رد: ملف الخاطرة/عروبة شنكان
3
مدينة صغيرة ترسم قلب العالم!
يتحدث صديقي عن الحرب بعد عودته من ساحاتها الدموية فيقول:"الموت في الساحات الحمراء مأساة، خياري أن أرفع السلاح رغم مايجلبه إطلاق النار من ألم، لكنني على يقين بأنني سأحرر وطني"تصطحبني صورهم اولئك الذين أودعوني دعواتهم بالعودة ومعي قنديل الحرية.
موت في كل مكان، الساعة توقفت عند مشارف المقابر، انفجارات القذائف بين الأقدام، هدير الطائرات وهي تقذف بذخيرتها من السماء كأن المساء ترجمنا وتحتنا الأرض تتحول إلى مساحة ضيقة من اللهب لايوجد مكان نأوي إليه كل الدروب مغلقة وحده وجه محبوبتي يرسم لي من بعيد بصيص أمل بالخلاص.
الأطفال ذوي الأعضاء المبتورة لجانب أكياس القمامة، المنازل المنهارة وقد اندثر تحت ركامها أجمل الذكريات، أصبحت حدثاً يوثق ليزيد من كراهية العدو. لايمكنني وصف مشاهد الاعتقال، والعيون الدامعة، تساءلت إلى أي حد يمكن أن تنهار البشرية إثر التغاضي عن جرائم العنف هؤلاء البشر أليسوا من جلد وعظم، مشهد مرعب أن تحتضن أم ذراع ابنها أو رأسه قبل مغادريت ساحة الحرب كدست في ذاكرتي مشاهد الدمار كم من القساوة تسكن قلوب البشر ضد البشر أولئك الذين يعيشون على سفك الدماء!
كنا في ريعان الشبابا، والقلب ينبض حيوية وحباً كنا نتسابق على الخطوط الأمامية مقتل رفاقنا كان صدمة قاتلة لايوجد مكان نذهب إليه سوى أن نتقدم للصفوف الأمامية والتراجع يعني الانتحار.
تقدم بي العمر ومازلت مصرٌ في كل مرة على أن الحرب كانت خيار خاسر، فقدنا الكثير لكننا اختزلنا مشاعر الحب والسلام في قلوبنا كانت ألهمتنا كلمات العشق، وعلمتنا كيف نعبر عن آلامنا برومانسية فائضة، الحرب علمتني أن أُرافق القلم على الدوام أُدون فيه يومياتها الدامية بحروف ثائرة تحكي لمحبوبتي كيف كانت الطريق إلى مدينتها شائكة وكيف استبدلنا رصاص المدافع بياسمين عريشاتها، أراها تنتظرني ملوحة بمنديلها تستدني هامتي التي اشتاقت عناقها.
|