رد: الحب في زمن كوفيد19
وأصبح النهار مشرقا، استيقظت ريم، وأيقظت صغيرها ابراهيم الذي كان نائما بجانبها، بعد أن هيأت الفطور وأعدت حالها للذهاب إلى العمل، حيث يكاد صغيرها لا يفارقها فقد سجلته بداية هذا الموسم كعادتها في المؤسسة التي تعمل بها مدرسة ..
هاهما قد وصلا الآن، قامت هي بواجب الحصص الصباحية الأولى، وحان وقت الاستراحة، ليس دورها اليوم في حراسة التلاميذ بالساحة، ولذلك فهي تفضل البقاء داخل القاعة، تأخذ كتابا لتستمتع به وهي تتلذذ بقطع شوكولاتة أو النقل.. وتفتح النت قبل دق الجرس معلنا نهاية فترة الاستراحة، فتتلقى رسالة حامد:
_ "أنا يا ريم مدرس أيضا ولكني أشتغل منذ سنوات في التعليم العمومي أدرس مادة التربية الاسلامية بالسلك الثانوي.. وكما علمت من قصيدتي السابقة لدي ابن واحد هو توفيق يدرس بروسيا ؛ يحب أن تكون له صيدليته الخاصة مستقبلا، وابنة وحيدة هي مدللة أبيها؛ كانت تحب أن تتابع دراستها أيضا بعيدا عني لكني لم أتحمل ذلك فمنعتها، الآن هي تدرس بكلية العلوم سنة أولى شعبة الرياضيات
أما عن هواياتي فأنا شغوف بكل ما هو فن أدبي عربي.."
كان علي ينتظر ردا من ريم حين كتب لها الجواب عن سؤالها ظنا منه أنها ستواصل الحديث، لكنها لم تفعل، أغلق الميسانجر ثم فتحه عله يجد جوابا، ولم يجد، فأعاد إغلاقه وفجرا عندما استيقظ فتحه وتركه مفتوحا آملا أن يسمع دبدباته معلنة وصول رسالتها، وقد عاد لينام ريثما يحين وقت خروجه للعمل ثم استفاق ولم يتحقق الأمل، حتى قرأت هي رسالته وقت استراحتها وإذا بها تكتب له:
_ تشرفنا سيدي
_ انتظرت ردك على الرسالة أمس، كنت أظن أنك ستنتظرين جواب سؤالك؛ مع أني لم أتأخر في الرد.
_ آسفة أستاذي الكريم، ولكني لا آلف وسائل التواصل الحديثة هذه؛ فمثلما أفتحها سريعا أغلقها سريعا أيضا... وبإمكانك أن تكتب أية رسالة شئت؛ أو تترك أي سؤال ، فأجيبك أنا كلما فتحت...
_ ريم.. أنا أحب أن نتواصل بالوقت نفسه، حتى يكون التواصل فعالا، وقد أسألك مثلا عن شيء أكون في حاجة إلى جوابه بنفس اللحظة..
_ حاضر سيدي؛ لكنك ستسمح لي الآن بالمغادرة، لدي حصة..
ومن جديد، تجعل ريم كلمتها آخر ما تراه، وتغلق الميسانجر، تضع الهاتف جانبا فوق المكتب بوضعيته الصامته كعادتها وهي تغوص في حب صغارها، تلقنهم ما أملته عليها المناهج الدراسية، وتسمح للوقت بأن يمنحها فرصة للابتعاد عن هذه المناهج إلى تلقي دروس أخرى لا يُمل منها.. فتشعر بانقضاء الوقت سريعا.
صحيح أن الأجر الذي تكسبه في نهاية الشهر وتتأخر الإدارة، فلا تمنحه لها إلا عند نهاية الأسبوع الأول من الشهر الموالي لا يكفيها لكثير من مستلزمات الحياة، خاصة وأنها تعتبر أن والديها لهم حق من تلك الماهية البسيطة التي فرضت على نفسها أن تضع لهما قدرا معينا منها كل شهر ما دامت تحصل عليها، لكنها تنسى كل ضغوطات الحياة، وكل قساوة تعيشها وهي مع هؤلاء الأبرياء الصغار الذين ما تزال أعينهم المتوهجة تعرف معنى الحب الحقيقي..، الذين ما يزال من حقهم أن يرددوا :
" تمتع بالطفولة.. تمتع بالحياة.. فموعد الرجولة.. يأتي قبل الأوان " حتى إذا ما خرجت من القسم، وابتعدت عن المتمتعين بطفولتهم صارت كتلك الوردة الحمراء التي تنكمش كلما حل الليل..
|