عرض مشاركة واحدة
قديم 03 / 04 / 2020, 29 : 02 AM   رقم المشاركة : [4]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: الحب في زمن كوفيد19

ما إن لمح الأستاذ عادل ريم من زجاج نافذة القاعة حتى خرج مهرولا يناديها أن تعالي، وطبعا ريم ستذهب لأستاذها استجابة له وكذلك لأنها لم تسلم عليه بعد مع بداية هذا الموسم، خاصة وأنها لن تدرس عنده هذه السنة أيضا وهي التي تمنت ان يكون هو أستاذها في آخر سنة بالثانوية كما كان في أول سنةلها بها... لكن لم يشإ القدر إلا أن يكون أستاذها مرة واحدة..
وقفت بباب القسم حيث كان واقفا ينتظر قدومها بعد أن ناداها.. قدمت إليه بابتسامتها المعهودة ، سلمت عليه.. ربت على كتفها ودخلا القاعة إلا من تفاطم الواقفة المتأملة لريم المحظوظة بذراع الأستاذ وقد أحاطتها ليدخلا معا القاعة..
وأخيرا استطاع ان يكلم تفاطم:
_مرحبا..كيف الحال؟ كيف وجدت الجامعة؟ اسمك منى أليس كذلك؟
أسئلة لفها في سرعة وكأنه يقول: هيا أجيبي بسرعة وشكرا على الزيارة..لكن تفاطم أحست بالأمر ومع ذلك لم تبالي فشوقها له أفقدها كل حس بالكرامة وعزة النفس لكنها صارت تمقت ريم .. ريم تلك الوديعة التي لم تنو يوما الإساءة لها ولا سمحت لأحد أن يسيء إلى حبها رغم أنها كانت تراه غريبا وتتعجب له..
حاولت تفاطم أن تحافظ على ابتسامتها المزيفة أمامهما وأسرعت ريم تصحح للأستاذ خطأه المفتعل في الاسم حتى لا تربكها أكثر:
_أستاذ إنها فاطمة.. فاطمة التي كانت تدرس مع زينب صديقتي في قسم واحد..
_ آه مع زينب .. وأين زينب الآن؟ ماذا تفعل الآن؟ حاولت ريم ان تتمهل في الإجابة كي تتكلم تفاطم.. وكان ذلك.. لكنها قبل ان ترد على سؤاله وجهت له لوما على تناسيه لاسمها:
_نسيت اسمي سريعا كان المنى لو انك ذكرته.
وترقرقت دمعة بالعين أخفتها سريعا ثم واصلت حديثها:
_على كل زينب بالجامعة أيضا أستاذ بشعبة الدراسات الإسلامية
_ إذن سيكون اللقاء بينكما شبه منعدم .. بلغي لها سلامي ريم
_ مبلغ سلامك أستاذ.. شكرا لك.. حسنا أستاذ اسمح لي بالانصراف الآن.. أود ان أعود للبيت فالدراسة لم تبتدئ بعد..
_إذن اذهبا.. إلى اللقاء..
يا إلهي ما هذا أتحاول ريم أن تتخلص من الموقف الذي وقفته بينهما ويحاول هو أن يتخلص من تفاطم عن طريق ريم؟! تستدرك تفاطم متلعثمة:
_ قدمت فقط من أجل إهدائك ما أرجو أن ينال إعجابك ومصحفا ليحفظك.. وأشكرك على ما أسديته لنا طوال الموسم الدراسي..
قد تكون ريم خجلى في هذه الحالة فهي رغم حبها لجل أساتذتها إلا أنها لم تقدم لأحدهم يوما قلما.. يرد الأستاذ عادل بلطف هذه المرة ولعله أحس بقسوته اللاشعورية معها شاكرا لها صنيعها ويدعو لها بالتوفيق والسعادة..
ومر زمن بعد ذلك لم تر فيه ريم تفاطم ولكن عصفورة ما اخبرتها انها جاءت لزيارة الأستاذ عادل أكثر من مرة تجده حينا فيتعلل بالعمل وأنه لا يستطيع أن يأخذ من وقت الحصة.. ولا تجده في أحايين كثيرة ومع ذلك تحس ببعض الفرح لأنها داست أرضا يدوسها واستنشقت هواء يشمه..
بعد نجاح ريم أيضا والتحاقها كذلك بالجامعة التقت بتفاطم مرتين فقط رغم أنهما ينتميان لنفس الشعبة.. فكأن تفاطم كانت تتجنب تلك التي لم تتركها تقضي لحظة ممتعة مع حبيبها.. لم تتركها تنظر إليه بقلب المحب ولكنها نظرت إليهما معا بقلب غل وحقد للأسف..
فكانت تريد تجنبها لتجنب قساوة تلك اللحظة الأليمة.. ومع ذلك كانت ريم دائما تدعو لها أن يعود قلبها لرشده فتعيش واقعا أفضل..
وكانت أحيانا تخبرها بعض العصفورات أو صديقتها زينب بما جد عن حالها من كآبة وأنها لا تستطيع نسيان ذلك السيد رغم مرور ثلاث سنوات فقد تقدم لخطبتها فلان وعلان ورفضت .. ذاك صائغ ذهب وذا مهندس وذاك وذاك وذاك.. ولكنها لم تفقد الأمل فيمن لم يلمح لها يوما بما يزرع الأمل...
هكذا وانقطعت أخبار تفاطم ولم تعد ريم تسمع عنها شيئا خاصة وأن زينب التي كان بإمكانها أن تحصل على آخر الأنباء قد تزوجت واستقرت بمدينة بعيدة فقطعت عنها تفاطم كل أخبارها..
ما الذي ذكرك بتفاطم ياريم في هذه اللحظة بالذات؟! ريم لم تنس تفاطم بل تذكرها بين الفينة والأخرى وتدعو لها أن تكون بخير وكلما مرت بالحي الذي فيه بيتها استرجعت تلك اللحظة التي ادركت فيها ريم سبب الحال التي سارت عليه هذه الفتاة ...
ريم ياريم أين عصافيرك الآن لتذكر لك الخبر العاجل؟!
فتضيع ريم هذه المرة في ذكريات أخرى ولكن هذه الذكرى تخصها الآن:
تذكرين ريم أيام الطفولة وأنت لم تقطفي بعد زهرة عمرك السادسة..
كنت تجلسين بآخر الصف.. فقد كانت المعلمة دائما تحب أن تجلس بجانبك في نهاية الحصة وهي امام مرآى دفاتركم وكان يروقك ذلك إلا أنك شعرت بالغيظ مرة وقد قدم تلميذ جديد الفصل فأقاموا واحدا من مكانه في أول الصف ليجلس هو كالأمير.. واحتقنت ريم أليس كذلك وحاولت ان تثيري شغبا في القسم بتمثيلك دور " غراندايزر" .. حتى تأتي إليك المعلمة فتوبخك وتعلنين سبب انقلابك وثورتك لكن المعلمة لم تفعل وكانت تضحك لما تقومين به وجاءت لتقبلك.. كم أنت .... يا ريم منذ صغرك؟!!
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس