رد: بينها وبينه (2) .. سؤال وجواب بين عروبة ورشيد
[align=justify]آه يا عروبة ..
وتسألينني عن الحنين . ألا تدرين أن الكلمات لا تطاوع كاتبها إن لم تكن عفوية وتمليها المشاعر بتلقائية ؟ .. ربما كانت هذه الرغبة الدفينة في إيقاظ ذاك الحنين هي صدى لحنين آخر عشش طويلا بين حنايا النفس ومتاهات الوجدان . يغريني حقا أن أنبش في مسامات المشاعر لتطفو من جديد وتنفض عنها غبار السنين رغم ما يكون في ذلك من نكإ للجراح التي تكون قد اندملت ووجدت في الزمن والنسيان بلسما لها وسلوى .
كم هو جميل حنينك وأنت تختارين أمكنة شاعرية ولحنا من أجمل وأفضل الألحان لدي حين كان يترنم بها أمير الأغنية الفرنسية الآتي من ضفاف النورماندي الموغلة في ضباب الصباح وموج الأطلسي الصاخب يعانق صخورها بعنف وكأنه يريد أن يزهو بجبروته ويظهر حبه وعشقه في أقصى تأججهما .
كم هو جميل حنينك وهو يعيد ذكرى الزمان والمكان فيعطيها نكهة خاصة تجعل أوراق الخريف تتساقط متمايلة في زهو ونشوة شبقية رغم مفارقتها لأغصان شهدت ميلادها وواكبت نموها وونضجها ، وكأنها تستدني عناقا آخر في ملامستها لتربة طال اشتياقها لاحتضانها .
هل علمت الآن عروبة كم أشعر بالفرح وأنا أرى الحنين وغير الحنين يستفيق من سبات حرمه من نور الشمس ونسمات الخريف المنعشة ؟ وكم أحس بالنشوة تسري في أوصال القلب والروح والجسد حين أعلم أن كلماتي تغلغلت في قلب طال صمته واجتراره للآلام فلم يعد يرى في الحياة سوى الوجع .. سوى السواد .. بل لم تعد الحياة مرادفا سوى للأنين والنحيب الصامت ؟
في إيقاظي للحنين رغبة في أن أوقظ حنيني أيضا وأعيشه بكل جزئياته . فهو صمام الأمان لكل ما من شأنه أن يكدر النفس ويدفعها للقنوط واليأس بينما الحياة من حولها تعج بكل ما هو جميل .
هل تعلمين عروبة أنني تمنيت لو أن رحلتنا الأخيرة لم تنته ؟ وأني أعد رحلة أخرى تختلف جذريا عن سابقتها في ما لو لمست منك رغبة في القيام بها معي ؟ وان الحنين إليها سرعان ما سيمد جذوره إلى حناياها لتبقى أجمل وأعذب ما قمنا به من رحلات ؟ .. إنه الحنين الغافي تارة والصاحي تارة أخرى فأين المفر ؟
عروبة .. هل تشعرين بنفسك رومانسية على الدوام ؟ أم أن هناك فقط فترات تحسين بها ؟ وما الذي يمكنه أن تمنحك رومانسيتك ؟
[/align]
|