عرض مشاركة واحدة
قديم 04 / 11 / 2018, 47 : 08 PM   رقم المشاركة : [1]
لطيفة الميموني
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية لطيفة الميموني
 





لطيفة الميموني is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

غادري شراييني-الجزء الثاني والأخير-

فجأة ...سمع وقع طرقات على باب غرفته...إنها أخته الصغرى: صديقة حنان جاءت لتعلمه بخبر غياب معشوقته عن البلدة.
-ما زلت مستيقظا أخي؟؟
-نعم...فقد جافاني النوم.
-أخي...من جافاك النوم لأجلها لا تستحقك، فقد تزوجت منذ شهرين. اعذرني إذ لم أستطع إخبارك بالأمر كي لا تتألم.
نزل الخبر كالصاعقة على عبده، أحس بدوار، غارت الدموع فيضا في عينيه...حاول التماسك، لكنه لم يتمالك نفسه، فانهار باكيا يردد:
-من لي بهذه الدنيا؟؟ فقدتك يا أعز الناس...فقدت الحب...فقدت الحياة...أصبحت جسدا بلا روح.
عبثا...حاولت الأخت تهدئته، لكن لا جدوى من كبح جماح قهر دفين وجرح نازف.
ضمته إليها بقوة محاولة إخماد ناره.
-هي ماض ولى..هي ليست لك، ولا انت لها...حاول نسيانها يا أخي...فلعل القدر يضمر لك الأفضل...قد آن الأوان لاجتثاث هذا الحب من صدرك...
-كيف السبيل..؟؟حبها ملك الفؤاد، آلاف الأصوات تتصارع في جوفي تأبى الخروج...كيف أحارب وجدي بقلب من حجر؟؟
أختاه...!!
ليلي،نهاري،للبكى قد كرسا////شعري عليها في الليالي الداجية
أيطيب عيش بعدها،وقلوبنا////في عمقها نار الغرام الكاوية
ربتت الأخت على كتفي أخيها، وخرجت باكية من حوار عقيم طغى فيه القلب على العقل.
لزم عبده غرفته لأيام، أسر نفسه بذكريات حنان التي تتمثل له في كل ركن من أرجاء البيت...يراها تقف مزهوة بنفسها تتفاخر بأنها أصابته في الوريد، وتهمس له من بعيد:
-وداعا...لا ميثاق للحب ولا وعد لأنثى...كل ما كان يجمعنا صار سرابا.
نبت الحزن بدل الفرح في صدر الولهان، وطال الجزر قلبا عشِق المد ولم يتمكن منه.
لم يعد لمقامه نكهة دون لقاء حنان...فقط ضباب يتشكل له بين الفينة والأخرى كغادة تلوح بكلتا يديها أن لا لقاء بعد اليوم...ومرة، تحاول إيقاظه من حلم بديع السيناريو، عمدت على تمزيق فصوله التي كتباها معا، وأتقنت تنفيذ حلمها المرعب الذي قض مضجعه.
حنان... يا حنان.!!
أي حنان هذا ..وأي وفاء تمتلكين؟؟
مشرئب العينين نحو الغابة القريبة من منزلهما...يتذكر أطلال حب طعنه من الخلف...
تتغير ملامحه بسرعة البرق كلما لمح أشجار الغابة تتمايل مع الريح كغول قادم لافتراسه...فيبحر في منافي الحنين، يخبو نبضه شيئا فشيئا، يصارع قلاع الموت أحيانا...ويغوص فيها أحيانا أخرى بذكريات تجعل عينيه منبعا للدمع و قلبه مرتعا للحزن.
أصبحت الغابة مقبرة الذكريات بعدما كانت مهدا لمولد عشق طاهر بريء...لم يعد يطيق إطالة النظر إليها، ناهيك عن ولوج أغوارها...كره رعي الغنم الذي مارسه صحبة حنان كلما سنحت لهما فرصة اللقاء.
من بعيد...يراقب الشجرة الوارفة الظل حيث كانا يجلسان،فيتيهان في عالم العشق والهوى، تاركين القطيع وراءهما يرتاع يمنة ويسرة...ويغوصان في لحظات تملؤها العديد من الضحكات صادحة في أفق السماء...
تمتلئ عيونهما دمعا يلهب الخد عند مسراه عليه، يخفق القلب ...تتلاحق النبضات...فتبدأ ترانيم العشق...تصطدم الاجسام...تتلامس الأيادي ...تخرج أحاسيس الجوف لتطفئ بركان الشوق...فينهل من العشق بلا حساب، مرفرفا فوق السحاب...مجسدا أبهى صور الوجد والهوى...
هنا..يسود الصمت ليفسح المجال لأوتار القلب تعزف أعذب سمفونية حب.
يهيم بين ممرات الحقول يناجي رب السماء ان يطرد من فؤاده حبا وصبابة سكناه حد الجنون....
حقا...ومن العشق ما قتل!!!
أصبح عبده تائها، شبه ميت، لا يكترث لشيء سوى قلمه وحزمة أوراق ينظم عليها أجمل الأشعار...
عبر ربى البلدة ينشد قصائد فراق مزق قلبَ متيمٍ في غاية الوفاء...ويردد مداويا هواه القاتل:
أأبكي حبيبا أم أتوب تناسيا////لذكرى الليالي لا لها أتأسف؟؟
فرباه!!لطفا بالصريع فإنني////أبيت كسير القلب في الليل أرجف
أيا طرف كفكف عن دموعك لا تكن////قرين البكى دوما فما الدهر منصف
سلام على الدنيا وألف تحية////إذا كان ذي الآهات حظي وأحرف.
بل ...ومن العشق ماأطرب!!!
منهكا...يختم شعره متكئا على شجرة نحت على لحائها قلب وسهم ورموز تدل على خلود حبهما ...لكن فقط عبر جدران الغابة.
يصرخ غاضبا:
-تفضلي...غادري شراييني طوعا، فأنا لم أستطع إخراجك قهرا..
يستدير شمالا ويستطرد:
-ألا فابعدي عني فجرحي نازف...رأيت في عينيك اللامعتين أمسي ويومي...وأخفيتِ عني غدي...الآن أعلن استسلامي، وأتغزل وأرثي من باعت حبي لأول طارق...فأبدا لم أتوقع أن لمعان عينيك لم يكن سوى لمعان غذر وخيانة...وأن أشعاري أبدا لم ولن تكون لك.

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
لطيفة الميموني غير متصل   رد مع اقتباس