الهرج
صلوات الله على المهدي = الهادي الناس إلي النهج
وأبي بكر في سيرته = ولسان مقالته اللهِجِ
وأبي حفص وكرامته = في قصةِ سارية الخُلُجِ
وأبي عمر ذي النورين = المستهديّ المستحيّ البَهِجِ
وأبي حسنٍ في العلم إذا = وافى بسحائبه الخُلَجِ
وعلى السبطين وأمهما = وجميع الآل بمندرج
وعلى الحسنين وأمهما = وجميع الآل بهم فلج
وعلى الأصحاب بجملتهم = بذَلوا الأموال مع المُهَج
وعلى أتباعِهُمُ العلماء = بعوارف دينهم البَهِجِ
يا رب بهم وبآلهم = عجل بالنصر وبالفرج
وأختم عملي بخواتمهم = لأكون غداً في الحشر نَجِيِ