رد: قراءة مقتضبة في رواية : سيرة حمار لحسن أوريد
بادئ ذي بدء أجدد التحية لكل المنتسبين لنور الأدب ؛ أعود بقراءة مقتضية ومختصرة فتكون بذلك بمثابة عود على بدء كتتمة للقراءة الأولى التي تقدمت بها بخصوص رواية سيرة حمار لصاحبها حسن أوريد .
رواية سيرة حمار قُدمت بصورة بانورامية فنتازية ؛ تجسد ذلك من حيث أحداثها التي غلب عليها عنصر الدهشة فتجعل القارئ متشوقا لما سيأتي من الأحداث ؛وهذا ينم عن حبكة محكمة التطريز؛ بديعة الصورالدرامية التي طبعت الشخصية البطل / الحمار .
استدعى حسن أوريد الأسطورة والفلسفة إلى بيت متنه الروائي هذا الشيء الذي أضفى على المتن الحكائي في بعض المواقف فنتازية وتجلى أيضا من خلال المواقف الدرامية للبطل في محاولاته نحو تحقيق الذات كإنسان عاقل ؛ والتجرد من الحيوانية عندما قادته الظروف للتحول إلى حمار .
الذات داخل المتن اعتبرت المبتدأ والمنتهى؛ذات تبحث عن التطهير من الحيوانية نحو إثبات الوجود الحقيقي للذات كذات واعية تحس وتشعر وتعي ؛ فنجد البطل يسبح في الماء الدافئ ليتحول بعد صراع نفسي مرير إلى إنسان يحس (خاصة عندما وظف يديه لتحسس أيره ويتأكد أنه صار إنسانا ..).
هنا تجلى حضور الأسطورة داخل المتن؛ فالتطهير له جذور تاريخةيونانية وارتبط بالمسرح اليوناني الذي صاحب الاحتفالات والطقوس التي من خلالها يحصل التطهير للنفوس (الكطارسيس) كمرادف للحلول - أن الذات الإلهية تحل داخل الفرد لطرد الأرواح الشريرة وكل شيء مرادف للرذيلة...-...
سيرة حمار نبش في الواقع السياسي العربي قدمها صاحبها بلوحة اتسم إطارها بالسخرية الهادفة؛ تجلت هذه السخرية الصارخة من العنوان المستفز الذي يدفعك إلى سبر أغوار مدلوله ؛ فلا دخان بدون نار؛ فكذلك لا انفصام بين الدال والمدلول ..
الذات متعبة تبحث عن الخلاص من العقد النفسية؛ والوجود حق يتطلب الشعور به وتحسسه ؛وهذا ما طبع الشخصية االمحورية وهي تتطلع نحو الحرية والتطهير من الحيوانية والكفاح أجل إثبات الذات إن لم نقل إثبات إنسانية الإنسان - الإنسان كائن يحس ويشعر ويفكر.....
هذه مجرد قراءة متواضعة ضمن مجموعة من القراءات الممكنة التي يفرضها المتن ؛وهذا لا يمنعني من أن أقول : إن سيرة حمار مادامت استدعت إلى متنها الفلسفة ي فهي تصور رغبة الإنسان في إثبات وجوده الحقيقي من جهة ؛ ومن جهة ثانية؛ كأني بالكاتب يصور تعب الإنسان ومحاولاته في البحث عن الحقيقة - من وجهة نظري كقارئ- التي احيانا تتجاوز حدود الكائن نحو الممكن .فياترى هل اهتدى الإنسان لجوهر الحقيقة؟؟.....
|