عرض مشاركة واحدة
قديم 11 / 01 / 2008, 34 : 08 PM   رقم المشاركة : [1]
أ. د. صبحي النيّال
ضيف
 


هـــــــــــــــــل ؟

هل لنا الشجاعة للإعتراف بتخلفنا ؟

بمقارنة بسيطة بين دول العالم الأول من جهة والعرب والدول الأسلامية من الجهة الأخرى ، نرى بونا شاسعا في مجال التقدم الكمي والنوعي في شتى المجالات التقنية والطبية والفلكية وبراءات الاختراع وعدد البحوث والأكتشافات ، وعدد الكتب المنشورة ... لرأينا تخلفا محزنا يجعلنا نرثي لحالنا لمرارة الواقع المزري ، فالعالم مشغول بالبحث والتمحيص والغربلة العلمية والأكتشافات الميدانية في المختبرات والتقنيات العلمية ، وبعض العرب يمعنون في أطالة اللحية وفرض الحجاب والنقاب حتى على غير المسلمين من القوميات والطوائف والديانات الاخرى ، وهذا يترافق بالقتل والنحر وعلى شاشات الفضائيات وبالسيارات المفخخة في التجمعات السكانية الكثيفة ، كما يحدث في العراق ولبنان والسعودية والجزائر والسودان والمغرب واليمن والصومال وروسيا وانكلترا واسبانيا وامريكا وهولندا وتركيا وووو.... ولا زالت العملية مستمرة .

واذا إستمر الحال على هذاا المنوال من المكابرة والبكاء على الأطلال ، والعودة الى الماضي والمحاولة لتطبيقه على الحاضر ، والتغني بالتاريخ السالف الفي اصبح أثرا بعد عين ، (لا يسمن ولا يغني عن جوع ) ولا يوصلنا الى بحر الأمان ، والسؤال الذي لا بدّ منه: هل لنا الشجاعة للأعتراف بتخلفنا ؟ واذا توفرت تلك الشجاعة ؟ فما هي الأسباب التي ادت الى هذا التخلف والتشرذم ؟ وهل يمكننا أن ننتقد ذواتنا ونتحمل المسؤولية تجاه انفسنا وتجاه الآخرين والأجيال القادمة ؟ إن الاحزاب القومية كالناصري والبعثي والقومي الأجتماعي والأحزاب اليسارية ، حمّلوا الآخرين مسؤولية تخلف العرب ، وتزامن هذا بتمجيد الذات ، فغدا الاستعمار والامبريالية والصهيونية الشماعة التي يعلقون عليها فشلهم وايجاد الحلول الناجعة لمشاكل شعوبهم .

كما أن المبالغة في تضخيم سيئات الآخر ولدّ نوعا من الكراهية والتباعد الحضاري الأنساني , واصبح تجنب كل ما يمتّ الى الغرب مكروها بنظر الأنظة الشمولية الأستبدادية ، وترسيخ ذلك في أذهان شعوبهم من خلال المناهج التعليمية والأعلام بأنواعه ، مترافقا مع الخطاب الديني والسياسي لغرض ألهاء الجماهير وتوجيه أنظارها الى الصراعات الخارجية وتحريف أنتباهها لكل ما يجري في الداخل من قمع وترهيب وإجرام ، وإتهام من يعارض بالخيانة والعمالة والتأمر والتواطىْ مع الأجنبي ، وكان نتاج هذا موروثا ثقيلا يرزح تحته الشباب الآن من التعصب العنصري والتمييز غير العقلاني ضد المرأة والآخر المختلف في العقيدة والقومية والدين والمذهب ...

ومن الجدير بالذكر أن مصر شهدت إصلاحات على المستوى الفكري ، وشيئا من الحرية قبل النصف الأول من القرن الماضي ، فكان هناك مؤسسات سياسية ودستورية واحزاب حرة معارضة وحرية صحافة وابداع فكري وثقافي وفني ، فتحررت المرأة وتعلمت وساهمت في النهضة .لكن قيام الثورة قوضت الجهود وما كان قد تم إصلاحه ، تحول الى سياسة القمع والأرهاب ضد شرائح المجتمع وقواه السياسية . بيد أنه كان هناك إنتعاشا للفكر الأسلامي السياسي فأستلم مقاليد الحكم في بعض الدول العربية والآسلامية , لكنه لم يقدم أي إنجاز حضاري بالمعنى الشمولي ، وبدل أن يجد حلولا ناجعة للمشاكل الأجتماعية والاقتصادية بالقضاء على الجوع والفقر والمرض , فأزداد الوضع ترديا ، فأستشرى الفساد والمحسوبية وسرقة المال العام وانعدمت الحرية ، فالقمم والسفوح تعيش في بحبوحة والسواد الأعظم تحت خط الفقر .

من كل ما تقدم نفهم منه أن التقوقع على الذات وترك الحبل على الغارب لا يفيدنا بشيْ بل بتشخيص العلل ومن ثمّ إيجاد الحلول بطريقة نقدية اعتراقية للذات كما أسلفنا ، وإن فصل الدين عن الدولة من أهم مقومات نجاح اي مجتمع يصبو الى التطور والأنعتاق كما سبقتنا بذلك شعوب العالم الأول ، وتغيير المناهج التعليمية وزرع محبة الغير المختلف واحترامه في تفوس النشىْ الجديد ، وإطلاق الحريات وتطبيق الديمقراطية بالأنتخابات النزيهة ، وتخصيص المبالغ اللازمة للبحوت والتأليف والاكتشافات ، بالتعاون مع بقية شعوب العالم ، والاستفادة من حضارة الأخرين ونقلها وتطويرها وتطويعها بما يتلائم احتاجاتنا الآنية والمستقبلية ، والأهم من كل شيْ الأعتراف بتخلقنا بشجاعة ،فهل تتوفر تلك الشجاعة لدى حكامنا وشعوبنا ؟ نتمنى ذلك وقبل فوات الآوان .


بقلم – منصور سناطي

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
  رد مع اقتباس