رد: رفقة الأمس
ثالثا: الحوار: طغى على النّص الحوار (الدّاخلي) ، فما وجدنا شخوص الحكي تتكلّم أو تتحاور علنا..لم تكن أصواتها مسموعة ! فالصخب أُلغي على المستوى الخارجي..والصراع كان داخليا..في ذات البطلة..أرغمت الكاتبة شخوصها على (الحوار الصامت)..هي التي كانت تتكلّم..فضمير المتكلّم كان طاغيا..وكنّا نحبّذ سماع الحوارات ، والنقاشات بصوت أصحابها..لأنّ الحوار يُفصح عن مستوى المتحاوين ، الاجتماعي والثقافي والفكري، ويغنينا عن السرد أو الوصف ..لم يبدُ لنا (مانويل) صاحب أفكار جنونية ، مثلا ، أو عنادي الطبع ، أو مزاجي الميول ..عرفنا هذا من خلال البطلة..لم ندركه من خلال تصرفّاته أو نقاشاته..ويُعاب على الكاتبة هذا الجانب..فلو تركت الحرية لشخوصها في التحاور لأعطت للحكي قيمته وفائدته..فللحوار الخارجي كما الداخلي دلالاته وقيمته ، الأدبية أو الفنية أو الجمالية..
رابعا: الشخصيات: عدا شخصية البطلة ، ومانويل ، فالشبان الثلاثة وفتاة الثلج ، لم نتبيّن بوضوح دورهم في القصّ..لم يكونوا فاعلين أو متفاعلين ..هي شخصيات ثانوية طبعا ، ولكن لم نفهم سبب إقحامهم في بعض مشاهد النص..حتى أنّ الكاتبة تساءلت عن تواجدهم رفقة مانويل ؟ كانت مجرّد تخمينات وتأويلات منها..؟؟
صفوة القول: رفقة الأمس عمل قصصي لا يُستهان به إبداعيا ، أو كتجربة من قبل صاحبته ! ويبقى ككلّ البدايات، عمل فيه ما فيه من نقائص وله ما له من تميّز في بعض محطاته..غير أنّ الملفت في هذا العمل، وضوح ملامح الكاتبة وأسلوبها ولون قلمها..حققتْ من خلال (رفقة الأمس) شخصيتها ككاتبة..بمحاسنها وعيوبها..لذلك أُكبِر في الأستاذة عروبة جرأتها على عرض نصّها للقراءة والنقد ، كما أُجِلّ فيها قدرتها على خوض تجارب مختلفة في عالم الكتابة ، وأهيب بعشقها للتعلّم قصد التمكّن من أجناس الكتابة وضروب الإبداع..فالأديبة عروبة قلم مستقبلي واعد له بصمته وشخصيته المتميّزة..وما نحن سوى مجرّد قرّاء ، نصدر أحكاما انطباعية أكثر ، بعيدة عن التنظير والتقعير والأكاديمية في النقد والملاحظة..ولا أظنني أعطيت العمل حقّه من الإضاءة والتنوير..ولا أزعم أنني ناقد..فأنا مجرّد قارئ مستمتع ولكن بوعي وموضوعية..فهل أضفتُ إلى هذا العمل الجميل شيئا ؟ الحكم يبقى لصاحبته أولا ولأحبّتي في نور الأدب ثانيا..شكرا للأديبة عروبة على النّصّ ، وللدكتورة رجاء على الدعوة للمشاركة بالرأي ، وشكرا للأستاذة خولة والأستاذة ليلى على المشاركة المفيدة...
تقبّل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال..
|