عرض مشاركة واحدة
قديم 14 / 05 / 2020, 37 : 05 AM   رقم المشاركة : [13]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: الحب في زمن كوفيد19

لم تكن هذه الرسالة إلا من الصديق الجديد الذي صارت ريم تألف الحديث والتواصل معه، كانت منشغلة بعض الشيء بإعداد العشاء، ولكنها مع ذلك تسرق أجزاء من الثواني للرد على كل رسالة من رسائله، ومادام يشاركها نفس المهنة فقد كان كل حديثهما الليلة عن هذا المستجد؟ ما العمل؟ ما مصير المتعلمين الصغار؟ .... تناقشا في الأمر وقتا ثم أقفلت هاتفها وأكملت ريم ما كانت تقوم به من إعداد للعشاء، وأكمل هو حديثه مع خاله إذ كان ضيفا عنده بعد أن أحس بالملل والوحدة صباحا، فاستقل سيارته وراح يجوب بها الشوارع ، حتى وجد نفسه قد غادر مدينته والطريق تأخذه لمدينة أخرى في صباح هذا اليوم، وما عليه بعد أن أرسل له المدير رسالة تحض على ضرورة لقاء رسمه للغد حتى يتفق كل الأساتذة على ما يحصل إلا أن يعود أدراجه من حيث جاء، لكنه ارتأى ألا يعود ليلا وإنما سيستيقظ باكرا ويذهب، وهذا فعلا ما أخبر به ريم قبل نهاية حديثهما، وهذا حقا ما كان.
في مساء الغد أرسل لها يخبرها بما تم من اتفاق بين الأساتذة والمدير حول متم الموسم الدراسي للمدة التي فرض فيها الحجر الصحي، والمكوث بالمنازل حفاظا على سلامة الحياة..
ترىיִ كيف تعرفت ريم على هذا الصديق الذي صارت تحدثه يوميا أكثر مما تحدث نفسها..؟ ولم فضلت حديثه معها على حديثها مع نفسها؟
لابد أن ريم قد وجدت في التواصل مع هذا الشخص شيئا كانت تبحث عنه في حديثها الدائم مع نفسها... هما لم يلتقيا قط، لكن الفايسبوك كان موطن اللقاء؛ حيث ولجت مؤخرا صفحة فايسبوكية تهتم بالقراءة والكتاب وتشجع على ذلك، كانت في كل مرة تتصفح هذه المجموعة الجديدة فتمر مرور الكرام على المنشورات التي لا تروقها، وتضغط على رموز الإعجاب كلما أحبت نصا أو كلمات ما، وقد تعلق أحيانا، أما علي فهو أحد أعضاء الصفحة وهو من بين الأشخاص أيضا الذين كانت أحيانا تمر على كتاباتهم دون أن تضع تعليقا أو علامة إعجاب خاصة فيما يتعلق بما يسميه شعرا أو قصيدة النثر؛ ليس لأنها لا تحب الشعر، بل لأنها كهذه التي تسرد لكم القصة؛ تعشق الشعر بالوجدان وماهي بشاعرة حتى تصدر عليه أحكاما، لكن تذوقها لجمالية النص هو ما يمكنها من أن تعجب به أم لا، وكانت بإحساس لا تدري مصدره ترى أن علي هذا مغرورا، لا تذكر إن كانت قد علقت على نص له قبل ذاك الذي كتبه شوقا لابنه توفيق المهاجر إلى بلاد غريبة من أجل متابعة الدراسة، لم تجد في النص شاعرية تهز أوتار الوجدان، ولكن الشعور بالكلمات كان مؤثرا، فأن يعبر أب عن شوقه لابنه بكل هذا الحب والألم أمر يهز المشاعر قبل الإيقاع، مما جعلها تسرع بالضغط على رمز القلب معبرة عن حبها للنص ، وبكتابة تعليق تعبر به عن إعجابها وبأنه ذكرها بقصيدة للشاعر نزار قباني قائلة:
" يا سيدي رائعة كلماتك، جعلتني أتذكر لحظة حصولي على شهادة الباك، وكنت أحب أن أتابع دراستي بجامعة في مدينة أخرى، ولكن أبي قال لي: لن أتمكن من فراقك.. ولن أقبل أن تبتعدي بشبر واحد عن هذه المدينة، حيثما أكون أحبك معي.. ووجدت في كلماتك سيدي نزار قباني وهو يرسل قصيدته" إلى الأمير الدمشقي توفيق قباني " إذ يقول:
مكسرة كجفون أبيك هي الكلمات..
ومقصوصة، كجناح أبيك، هي المفردات..
آسفة أستاذ إن كان الموضوع مختلفا ولكن الأب يبدو واحدا"
حينها وبسرعة تلقت ردا منه يشكرها على تعليقها البهي:
" سعيد بهذا التعليق منك ريم، سرتني كلماتك؛ هو فعلا الأب واحد، ولا أخفيك ألمي لفراق ابني الذي لم أتمكن من رؤيته منذ مدة، فعلاقتي به تفوق علاقة الأب بابنه"
أعجبها رده حينها، وبدون أن تحس وجدت نفسها ترد على كلماته كلها بعد ذلك، ويعلق هو بإعجاب على ردها عليه.
كانت تجد متعة في التعليق على كلماته واستقبال رده بعد ذلك، والأعضاء الآخرون هم من يرسمون رموز الإعجاب بكلماتهم، وأحيانا يشاركونهم التعليقات بنفس الخانة، فلا تمل ريم من الرد على كل منهم...
استأنست ريم بهذه الصفحة، وصارت تجدها مصدر بهجة بعدما تنهي عملها بتلك المدرسة الخصوصية التي تنهك قواها اليوم كله وتستنزف منها الجهد والقوة..
وفي مرة، انتبهت إلى أن اسم علي حامد موجود بخانة الرسائل، يبدو أنه بعث لها واحدة، لكنها انشغلت بأشياء أخرى فغاب عنها أن تقرأ الرسالة الواردة...
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس