إن كان الموت هجراً إجبارياً فبعض الهجر موتٌ غير معلن..!
اشتقت لنور الأدب.. اشتقت أن أطلب منه ومن أحبتي فيه، الغفران على هجر لم يكن اختيارياً.. اشتقت أن أجلس أمام شاشة الحاسوب وأعيش مجدداً بينكم، وأنزف على صفحاته حبر قلبي وروحي..!
أشهر طويلة شلّت فيها أصابعي التي ما خلقت إلا لتكتب .. وها أنا أمسح الغبار عن جهازي الذي ذبل من طول هجر وفراق .. وأصابعي من شدّة اللهفة ترتعش..!
نعم يا أسرتي الثانية وأحبتي .. أنا كنت ميتة ..فهل يكتب الأموات ؟!
كثير من الأموات يموتون بصمت.. بلا نعي ولا كفن..!
موت الروح صامت مستتر، لكنه أشدّ موتاً من موت الجسد.. موغلٌ في الموت غارقٌ في ظلمات العدم..!
لا يسألني أحد ما بي ؟! .. بيّ كل شيء .. كل موت عشته ومتّه .. ولا أعرف ما بي....
على غير ما نظن ويعتقد معظمنا .. أرواحنا وأجسادنا لغز لا نجيد قراءته إذا تعثر.. بئر عميق لا قرار له وخصمٌ عنيد...
أناي وأناك وهم نعيشه وكلٌ منا قطرة ماء قد تتبخر في لحظة...
منذ أيام بدأت أستفيق والروح تدبّ فيها الحياة على وقع موسيقى نشيد الوطن والحرية من الجزائر ومن السودان - نشيد الحرية والتصدي للدكتاتورية والفساد - أوكسجين الأرواح - الفساد الذي يأد أمّة كانت خير الأمم ..
عاشت الجزائر .. عاشت السودان.. وليمت كل الأوغاد..
لكن.. كلما نهضت لأعيش وأتنفس يقتلني مجرمٌ مرتزق اسمه حفتر.. طرابلس - ليبيا هي كل مدننا الغالية ، وحفترٌ هذا حكاية مكررة لكلٌ مرتزق خائن يجنَّد رافضاً لنا الحياة ، لتموت أرواحنا كلما نبتت زهور الربيع العربي أبية نقية مسالمة تنبض ....
وددت مراراً أن أكتب لأخي الشاعر الأستاذ محمد الصالح ، أهنئه في اليوم ألف مرة ، على نسائم الربيع في فجر جزائر الأبطال التي ما انحنت لمغتصب..
وددت أن أصافح أخي الأستاذ فهيم رياض .. الذي أعرف أن بصمة نبضه العربي تشبه نبضي.. رأيت في عيون قلبي الشاعر بغداد سايح بين الأحرار في الشارع يقرض الشعر ويزيد حماس الأحرار وإصرارهم .. وددت أن أسأل الشاعر ياسين عرعار ، كم أنت اليوم سعيد ومطمئن على مستقبل ابنتك؟ .. قلت للشاعر عادل سلطاني ها قد التحم العرب والأمازيغ ليثبتوا أنهم شعب واحد يعشق تراب الجزائر ، والفساد الذي يجسده أذناب وخونة فرنسا هم فقط الغرباء .. قرأت خوف الشاعر الأستاذ محمد نحال ، وأردت أن أطمئن قلبه أن الأنظمة وحاشيتها والفساد المتلاحم معها هم فقط المؤامرة ، وبأن بلد أبية بمثل عظمة الجزائر قدمت مليون ونصف المليون شهيد على مذبح الحرية لا تستحق إلا أن تكنس من ينهبون خيراتها ويحولونها لسجن كبير ....
عاشت الجزائر .. عاشت السودان ..
ما زالت طرابلس عصية على حفتر ، وبإذن الله تبقى عصية .. وأنا عدت لنور الأدب.. .. لهفة وسؤال من أخي الأديب الأستاذ رشيد الميموني حوله لناهد ، كان لا بد أن يوقظني من موتي السريري ويجعلني أفتح جهازي الذي تراكمت فوقه الغبار.. فشكراً لأخي رشيد .. وشكراً لاحتفالك بذكرى ميلادي والوفاء الذي ما زال ينير سبيل أخوتنا طوال سنوات طويلة ..
الحمد لله.. الحمد لله أن أخوتنا باتت راسخة متجذرة كالسنديان..
الشكر.. الخجل.. الإحساس بشدة التقصير ..
أخي الكبير الشاعر والإنسان الكبير وابن حيفاي وأرض آبائي وأجدادي ، الإنسان الإنسان الذي أعتز به الأستاذ غالب الغول.. لو قلت شكراً لا أوفيك حقك .. أعذرني مرة أخرى ، فعذري كبير بطول الغياب، لكني لا أستطيع البوح به..
ما يؤلمني ويوجعني أن أسير معك على طرفي نقيض ، تكون ويعيقني القدر أن أكون .. يبعثني الله بعد موت روح وضعف جسد وذهول ، فأجد منك رسالة تعلن فيها الغياب ..!
ما أشقاني ألا ألتقيك وأشكرك وأعوض وإن ببعض كلمات عن تقصيري معك .. ماذا أفعل الآن؟
سأقرأ الروائع التي أخبرتني عنها صديقتي الصدوقة الدكتورة رجاء.. سامحني يا بن حيفاي .. سامحني ..
أما أخي الغالي والذي مهما غبت الشاعر الأستاذ محمد الصالح ، أشعر بأنه يعذرني .. سأكون مع الأستاذ غالب ومعك والسادة الشعراء في القصيد لأقرأ وأنعم وأستمتع...
إخوتي وأخواتي اللذين لم أذكرهم بأسمائهم هنا .. سأذكر كلٌ في مكانه إن شاء الله
وأخيراً يا سادة فضل صديقتي الأديبة الناقدة الدكتورة رجاء بنحيدا ، والهدية التي ستقدمها لنور الأدب وتعرفون عنها خلال الأيام القادمة إن شاء الله ، كان الأوكسجين الذي يضخ في رئتي بكل وفاء بلا كلل ولا ملل..
أدعو الله أن يشدني بالصحة قليلاً حتى لا أغيب عنكم وأقوم بما وعدت به والرد على الجميع
كل الشكر والتقدير لكم جميعاً
مجدداً أقولها في اليوم ألف مرة وأدعو الله بالنصر والمؤازرة:
عاشت الجزائر
عاشت السودان
فليخسأ حفتر وأمثاله من القتلة