عرض مشاركة واحدة
قديم 30 / 05 / 2020, 19 : 05 PM   رقم المشاركة : [22]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: الحب في زمن كوفيد19

================================================== =====
صاحبنا زوج ريم دائم الانشغال بهاتفه الخلوي بين يديه ( ميسانجر؛ واتساب؛ فايسبوك؛....) وبنفس الوقت حاكوم التلفاز باليد التي لا تمسك الهاتف؛ تتبادل اليمنى مع اليسرى الأدوار، بل وأحيانا قد يضيف أمامه آلة ثالثة هي الحاسوب، أي نوع من الأعين لديه، حتى تكون أمامه كل هذه الأشعة المؤذية ولا تؤذي عينيه ولا تثقل المخ والبصلة السيسائية...؟
ومع ذلك فلسانه لا ينفك عن اللغو وكثرة الكلام.. وإن حدث فأردت أن تكلمه في موضوع ما كانت تلك الطامة الكبرى التي لن تتخلص منها بسهولة... وبصوت مرتفع أيضا يعلو حتى ترتج له الجدران وتصرخ منه الآذان...
أما "ريم" فلأن مشاهدة الأفلام يوميا تزعجها وتجعلها أكثر عصبية تحاول أن ترضيه فتجلس بجانبه أمام تلك الآلة الجامدة على الحائط والتي لا تصمت مع ذلك إلا إذا صمت صاحبها بنوم أو غياب عن البيت، ريم تحاول إرضاءه وبنفس الوقت إرضاء ذاتها ورغباتها، في أن تنغمس بكتاب ، لكن زوجها يثور غاضبا:
_ أستظل الرواية بين يديك طيلة الليل؟
_ لم أحملها إلا قبل ربع ساعة وربما أقل؛ .... لم أقرأ إلا ثلاثا وعشرين صفحة
_ وهل تريدين قراءتها كاملة بهذه الليلة؟
_ لم لا؟ .. دعني من فضلك بعض الوقت فقط.. ولو أني تمنيت لو أستطيع إكمالها الآن حقا
ثم يرد مستهزئا: _ أكمليها وخذي أخرى بعدها..
فترد باسمة: يا ليتني أستطيع ذلك..
ويزداد الأمر بالنسبة إليه سوءا، فينتزع من بين يديها الرواية بقوة وعنف، ثم بدموع حبيسة في عينيها، تطلب منه أن يعيد لها الرواية لا لتقرأها لكن لتضعها هي في مكانها خوفا من أن يصب عليها غضبه فترمى هنا أو هناك إن لم تصبح أوراقها مرمية بالقمامة بعد تمزيقها..
يرمي بالرواية الضحية لها، فتقبلها كأنها تبوس مصحفا.. ،وتتجنبه حينها. ينتج شيء من النزاع، تفضل الصمت كعادتها، وترى أن النوم أو على الأقل إغماض عينيها سيجعلها تتخلص من رؤيته وسماع صوته ولو لحين، لكنه لا يسكت... ويرجوها أن تسامحها، ثم يخبرها أنه فقط كان يريدها أن تجالسه وتتابع معه الفيلم الذي حمله من اليوتيوب ليشاهداه معا..
يتوسل إليها لتقوم.. وأخيرا تفعل بنفس غير راضية، وقلب حزين...
تجلس معه ثم تقول:
_ ألم نشاهد هذا الفيلم في السنة الماضية عندما كنا في "....." وبالإمارة شاهدناه ليلا وكنت قد أعددت المقرونة للعشاء؟
_ لا أذكر
ثم تسرد له أحداث الفيلم ونهايته.. فيقول:
_ إن كنت لا تريدينه غيرته.
ويضع فيلما آخر، تبدأ بمشاهدته، يسألها إن سبق وتابعاه معا، فتقول: لا. لكنها بمجرد ما تشاهد بعض لقطاته الأولى حتى يجدها تقول له: هذا ما سيحصل وهذا ما سيقع وهذا ما سيكون...
_ أرأيته وحدك من قبل؟
_ لا..
_ ولكنك تعرفين أحداثه
_ كل قصص هذه الأفلام متشابهة.. ألفت هذه الأحداث.
_ ولكن القصة جميلة والموضوع جميل.. المصريون لديهم جرأة في مناقشة مواضيع لا نتناولها نحن المغاربة مثلا.. جرأة سياسية، ومناقشة طابوهات مختلفة.. ومع ذلك أراك كأنك كاتبة السيناريو أو المخرج..
_ ممكن.. أرجو فقط أن تخفض من صوت التلفاز الآن، فالوقت غير مناسب لهذا التلوث الضجيجي المزعج.
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس