[لطيفة الميموني]

بالاختناق أحست...أسرعت إلى الشاطئ....فهو مصب أحزانها ومنبع آمالها.. تهفو لهبة ريح تنعش صدرها المكلوم...ومسحة عطف تضمد نزيف جرحها...
حافية القدمين تجوب الساحل.. تتمايل وتتأمل تلاطم أمواجه....تستمتع بهدير البحر فيطربها صوته بلا عود أو ناي...ولا مفردات نزار أو ألحان موزار..
بدأت الشمس ترخي خيوطها الذهبية...لتسدل الستار على مسرحية يومها المقيت ...تتوسلها التمهل قليلا...فما زالت محتاجة لدفئها....لكنها تتابع الغروب دون اكتراث لندائها....تدلى الستار شيئا فشيئا إلى أن أصبحت وحيدة مع الأمواج...
بين مده وجزره...تفتح صفحات صدرها وتبدأ بسرد محتواها.... تهمس بأسرارها لحبيبها البحر...فيكتمها ويحمل كل همومها وأحزانها بعيدا فيغرقها....
كم أنت عظيم يا بحر!!
فيروزك بلسم...زبدك مرهم...أصوات أمواجك تداوي النفوس وتبعد الأشجان وتميط اللثام عن كل الهموم...
قيل عنك غدار...
لكنك لست أغدر من بني جنسي.
وقالوا لا أمان لك....
ومنك نستمد الحنان والعطف ...
وهتفوا بأنك غول وأناني وجبار..
وقالوا...وقالوا ...
ومع ذلك نظموا عنك أشعارا...وتغزلوا بموجك وشطآنك...وتغنوا بفيروزك ورمالك ...
فكلما استأسد بنا الزمان ...وجدناك بجانبنا مشرع الأذرع تستقبلنا ...تصغي إلينا دونما كلل أو ملل....بدمع العين نشكوك وبعبابك تغسل المقل ...
هكذا أنت يا بحر ..هادئ أنيق....وبداخلك عالم عميق..