رد: الحب في زمن كوفيد19
روتين هذه الحياة، وهذا النمط الممل بالحياة الزوجية التي وجدت ريم نفسها بها فجأة، جعلها تحاول دائما البحث عن السعادة فلا تجدها، وبذلك فهي تصطنعها وتمثلها على نفسها وعلى زوجها، وتحاول أيضا إقناع كل من يعرفها بأنها دائما بخير في عشها؛ لا..هي لم تعتبره عشا ؛ لو كان عشا لاستطاعت أن تخرج منه ثم تعود إليه وهي من ترغب في العودة طائرة محلقة بسعادة، ولكنه قفص سجنت بين جدرانه، وإن كان القفص له قضبان يمكن من خلالها أن ترى من خارجها ويراك ، فإن الجدران تمنعها من ذلك..
بهذه الليلة أيضا؛ عليها أن تجلس بجانب زوجها بعد تناول العشاء، لكنها طبعا لن تتمكن كما أيام سبقت منذ زواجهما من أن تحمل رواية بين يديها إلا إذا خطفت غفلة منه، لم يكن بالبيت، أو هي لم تكن بالبيت... ولذلك صارت هي أيضا تحمل بين يديها ذلك الهاتف الذي ما أحبت ألفته من قبل لعلها الآن تجد فيه مؤنسا، هكذا يوما عن يوما، أصبحت تواظب هي الأخرى على الفايسبوك ، وصارت من أعضاء مجموعة من صفحاته ، وعضوة في مجموعات بالواتساب " هذه تهتم بالفن، وأخرى بالشعر، وثالثة تخص النساء، ورابعة للطرائف والنوادر ، وأخرى للكتابة والكتاب، وسادسة وسابعة......
الغريب أن ريم حين أصبحت تجلس بجانب زوجها وهي تحمل الهاتف لم يكن يغار من الهاتف كما يغار من الكتاب، أ لأنه يعرف أنها لا تبالي بالهاتف بينما هي شغوفة بالورق؟ لكنها أصبحت أيضا لا تكاد تبعد الهاتف عنها..
ريم يا ريم هكذا ظللت من صفحة لصفحة بوسائل التواصل الاجتماعية هذه حتى وجدت نفسك اليوم بجانب زوجك أمام التلفاز وكلاكما بين يديه هاتفه وأنت تخبرينه بأن شخصا من أعضاء صفحة فايسبوكية تنتسبين إليها قد أرسل إليك طلب صداقة... تجلسين بجوار زوجك الذي لم يحرك ساكنا، ها هو منشغل بهاتفه وتلفازه كالعادة؛ ومع ذلك ما زلت تتابعين كلامك:
_ اسمه علي حامد، لديه ابن يدرس الصيدلة بروسيا.. أتحدث إليه الآن على الخاص.. يريد أن يتعرف علي...
فجأة تصمت ريم مادام زوجها لم تسمع منه ردا على ما قالت له، وتنشغل بمواصلة الحديث مع علي بعد أن أخبرته بأنها موافقة على صداقته ومحادثته على الخاص في الليلة الماضية، لتفتح عينيها صباحا على رسالة منه كتب عليها:
سيدتي؛ يسرني هذا التواصل الجميل، الذي قبلت به ، لقد أسعدتني حقا ..أشكرك
وما دمت تحبين البحر فاقبلي مني هذه الصورة هدية مني إليك ومعها باقة ورد عربون شكر وفرح بهذا التواصل...
يا للابتسامة التي ارتسمت على شفتيك ريم وأنت تهمسين بكلمات علي وتتأملين البحر كأنك واقفة أمامه حقا ممسكة بباقة الورد..
والآن أنت تجلسين بجانب زوجك، تفتحين الميسانجر الذي لم تعتادي فتحه من قبل، فتجدين رسالة من علي يسألك أن تعرفيه بنفسك؛ فتخبري زوجك بالأمر، ولا يهتم، ثم بعد حين يسألك أعرفته بنفسك وتردين : نعم فعلت، بعد أن كتبت له:
_ يا سيدي؛ أنا سيدة متزوجة منذ ما يقرب تسع سنوات وعمري يدنو من الخامسة والثلاثين، وأنا كذلك أم إبراهيم...
أعمل كمدرسة في مؤسسة خصوصية، ألقن كل مرة مادة حسب الطلب (ههههه) وحسب المؤسسة التي أشتغل فيها لأني في كل مرة أهرب من ذل وإهانة أصحاب المؤسسة أو المسؤولين لمؤسسة أخرى (ههههه) هل من سؤال آخر؟
وأنت سيدي من تكون؟
ثم تغلقين الفايس دون أن تنتظري ردا من علي حامد..
|