[خولة السعيد]

احيانا نجد شاعرنا بهذه القصيدة ينتقل من الأسلوب الإنشائي المثير إلى إثارة أخرى بأسلوب خبري يفيد التوكيد ( لأعصينك.. إن الملامة.. إن المعين .. إن القتيل .. إني دعوتك ...) ، والأذن طبعا تأبى الرتابة في الشعر، ولذلك فهي تنتظر المفاجآت والتقلبات، فما أجمل الشعر بهذه المفارقات والتضادات حتى في الأسلوب والخطاب ونظم الكلمات التي يتلقاها السامع أو القارئ للقصيدة آملا أن يجد متعة بها! فمرة بهذا النص نجد إنشاء(نداء، امر، استفهام...) وأخرى نرى خبرا.. ونجد في النص استفهاما إنكاريا يأتي موافقا للتقرير، مقويا لتأثيره، مثيرا لنفس المتلقي(البيت الثالث)، ويلاحظ أيضا ان المتني يتعامل مع الأشياء والمشاعر كأنهاأحياء، فالملامة من الأعداء،والقلب عالم بما به من غيره، والعذل من الأسقام...
فقد كان صاحبنا مفعم الإحساس، مملوءا بالحب الذي سكن قلبه وجعله لا يرى خليلا له غير علي سيف الدولة، فهو يعبر عن حبه له، ثم يمدحه ويمجده..
بتأملنا للنص قد نلحظ انه ينقسم إلى وحدتين شعريتين؛ فالمقطع الأول من البيت الأول إلى الثاني عشر نجد العذل والحب متلازمان إذ يظل العذل تابعا الحب بينما هذا الأخير لا يوليه اهتماما وإنما كلما اشتد العذل كلما ازداد تعلقه بسيف الدولة .
أما من البيت الثالث عشر إلى الثامن عشر فنرى تمجيد ومدح المتنبي للحمداني، ويمكن كذلك القول إن المقطع الشعري الأول يتفرع عنه بنيتين متناقضتين في صراع لتفوز به إحداهما: بنية الحب/ بنية العذل..
وأخيرا فقد كان شاعرنا بارعا في حبه ووصفه ومدحه... وفي اختياره لركوب بحر الكامل الذي هو من البحور الطويلة التي غالبا ما تستعمل لأغراض كالفخر والمدح...
وقد تميزت قصيدة أبي الطيب هذه بقوة الأسلوب، وروعة وصف حاله وقلبه الواله رغم ما يلاقي من عذل، إضافة إلى رصانة التعبير..
(تم)
أنتظر ما يمكن لكم إضافته لإفادة اكثر.. وآمل أن تكون قراءتي للنص قد راقتكم..
إلى اللقاء بانتظار قراءة لقصيدة: أتنكر يا ابن إسحاق إخائي