عرض مشاركة واحدة
قديم 12 / 05 / 2020, 34 : 04 AM   رقم المشاركة : [1]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

حنين وشوق .... حب سرمدي

حنين وشوق:

أمس؛ بعث لي بلال رسالة رغم قصرها، وكلماتها القليلة، إلا أنها هيجت مشاعري، فقد عبر بلبلي عن شوقه، لم يكن من المجدين بالإعدادية التي كنت أدَرّس بها حيث ظل بها خمس سنوات بدل ثلاث، لم أدرسه ربما إلا سنتين؛ ومع ذلك كان كل مرة يطرق باب القاعة 3 ، ويدخل باسما قائلا: " عايني نحبلك على راسك ونخرج" وهو يقصد: " دعيني أقبل رأسك وأخرج" فيقبل رأسي ويمسك يدي رغما عني ليقبلها أيضا، ويقول: إني أحبك ضاحكة دائما.. يراني أحيانا بالساحة، فيأتي مسرعا إلي فقط ليقول: " أستاذة جاتك هاد اللبسة زوينة" " أستاذة الفولار الأحمر تايجيك زوين" ... ويقول لي أيضا: " دخلنا في وقت واحد هذه المؤسسة؛ سنخرج منها في وقت واحد"... وفعلا كان ذلك، فقد قضينا معا خمس سنوات بالمؤسسة.. ما أجمل أن تشعر بحب التلميذ لك سواء كان متميزا في دراسته أم لا ! وإن لم يكن مجدا فحبه يكاد يكون اعترافا بجهدك وتفانيك في عملك كأستاذ...
أرسل لي بالأمس معبرا عن اشتياقه، فأحسست بشوقي لتلامذتي جميعا، أحسست بالحنين للإعدادية حيث كنت، ثم تذكرت تلاميذ هذه السنة بالمؤسسة الجديدة.. لم أقض معهم وقتا طويلا، فبعد أسبوعين من العمل معهم بالفصل الثاني اضطررت لمغادرتهم بعد أن كلفتني المديرية بالعمل في مؤسسة أخرى تاركة قسمين فقط من أقسام الثانية اقتصاد الذين ليست لي علاقة قوية بهم كما الآخرين، لكن هناك أيضا طلبة التقني العالي الذين أتواصل معهم باستمرار إلى اليوم.
أتذكر أن من بين الذين أُخِذوا مني؛ تلاميذ الثانية باك علوم رياضية خيار فرنسية.. كنت أستمتع بالحصة معهم.. كانت تمر الساعة سريعا، وكأننا قلنا فقط: " مرحبا" بابتسامة عريضة تملأنا نشاطا..
كنت قبلا أعتقد أن التلاميذ المتخصصين في العلوم لا اهتمام لهم باللغة العربية، وإن كان هناك من يهتم بها فإن عددهم قليل.. لكن هذا القسم رأيته نموذجيا.. كنت نفسي أتشجع لاكتساب معارف جديدة وأنا أستعد للقائهم..، مرة تأخر بعضهم في القاعة لنقل ما فاتهم من الدرس إذ كانوا منشغلين بالمشاركة..
غادر البقية إلى الحصة الموالية، وظللت أنتظر خروج من لا يزال بالقسم لأني سأغادره أيضا، إذ في ذاك الصباح لا أعمل إلا ثلاث ساعات...
بعد لحظات رجع أولئك الشباب وكانوا سبعة يخبرونني أن أستاذ التربية الإسلامية رفض أن يدخلهم القاعة لحضور الحصة بدعوى أنهم هم من تأخروا عن الحصة.. لم أعرف ماذا أفعل حينها لمساعدتهم.. لأني جديدة بالمؤسسة ولا أعرف كل من يعمل معي فثانوية بحجم " مولاي اسماعيل" لا يمكن أن تعرف كل من بها، وأصلا أكاد أكون شبه غائبة عن قاعة الأساتذة.. فكيف سأتصرف الآن؟
قال أحدهم بصوت منكسر: أستاذة أيمكن أن تطلبي منه أنت إدخالنا؟ وافقت طبعا وأنا لا أعرف كيف سيكون رد فعله..
طرقت الباب ؛ فتح جزءا من الباب كأنه خائف من دخول فأر، رآني "يا للهول، إنه كذاك الحارس العام الذي كلما رآني حسبني تلميذة " اعتذرت له، وبسرعة شرحت له لماذا أنا أقف أمامه، ابتسم ثم فتح الباب كاملا سامحا لأحبابي بالدخول متأسفا، حينها وقف تلاميذ القسم كلهم وجهوا لي تحية كأنهم اتفقوا عليها، وبدأوا يصفقون.. فرحت جدا.. ولم أنتبه إلى أن تلك الحصة سيكون ما بعدها معدودا ليأتي الفراق..
اشتقت لأحبابي..
للقسم متعته حقا، وللعلاقة بين المدرس والمتعلم حب سام لا مثيل له، لا يحسه أي كان..
أحن للقسم ولوجوه باسمة به................

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
خولة السعيد متصل الآن   رد مع اقتباس