الموضوع
:
أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
عرض مشاركة واحدة
11 / 03 / 2020, 22 : 03 AM
رقم المشاركة : [
7
]
عزة عامر
تكتب الشعر والنثر والخاطرة
بيانات موقعي
اصدار المنتدى
: مصر
رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد الميموني
من بعض ما اتذكره وأنا لا زلت في سن المراهقة أنني كنت أحيانا أستغل تدليل جدتي لي حين أطلب منها شيئا ويكون مبالغا فيه فتقتصر على القليل منه لكني أرفض كل شيء فتظل تناديني واعدة إياي على منحي ذلك مستقبلا .. فأتشبث برفضي حتى وإن انصاعت لرغبتي ومنحتني كل ما أطلب، وأبدي ثورتي واستيائي من حرماني لما طلبته منها .
وأذكر يوما وهي في مرحلة متقدمة من العمر أنها ذهبت لزيارة بعض الجيران في منطقة جبلية بضواحي تطوان ، وحين التقيت ببعض أبناء أولئك الجيران سألته عن جدتي وأبديت له رغبتي في أن تعود قريبا إلينا .. حدثوني بعد ذلك كم فرحت وصارت تفتخر بأن أحفادها لا ينسونها ويشتاقون لها سريعا .
وفي مرة كنا تحتفل بعقيقة ابنة اختي زكانت جدتي لا تستطيع مغادرة منزلنا وصعود السلالم بمنزل أختي ، فما كان مني إلا أن اتيت بسيارة أجرة ، ثم حملتها على ظهري صاعدا بها السلالم وهي تصيح بي محذرة أن أسقط فتسقط معي (ضحكة ممزوجة بدمعة وألم الشوق إليها)
على فكرة .. جدتي قضت بقية عمرها معنا .. فكان ذلك بمثابة كنز تتلألأ جواهره في حنايا المنزل .
ما أجملها من ذكريات .. ذكرتني بجدتي لأبي ، كنت أحبها حبا لا يوصف وكانت تعلم وتشعر بي ، كنت أنظر إليها وأقول في نفسي تلك اللحظة ستكون ذكرى فأدفع نفسي بنفسي ، لأخلق لها طقسا من السعادة وجوا من المرح ، مذكرة نفسي بأنني يوما ما سأكون مثلها ، وأتمنى لو يحنو على كبري وعجزي أحد ، فكنت أجلس جانبها واسند رأسي على كتفها ، وأسألها أن تحكي لي عن طفولتها وزمانها ، كانت دائما تذكر لي مأساتها حين أخرجها والدها من المدرسة الفرنسية هي وشقيقاتها البنات بسبب الحرب ، بينما أكملت قريناتها وعلى رأسهم (سهير القلماوي) دراستها ووصلت ، وكيف كان يؤلمها أنها أنثى لم تحظى بما حظوا أشقائها الذكور بدراستهم في الخارج ، وكم كان حزنها شديدا أنها لم تكن رجلا مثلهم ، لكنها تعود وتواسي نفسها وتقول الحمد لله كبرنا وتعلمنا خير العلم مشيرة إلى علم الدين والقرآن .. كانت تحكي لي أروع القصص التي تحث على فعل الخير ، وحب الغير ، والأمانة ، والتعاون ، ورد الجميل ... وما شابه من زرع القيم والصفات الجميلة .. دون أي توجيه أو أمر أو نهي .. نجحت كثيرا جدتي في إيصال أروع معاني البراءة والنقاء ، ولا أنسى عندما حول لي أبي من مدرستي الخاصة إلى مدرسة حكومية ولم تقبلني أي مدرسة لصغر سني سوى واحدة فقط وكانت تلك المدرسة قريبة نوعا ما من بيت جدتي ، مما اضطر والدي أن يبقيني عند جدتي بعيدة عن أمي لمدة عام ونصف لا أراها سوى أيام العطل فقط وأعود ، وذلك لبعد المسافة بين بيت أمي وبيت جدتي ، أذكر أني عانيت كثيرا تلك الفترة بسبب بعدي عن أمي في سن صغيرة ، لكن حنان جدتي لعب دورا كبيرا في صبري على ذلك الفراق القسري ، أذكر أنني حينما كنت أتذكر أمي وما أكثر الأحيان أبكي بحرقة بيني وبين نفسي مختبئة تحت غطاء ، بطانية ،لحاف أو ما شابه ، كانت تبحث عني وعندما تكتشف بكائي تسألني بلهفة وحنان مالك حبيبتي ، فأستحي أن أبوح بالسر أني أبكي شوقا لأمي ، فأكذب وأدعي أن رأسي تؤلمني أو قلبي أو مغص ، أي شيء غير شوقي الحار لأمي ، فتنتفض من مكانها وتقول لا حبيبتي سلامتك أنا بجهزلك مشروبا دافئا وسوف تصبحين بخير ، وتذهب وتأتي بالمشروب الدافيء ، وتغطيني وتدفئني بين ذراعيها وتقرأ لي القرآن ، حتى أغيب في نوم عميق ويتكرر الموقف على مر الأيام ، وتتحملني وتحنو وتحنو حتى مر عام ونصف العام وعدت إلى أمي مرة أخرى . والبقية تأتي في مشاركات أخرى .
أخي رشيد الميموني شكرا لمشاركتك كم سعدت بها كثيرا خالص التحية والإمتنان .
توقيع
عزة عامر
توضأ بالرحمة ..واغتسل بالحب.. وصل إنسانا..
عزة عامر
عزة عامر
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن كل مشاركات عزة عامر