الموضوع: صداقة
عرض مشاركة واحدة
قديم 27 / 07 / 2019, 00 : 08 AM   رقم المشاركة : [3]
عزة عامر
تكتب الشعر والنثر والخاطرة

 الصورة الرمزية عزة عامر
 





عزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud of

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

رد: صداقة

اقتباس
 مشاهدة المشاركة المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد الميموني
[align=justify]صداقة

يستغرب الكثيرون لرؤيتي وحيدا في كل مكان أقصده بعد أن حظيت لفترة برفقة شلة من الأصدقاء ، أو هكذا كنا نبدو في تآلفنا وتوادنا قبل أن ينسحبوا ، الواحد تلو الآخر، ملقين بالتبعة علي لكوني ، حسب رأيهم ، لا اذأساير العصر وأتشبث بموقفي دون إبداء أية مرونة .
كان مخلص أول المنسحبين . وجاء ذلك ذات يوم كنا على الشاطئ ننعم بدفء الشمس ومنظر البحر البهيج . أشار لي مقترحا التمشي إلى صخرة يستعملها الكثيرون للغطس . جمعت بعض أشيائي كالهاتف ومضرب التنس الأنيق وتركت كتابا على الكرسي . ابتسم وقال :
- يبدو أن الهاتف والمضرب أعز عليك من الكتاب بينما الناظر إليك يحسبك شغوفا بالقراءة .
- بالعكس – أجبت بعفوية – هو أعز علي من أي شيء ، لكني تركته ليقيني بأن لا أحد سيجرأ على سرقته .. هل نحن أمة تقرأ ؟ الجهل صار متغلغلا فينا حتى النخاع . ألست معي في هذا ؟
حدجني مخلص بريبة وسكت . كنت أعلم بحساسيته المفرطة تجاه كل ما هو ثقافي وانتقاده الدائم للمثقفين الذين ، حسب تعبيره ، يعيشون في برجهم العاجي غير عابئين بمشاكل الشعب . وكنت أوافقه دائما في ذلك لكني أحسست أنه حسب كلامي موجها إليه تلميحا فكان هذا آخر لقاء لنا .
كان موقف الآخرين متفاوتا وغامضا في نفس الوقت ، لكنهم ظلوا على علاقتهم بي رغم ما شابها من فتور . ثم جاء دور أمين ، زميلي بالمؤسسة . وصادف أن تواجدنا في نفس القسم لحراسة امتحان الباكالوريا . وكعادتي قمت بواجبي كما يجب في حين كنت ألمح في بعض العيون استنكارا وازدراء . ولم تخل نظرات أمين من ذلك الاستنكار وبعض الاستهجان وكأنه كان يقول لي بلسان حال الممتحنين :"ما الذي ستربحه من هذه الصرامة ؟ .. وهل تملك بيدك تغييرا للوضع ؟ يا للسذاجة ."
عندما انتهت حصة الحراسة ، خرجت متأبطا أوراق التحرير ، وتناهت إلي عبارات السب والتجريح من بعض الطلبة بينما حظي زميلي بالثناء والشكر . وحين أقبل زميل آخر يحكي بتوتر باد على وجهه كيف أصر البعض على الغش بوقاحة ، قلت له :
- لا عليك .. لن يجعلوا الغش قاعدة .. بشرط أن تتضافر جهود الجميع .
يعلم الله أني قلتها بدون خلفيات لكن أمين أعاد نفس النظرة التي حدجني بها مخلص على الشاطئ ، ثم انصرف دون أن ينتظرني ، فكان ذلك آخر عهد لي بالحديث معه .
الراضي كان معروفا بصمته . ربما لحرصه على إخفاء لكنته الجبلية التي كان يخشى دائما أن تثير سخرية الجميع منه ، وكان لا يجازف بفعل شيء أو قوله حتى لا يلفت إليه الأنظار . وكثيرا ما أنتقدته على حساسيته تجاه لكنته البدوية وحثثته على الافتخار بها ، لكنه لم يلق بالا لذلك وظل دائم التوجس مما كان يعتقده همزا ولمزا من أصدقائه . وجاء انسحابه مصادفا لبداية العطلة . كنا قد اتفقنا على اللقاء بمقهى في الشارع الرئيسي رغم عزوفي الدائم عن الجلوس بالمقاهي ونفوري من الحديث الممل الذي غالبا ما كان يؤدي إلى الخوض في الحياة الشخصية للبعض . أشرت له ألا ينسى الساعة السابعة تماما لعلمه بحرصي على الموعد بالتدقيق وكرهي للمواعيد التي لا تخضع لتوقيت محدد .
حضرت في السابعة إلا دقيقتين ، وجلست أنتظر . كان عندي التزام بمرافقة بعض أفراد أسرتي إلى قاعة المسرح لحضور افتتاح مهرجان العود . أزفت الساعة وانتظرت بضع دقائق دون أن يحضر فانصرفت .
حين التقينا صباح اليوم الموالي ، رد على تحيتي بإيماءة لا تكاد ترى من رأسه وودعني بإشارة خفيفة متعللا بقرب موعد سفره إلى البادية ولم أعد أراه بعد ذلك ، أو على الأصح لم نعد نلتقي . وأسر لي آخر من تبقى لي من شلة الأصدقاء أن الراضي كان يعول على حضوري لاقتراض بعض المال وأنه عد انصرافي تهربا خاصة وأن توقيت افتتاح المهرجان كان بعيدا عن موعد لقائنا .
منصف كان موقفه غريبا . فتصرفاته معي كانت مبهمة وكأنه لم يستسغ الوضع ، فصار يحس بالحرج في تواده معي بينما قطع الآخرون كل صلة بي . وكنت أحس أنه يستدني القطيعة فصار يبحث عن أية ذريعة تجعله في حل من التواصل معي . وصار مزاجه متقلبا يغلب عليه التوتر عند أي نقاش مهما كان الموضوع بسيطا وتافها . وكأن القدر أراد أن يخلصه من محنته ويعفيه من الاستمرار في وضع نشاز فتلقى الهدية بلهفة .
كنا نقضي فترة الاستراحة ونتبادل أطراف الحديث في قاعة المدرسين . ولعلها كانت من المرات النادرة التي أتواجد فيها هناك ، بحيث كنت أفضل المكوث بالفصل لارتشاف القهوة والتأمل أو كتابة شيئا وإعداد ما سوف أعرضه على التلاميذ بواسطة المسلاط . ودق الجرس ، فوقفت أروم الانصراف محاطا ببعض نظرات الاستغراب والتهكم . لكني لم أبال بها وانصرفت إلى قاعة الدرس .
ويبدو أن الجلسة طالت أكثر من اللازم مما جعل المدير يقبل وعلى وجهه أمارات الامتعاض ونبه بلطف مشوب بلوم الجالسين إلى ضرورة الالتحاق بالأقسام . وكرر ذلك في اجتماعات أخرى مما جعله عرضة للانتقاد بحجة أن فترة الاستراحة غير كافية وأن دق الجرس يتأخر أحيانا عن إعلان انتهاء الحصة . ثم حدث بينه وبين زميلي تلاسن عده هذا الأخير مسا بكرامته مما جعله يستنفر العديد من المدرسين للقيام بوقفة احتجاجية ضد ما سماه بالعجرفة وتعمد إهانة مدرس .
حدث كل هذا في غيابي ، ولم أعلم بما جرى إلا يوم جاءني زميلي يدعوني للالتحاق بهم قصد الاحتجاج بقاعة المدرسين واتخاذ موقف موحد ضد المدير . طبعا أبديت تحفظا ريثما ألم بالموضوع وأستمع إلى وجهة نظر كل طرف . فكنت بذلك أدق آخر مسمار في نعش صداقتنا .
الآن وأنا جالس على شاطئ البحر وحيدا ، أتأمل كل ما حدث . يغمرني إحساس بالأسى لما آلت إليه صداقاتي . لكن شعورا بالارتياح سرعان ما بدد كل ما اعتراني من استياء وكدر لعلمي أني تصرفت في كل الحالات بعفوية وبطريقة لا تتناقض مع مبادئي . ومنذ ذلك الحين اخترت الوحدة شعارا لي في كل شيء .[/align]

أستاذ / رشيد الميموني .. الوحدة أفضل بكثير من أن يعيش الإنسان بدون ذاته ليرضي الأخرين .. أو أن يعيش بينهم منافق يتودد لهم بما يقدم لهم من فروض الولاء والطاعة العمياء في كل ما تهواه أنفسهم وتنشده رغباتهم .. نعم الأمر قد يدنو نحو رؤيتهم لنا بشكل المتعجرف أو المتعال في بعض الأحيان .. لكن لنبذل قصارى جهدنا إلى أن نصل لأقصى حد لطاقة تحملنا .. في توصيل ما نريده سواء يتعارض ، أو ينفي أراء ورغبات الأخرين بأفضل الطرق ، التي ربما لا يتناهى إلى أفكارهم سوء الظن بنا .. وتحليل الجميل بالقبيح .. والطيب بالخبث .. وتمني الخير ، للغيرة والحقد .. لأننا بالنهاية مأمورون بالأمر بالمعروف بالمعروف .. والنهي عن المنكر بالمعروف أيضا ، إلا إذا أبى فيعلو سقف الجدية والحزم تدريجيا ، مراعاة لضيق أفق ما .. أو عدم سعة صدر ما .. أو جهل ما ..أو عند ما ، ولا ننسى في ذلك المقام ذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( عامل الناس قدر عقولهم. ) ونقول ليس قدر عقولنا نحن .. بحيث نفعل الصحيح والموافق له ولأخلاقنا أو مبادئنا ..أو عقائدنا .. دون التخلي في ذلك عن حب الناس .. ودون الوصول بهم إلى البغض والحقد .. الأمر يبدو أن به جهد واستنزاف أعصاب إلا أنه من جه أخري يريد كياسه واستشعارا لبواطن الإنفعالات أو كما يقولون بالإجليزية (سنس) معين للتحكم فيما نقول وفيما لا يفهم بالشكل الخاطيء .. وحتى نكون قد أدينا ما لنا وما علينا على أكمل وجه ، وبالطريقة التي لا نؤذى ، ولا نؤذي أو نجرح أو نجرح .. ويقول ربنا سبحانه ((لما تعظون قوما غضب الله عليهم ..قالوا معذرة إلى ربكم )) ولا أطابق ولا أشبه فالحمد لله نحن مسلمون ، بل يعنيني المعنى العام .. وأيضا قد جاءنا النهي عن الفظاظة في توصيل الأحاديث والأمور .. بعد مراعاة كل تلك الجوانب ..يبقى الناس ومدى سهولتهم ولينهم أو العكس .. هو الفاصل بيننا ، لما أدينا ما علينا .. فالعذر معنا ولا حجة تديننا فيما وصلت له طاقة تحملنا و( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) ..
آسفة للإطالة لكن شدتني أحداث النص كثيرا .. ولأنها تذكرني بما حدث لشخص عزيز علي تطابقت أحوال حياته ومواقف الناس معه ، مع النص ..

شكرا لك أ. رشيد الميموني لحسن القراءة ولصبرك على الإطالة .. أرجو أن تتقبل مروري

تحياتي وباقات التقدير والاحترام .
توقيع عزة عامر
 توضأ بالرحمة ..واغتسل بالحب.. وصل إنسانا..
عزة عامر
عزة عامر غير متصل   رد مع اقتباس