رد: فنجان قهوة مع خولة السعيد، وحوار صريح.
ردا على سؤال العزيزة الغالية عروبة... حول الأثر الذي خلفه الجد في قلبي..أقول:
أختي؛ جداي معا لم يتركا أثرا في القلب فقط.. وإنما العقل الذي يذكرهما كل مرة جعل القلب لا يغفل حبهما يوما.. وكثيرا ما أحس أني تعلقت بهما أكثر بعد أن فقدتهما.. ربما الشوق أوالحنين ما يجعلني أحس بمثل ذلك.
جدي لوالدي بحكم أنا كنا نعيش معه في نفس البيت.. أسرتي الصغيرة مستقلة ببيت في أعلى عليين ، لذلك ألفت أن تقول لي أمي كل صباح أو مساء وأحيانا صباحا ومساء:
اذهبي لرؤية جدك..
أمي هي من علمتني أن أزور جدي لأبي أن أقَبل عماتي وأعانقهن لأنهن عماتي أخوات أبي حتى لو كانت إحداهن قد أساءت إليها.. فإذا عبرت أنا أو حاولت التعبير مرة عن غضبي من العمة نهرتني أمي ونهتني عن ذلك... فلا أجد إلا جدي أشكو له خفية... كان هو يقدر أمي يحترمها.. أشكو عمتي وأهرب... لأجد جدي يتوعدها معتبرا أمي ابنته التي ليست من صلبه..كان ذلك يزيدني حبا به وتعلقا...لا أنس حين كنت أزوره ..أقبل يديه. وأجلس بقربه فأحس براحة تغمرني.. لا أنس أيضا حين كنت أزوره فيناولني قطعة كبيرة من الجبن المربع أو بعض الحلوى أو خمسة دراهم أو عشرة ... وكذلك كان الأمر خاص بكل حفدته حلوى أودريهمات..كان رحمه الله يرانا فتتلألأ عينيه..
فقدته وفقدت معه نكهة بيت الجد... فمنذ 2006 إلى الآن لا أقدر أن انزل لبيت الجد إلا إذا وجدتني مشتاقة لعماتي أو عمي.. أو بالمناسبات فأحس بقلبي منقبضا وأعود أدراجي إلى بيتنا سريعا..غرفته تبدو لي مظلمة رغم أن أعز عم هو من يسكنها الآن.. تبدو مبعثرة لا حياة فيها... فقدته....
جدي لأمي ربما كنت أحس أني أحب جدي لأبي أكثر منه في فترة ما لكني وجدتني أحبه أكثر من حبي لنفسي .. فقدته ففقدت بعض روحي معه..غاب فعرفت حقا معنى الغياب.. كانت تلك أول مرة ألقاني بالشارع باكية لأصل بيته بسرعة.. لا يهمني أن أقفز على سيارة أو تدهسني حافلة..
أن أصل وكفى..
قبلت جبينه فأحسست ببرودة الموت تسري في عروقي.. عانقت الموت فسرت في جسمي قشعريرة لأبلل الموت بدموعي..
مازال صوته في أذني وهو يردد اسمي قبل مغادرته عالمنا بيومين أو ثلاثة حينما غابت عن ذهنه لحظة كل الأسماء وخالتي بجانبه لا يذكر اسمها فمررت بقربه وسَأَلَتْه: وهذه من تكون: فابتسم مرددا " لالة خولة" ....
كيف لي نسيان هذا الحب..
كيف لي ألا أتعلق به..
كيف لي ألا أذكره...
كنا لأيام بعد مغادرته عالمنا مجتمعين في بيته.. وكم مرة دخلت متناسية أنه قد رحل إلى مكان آخر فأدخل غرفته ولا أجده.. فيحصل لي وكأني لأول مرة أعرف أنه لم يعد معنا..
فليرحمك الله جدي......
غادر جدي في دجنبر 2003ولم يعد لكنه خالد بالفكر والفؤاد
|