وجع ثم الم
ورأيتها.. رأيتها تضع وليدها، أحسست بوجعها بآلامها، بدموعها، بتضرعها إلى من خلقها..
كنت أشاهد فيلما وثائقيا عن الجياد رغم أني لم أكن أتابعه بكل اهتمام لانشغالي في أشياء أخرى.. ولأن عادتي أن أغيب بمخيلتي أحيانا فأذهب معها إلى عالم آخر مبتعدة عما أنا فيه...
لكن فجأة أثار انتباهي حديث ذلك الشخص الذي يعلق على الفيلم عن روث الجياد وكيف من خلال تحسسه تستطيع الخيول معرفة أشياء كثيرة جدا.. ثم غبت لحظة لأجد الفرس وقد وضعت وليدها ولكنها تبدو حزينة..نعم كانت كذلك تتأمل الصغير الذي لم يستطع حراكا لأجل رضعة يمكن أن يعيش بها ويمكن أن تقويه.. ودت لو كان بإمكانها أن تنحني عليه... رأيت ذلك فلم أعد أمتلك حاسة غير النظر التي هي بعيني الباكية ألما على مارأت.. لم أعد أسمع ما يقول ذلك المعلق.. بل لم أعرف حتى إذا كان يتكلم ام لا...
منظر مثير ومحزن حقا..لقد غادرها من كان معها فبدوا كأنهم ينادونها كي تلتحق بهم تاركة مهرها الصغير.. اضطرت أخيرا لتركه بعد ابتعاد ما كان معها من خيل لتلحق بهم... مشت بضع خطوات وتوقفت ثم خطوات أخرى.. تتابع سيرها.. ثم تلتفت بألم لتأمل الصغير، وتجري نحوه رغم مازالت تحسه من وجع..تصل إليه فكأنها تترجاه أن يستقيم.. أن ينهض.. أن يقوم.. لكنه لم يستطع.. يحرك ساكنا وآخر إلى أن انقلب إلى جهة لم يحرك بعدها ساكنا.. ياتي ربما الأب مهرولا بعد أن عادت الأم إلى صغيرها.. ينظران إلى المهر الصغير وهو غير قادر على شيء.. يصحب الحصان الفرس ويغادران المكان ملتحقان بالركب... والدموع في القلب غصة.. فسبحان الله..
ومن يقول إن الحيوانات مجرد حيوانات لا تحس ولا تعقل.. ؟!
قد صرت بكماء صماء لما رأيت من عجب... فكيف للقلب ألا يبك بلا عتب ... قد وضعت الفرس مهرها بعد تعب... وتخلت عنه وهي ترقبه عن كثب
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|